عطاء القَـبِيْلَة اليمنية
حميد رزق
سَعَتِ الأنظمةُ الحاكمة سابقاً إلَـى تشويه القَـبِيْلَة وتمييع عاداتها وتقاليدِها؛ بغية إضْعَافها وإلحاقها بالحاكم الفاسد، وقد انعكست نتائجُ السياسات السابقة سلباً على أبناء القبائل، فقد حُرموا حقّهم في التعليم والخدمات لحساب قلة منتفعة من مَشَايخَ انتهازيين ونفعيين!.
واقعُ القَـبِيْلَة اليمنية بعد 21 سبتمبر تغيّر بالاتجاه الإيجابي، ويتضح ذلك من خلال الحُضُور والحركة الفاعلة لرجال القبائل في مختلف ساحات النضال والمواجهة مع الأعداء والغزاة.
لقد مثّلت القَـبِيْلَةُ اليمنيةُ وأبناؤها ورجالُها ومَشَايخُها وأعيانُها الأَحْـرَارُ والشرفاء وَجْهَ اليمن المشرق، ولا يخلو يومٌ واحدٌ من وقفات يستعرض فيها رجالُ القَـبِيْلَة قيمَهم ومُـثُـلَـهم في النجدة والوفاء والجاهزية والوعي، ومن خلال تلك الوقفات يطلعُ العالم الخارجي على شيم وأخلاقِ اليمنيين وعاداتهم وتقاليدهم الحميدة التي تعيد الاعتبارَ للإنسان العربي والمسلم الذي طالما تعرَّضَ للإساءة والتشويه داخلياً وخارجياً.
في 21 سبتمبر تأريخ انتصار الثورة اليمنية كان شبابُ ورجالُ القبائل هم طليعة الثورة، وكان لهم الفضلُ بعد الله في إسقاط الفاسدين واللصوص، وها هم اليوم يخوضون معركَةَ الدفاع عن اليمن في مواجهة العدوان السعودي والأَمريكي بأذرُعِه العربية.
ونتيجةَ الدور الكبير والفاعل للقَـبِيْلَة في افشال مخططات العدوان تسعى أَمريكا وأذنابُها إلَـى استهداف رجال القبائل بوسائلَ عديدة، من ضمنها التشويه الإعلامي أَوْ من خلال شراء الذمم والتلويح بالمال الحرام لضعاف النفوس أَوْ من عبر التهديد والقصف واستهداف الشرفاء، ومع ذلك كان ولا يزال صوتُ قبائل اليمن هو الأعلى والأقوى في مختلف الجبهات.
إن صمودَ الشعب اليمني أَمَــام أوسع عدوان عالمي أَمريكي صهيوني لَهو معجزةُ القرن الحادي والعشرين، وفي طليعة ذلك الصمود تتموضَعُ القَـبِيْلَة لنكتشفَ أننا أَمَــام تجربة جديدة وفريدة من تجارب الشعوب العظيمة والكبيرة، تجربةٌ ستُدَرَّسُ في كُتُبِ التأريخ، وستكون ملهِمةً لكل الأَحْـرَار والمستضعفين إلَـى أَن يرثَ الله الأرض ومن عليها كما هو الحال في بقية الثورات والتجارب الإنسانية الاستثنائية.
وبرغم أَن العدوانَ يستخدمُ أقذر الأساليب في حربه على اليمن إلَّا أَن القَـبِيْلَة اليمنية لا تحمل الحقد ولا تؤمن بلُغة الثأر؛ لأنها تعني الشهامة والأصالة والكرم والنجدة والشجاعة والإباء والنقاء والصفاء والإيمان والوفاء وكل القيم التي جاء بها الإسلامُ وتعارفت عليها الإنسانية.
ومَن يفهم القَـبِيْلَة في اليمن غير ذلك فهو إمّا جاهل أَوْ حاقد لا أكثر.. طبعاً الشذوذ والاستثناء لا يمثِّلُ إلَّا أصحابه، ومن الطبيعي وجود ساقطين هنا أَوْ هناك.