قراءةٌ تحليلية لمواقف وتصريحات مراسم تنصيب الرئيس الإيراني “مسعود بزشكيان”

المسيرة | خاص

أكّـد الرئيسُ الإيراني الدكتور “مسعود بزشكيان” أن “القضيةَ الفلسطينيةَ ستكونُ من أولويات حكومته، وأن دعم إيران للشعب الفلسطيني هو واجب إنساني وتكليف إسلامي”، ومشدّدًا على أنَّ “إنهاءَ الاحتلال الصهيوني هو الحلُّ الوحيدُ للقضية الفلسطينية”.

في التفاصيل؛ أثارت كلمة الرئيس الإيراني الجديد في مراسم التنصيب في طهران، عصر الثلاثاء، العديد من التعليقات والتفاعلات، وحظيت بالتغطية الإعلامية الكبيرة وأفردت لها حلقات من النقاشات والتحليلات، صحيفة “المسيرة” بدورها أعدت هذه القراءة في خضم التفاعلات.

كان أبرزها ما أشار إليه قائد الثورة الإسلامية في إيران سماحة السيد علي الخامنئي، مشيداً بكلمة الرئيس “بزشكيان”، ومؤكّـداً على “أنها تدل على التزامه بمبادئ السيادة الدينية الشعبيّة”، وداعياً إلى “دعم الرئيس الجديد وحكومته لتحقيق الأهداف التي عبَّر عنها”.

وفيما رَكَّزت وَسَائلُ الإعلام الإيرانية، على تأكيد الرئيس “بزشكيان” على الوحدة الوطنية والتنمية الشاملة، مشيرة إلى أن “هذه النقاط تعكس رؤية طموحة لمستقبل إيران”.

رأى المحللون السياسيون أن الرئيس “بزشكيان” يسعى لتحقيق توازن بين الإصلاحات الداخلية وتعزيز العلاقات الدولية، خَاصَّة مع الدول الإسلامية؛ مما قد يساهم في تحسين الوضع الاقتصادي والسياسي في البلاد، وبشكلٍ عام، كانت التعليقات إيجابية، مع التركيز على التحديات التي تواجه “بزشكيان” في تنفيذ رؤيته وتحقيق الأهداف التي أعلن عنها.

 

على المستوى المحلي والشأن الداخلي:

أكّـد الرئيس الإيراني الجديد د. “مسعود بزشكيان”، في كلمته خلال مراسم التنصيب، على أهميّة تحقيق التنمية على كافة المستويات، سواء الاقتصادية، العلمية، أَو التقنية؛ بهَدفِ الوصول إلى مرتبة متقدمة في المنطقة.

ودعا “بزشكيان” إلى الوَحدة الوطنية والتضامن بين جميع فئات الشعب الإيراني، ونبذ الفرقة والاختلافات الداخلية، مُشيراً إلى ضرورة إقامة علاقات بناءة ومؤثرة مع دول العالم، مع التركيز على الدول الإسلامية، ومتعهِّداً بالعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية والحريات المشروعة، وحل مشكلات المواطنين ومعاناتهم.

وبحسب مصادر إعلامية محلية فَــإنَّ الرئيس “بزشكيان” سيسعى إلى تشكيل حكومة جديدة تضم وزراء يتوافقون مع رؤيته وأهدافه، ومن المحتمل أن يبدأ في تنفيذ إصلاحات اقتصادية تهدف إلى تحسين الوضع الاقتصادي في البلاد، بما في ذلك تعزيز الصناعات المحلية وجذب الاستثمارات الأجنبية، بعد تحسين العلاقات مع الدول الأُخرى، خَاصَّة الدول الإسلامية، لتعزيز الاستقرار والتعاون الاقتصادي والسياسي.

وكما هو متوقع فَــإنَّ أولى إصلاحات الرئيس “بزشكيان”، ستكون بإطلاق حزمة من المشاريع التنموية الجديدة في مجالات التعليم والصحة والبنية التحتية، ومن المتوقع أن يتخذ خطوات جادة لمكافحة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية، وهذه الخطوات قد تساهم في تحقيق رؤية “بزشكيان” لإيران، ولكن بحسب مراقبين “تنفيذها بنجاح يعتمد على العديد من العوامل الداخلية والخارجية”.

وفيما أكّـد الرئيس “بزشكيان” على “نريد أن يكون لإيران تفاعل بناء وفعال مع العالم على أَسَاس مبادئ الشرف والحكمة والمنفعة”، قال: إنهُ “يتعين على العالم أن يغتنم هذه الفرصة الفريدة لحل المشاكل الإقليمية والعالمية بمشاركة إيران القوية الداعية للسلام”.

كما أشار الرئيس الإيراني إلى أن “سياساتنا الخارجية تعتمد على التقارب مع دول الجوار والوحدة الاقتصادية والسياسية”، وقال: “سنعمل على تعزيز العلاقات الإقليمية والتعاون مع الجميع على أسس الحكمة والمصالح المشتركة”.

بشكلٍ عام، ركز الرئيس “بزشكيان”، على رؤية طموحة لمستقبل إيران، مع التأكيد على الوحدة الوطنية والتعاون الدولي كعناصر أَسَاسية لتحقيق هذه الرؤية.

 

طريق المحور يتجدد تحت سقف وحدة الساحات:

ومن طهران جدّد الرئيس الإيراني الجديد على تجدد طريق المحور الجهادي تحت سقف وحدة الساحات، المناهضة لقوى الهيمنة والاستكبار العالمية، موضحًا بالقول: إن “بلادنا لن تسمح باستمرار الوجود الأجنبي في منطقتنا”، ومؤكّـداً بذلك لما صرح به خلال لقائه مع ممثلي دول وحركات المقاومة من (اليمن والعراق ولبنان وفلسطين والعراق وسوريا).

وقال الدكتور “بزشكيان”: إن “إسرائيل ترتكب جرائم بحق المدنيين ولا نقبل أن تعطينا دروساً في السلام”، ومخاطباً أعداء الإنسانية، “من يدعمون قتلة الأطفال في غزة لا يمكن أن يعطونا دروساً في حقوق الإنسان”، مؤكّـداً، “سنعمل على تخليص الشعب الفلسطيني العزيز من الاحتلال البغيض”.

وبحسب تصريحات الرئيس “بزشكيان” حول قضايا دول المحور، من المتوقع أن تشهد العلاقات توسعاً وأن التنسيق سيستمر بوتيرة عالية وربما أكبر من ذي قبل، وبحسب مراقبين فيما يخص القضية الفلسطينية يتوقع أن تتخذ إيران خطوات ملموسة لدعم الشعب الفلسطيني، وتعمل في الوقت الراهن على زيادة الوعي الجماهيري بالقضية الفلسطينية ومظلومية الشعب الفلسطيني من خلال وسائل الإعلام المختلفة والمنظمات غير الحكومية.

ويرى الكثيرون، أن تزيد إيران من مساعداتها المالية والإنسانية للفلسطينيين، خَاصَّة في غزة والضفة الغربية المحتلّة، كما أنها ستسعى إلى تعزيز التعاون مع الدول الإسلامية الأُخرى لتشكيل جبهة موحدة ضد السياسات الإسرائيلية، من خال تكثيف جهودها الدبلوماسية في المحافل الدولية للدفاع عن حقوق الفلسطينيين.

ويمكن قراءة هذا البعد من خلال تصريح الرئيس “بزشكيان” وإدانته الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على غزة، واصفًا إياها بالإبادة الجماعية، ومؤكّـداً على ضرورة تعزيز الوحدة بين الدول الإسلامية لمواجهة الجرائم الإسرائيلية، وأوضح أن إيران ستعمل على تحقيق وقف إطلاق النار ووقف أعمال القتل في قطاع غزة بالتعاون مع الدول الإسلامية والمجاورة الأُخرى.

 

القضية الفلسطينية في رؤية رئيس الحكومة الـ14:

في الإطار؛ أكّـد رئيس الحكومة الإيرانية الـ14 الدكتور “مسعود بزشكيان” أن القضية الفلسطينية ستكون من أولويات حكومته، مُشيراً إلى أن دعم إيران للشعب الفلسطيني هو واجب إنساني وتكليف إسلامي، ومشدّدًا على أن إنهاء الاحتلال الصهيوني هو الحل الوحيد للقضية الفلسطينية.

وبحسب التوصيف آنف الذكر، وبالإضافة إلى الخطوات التي سبق لإيران أن اتخذتها، لدعم القضية الفلسطينية، يتوقع من هذه الحكومة أن تستمر في تقديم الدعم العسكري لعموم الفصائل الفلسطينية؛ لتعزيز قدراتها الدفاعية، في الوقت الذي ستسعى إلى زيادة الضغط على المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة، لاتِّخاذ إجراءات ضد “إسرائيل”؛ بسَببِ انتهاكات حقوق الإنسان.

وبحسب مراقبين، قد تعمل إيران على تطوير تقنيات جديدة لدعم الفلسطينيين، مثل تحسين البنية التحتية في غزة وتقديم الدعم التكنولوجي للمنظمات الفلسطينية، وتعزز من التعاون الثقافي مع الفلسطينيين من خلال تبادل البرامج الثقافية والفنية والتعليمية لتعزيز الروابط الدينية والثقافية بين الشعبين الشقيقين.

كما أنهُ ومن المتوقع تدعم إيران المبادرات الشعبيّة والمنظمات غير الحكومية التي تعمل على دعم الفلسطينيين وتقديم المساعدات الإنسانية، وتعمل على تعزيز التعاون مع المنظمات الدولية مثل “الأونروا” والصليب الأحمر والهلال الأحمر لتقديم المساعدات الإنسانية الطارئة لأهل غزة.

يُشار إلى أنهُ منذُ بداية (طوفان الأقصى) سعت إيران إلى تنظيم مؤتمرات دولية حول القضية الفلسطينية لجذب انتباه المجتمع الدولي وزيادة الضغط على الكيان، وقدمت الدعم القانوني للفلسطينيين في المحاكم الدولية لمقاضاة الكيان على انتهاكات حقوق الإنسان، كما كان لها حضور متميز في التعاون مع الحركات الشعبيّة في الدول الأُخرى التي تدعم القضية الفلسطينية، مثل حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS).

هذا؛ وأدى الدكتور “مسعود بزشكيان”، عصر الثلاثاء، اليمين الدستورية رئيساً للجمهورية الإسلامية الإيرانية، مؤكّـداً في القسم الذي تلاه أمام رئيس السلطة القضائية أنه سيكون حارساً للإسلام ونظام الجمهورية الإسلامية ودستورها.

حضر مراسم أداء اليمين الدستورية كبار المسؤولين في الجمهورية الإسلامية ومئات الوفود من العديد من دول العالم وتغطية إعلامية محلية وأجنبية واسعة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com