الإمامُ زيد منهجيةُ مقاومة وَانتصارُ مظلومية
أم الحسن أبو طالب
تعود من جديد ذكرى أليمة حزينة في تاريخ أمتنا الإسلامية، وهي ذكرى استشهاد الإمام زيد بن علي -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- الذي أحيا الله به وبثورته الدين والأمّة الإسلامية، وحمى سيفه منهجها من التحريف والضلال، وهذه الذكرى التي هي جزء من مآسي آل محمد عبر التاريخ، وهي أَيْـضاً في ذات الوقت محطة تاريخية مهمة فيها الكثير من الدروس والعبر التي تحتاجها أمتنا للخلاص من الوهن والضعف والذل الذي أصابها.
الإمام زيد -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- ولأنه حليف الذكر كان للقرآن تأثيرٌ كَبيرٌ على منهجه وانطلاقته التي تجلى لنا تأثرها بالقرآن الكريم حين قال: “والله ما يدعني كتاب الله أن أسكت” لنعرف حقيقةً ويقينًا أن كتاب الله هو منهج ثورة على الطغاة وتحرّر من أغلال العبودية، وتحطيم لأصنام الضلال، وليس كتابًا تتلى آياته لحصد الحسنات فقط، وهذا ما بنى عليه الإمام الثائر زيد -عَلَيْـهِ السَّـلَامُ- ثورته المباركة في وجه طواغيت عصره.
ثورة الإمام زيد التي استلهمت الدروس من وحي عاشوراء الحسين، ورتلت ببطولاتها وتضحياتها آياتٍ باهرةٍ لانتصار الدم على السيف، ووضحت أهميّة التحَرّك الجاد والمسؤول في تغيير الواقع المأساوي الذي عاشته أمتنا الإسلامية في ذلك العصر، وحتى يومنا هذا، لتصبح هذه الثورة هي أمل المستضعفين، ونور المستبصرين، وملاذ الهاربين من الظلم والطاغوت ومن جبابرة العصر في كُـلّ مرحلة.
إن ثورة الإمام زيد التي حفظت لنا معالم الدين، وشرعت لنا بشرع الله التحَرّك وفق هدى الله في مقارعة الظالمين والخروج على الحكام المفسدين، لهي أحق بأن تكون عنوانًا ومنارةً تلتف حولها أجيال أمتنا، تلك الأجيال التي عانت ولا زالت من ضعف بنيانها وهشاشة قوتها حتى استهان بها أعداؤها وأصبحت تحت أقدامهم، فماذا لو أصبحت هذه الثورة منهجاً للتحَرّك، وأسوة في الانطلاق، هل كان لهشام أي عصر أن يهنأ في حكمه ويستمر في طغيانه وفجوره، هل كان سيستحكم على رقاب المسلمين من يرضى بذلهم وهوانهم وقتلهم وإبادتهم وهو محسوب على المسلمين؟!
ستبقى ثورة الإمام زيد التي جاءت امتداداً لثورة جده الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب “عليهم سلام الله أجمعين”، منهجًا للمقاومة، وعنواناً لانتصار المظلومية، تلك التي ما عاش أحد في أُمَّـة الإسلام أسوأ منها في عهد الإمام الحسين وحفيده الإمام زيد، لكنها شقت ظلمات القهر وكسرت غرور المجرمين، وأسقطت جبروتهم بـ “هيهات منا الذلة” وبـ “من أحب الحياة عاش ذليلاً” لتبقى ثورة الإمام زيد مخلدة في تاريخ أمجاد الأُمَّــة ما بقي الليل والنهار وعنوانًا لانتصار الدم على السيف تماماً كما كانت ثورة جده الإمام الحسين.