كيانُ الاحتلال الصهيوني خائفٌ يترقَّب.. بانتظار مفاجآت الميدان
المسيرة | خاص
لا تزالُ طبيعةُ الرد على العملية المزدوجة الغادرة لكيان الاحتلال الصهيوني والتي ارتقى فيها القائدان العظيمان الشهيدُ “فؤاد شكر” والشهيدُ “إسماعيل هنية”، تحتل صدارة الاهتمام العالمي.
هذه العملية التي حاول رئيسُ وزراء كيان العدوّ “بنيامين نتنياهو” أن يستعيدَ زِمامَ المبادرة التي فقدها بعد عمليّة (طوفان الأقصى) في الـ7 من أُكتوبر الماضي؛ ساعياً لإطالة أمد الحرب وتوسعتها؛ ليغطّيَ على فشله في تحقيق أهدافه وجرائمه في غزّة.
غير أنها -بحسب مراقبين- جاءت وبالاً عليه وعلى مستقبل كيانه المتهالك، وبات مجتمعه الداخلي يعيش حالة من الخوف والترقب بانتظار مفاجآت السيناريوهات المتوقعة للرد من ميدان الجهاد والمقاومة.
نصف مليون مستوطن نزحوا داخليًّا ومثلُهم غادروا فلسطين المحتلة:
وفقاً لتقاريرَ عبرية؛ وبعد اندلاع شرارة معركة (طوفان الأقصى) وُصف النزوحُ الإسرائيلي بأنه تحوُّلٌ كبيرٌ في الديناميكيات السكانية داخل “إسرائيل”، في تأكيدٍ على أن هناك أكثرَ من نصف مليون مستوطن إسرائيلي نزحوا داخليًّا إلى مناطقَ أكثرَ أمانًا داخل الكيان، خَاصَّةً من المناطق القريبة من قطاع غزة والشمال المحاذي للبنان.
ويعكسُ هذا النزوحُ حالةَ القلق المتزايد بين المستوطنين؛ بسَببِ التوترات الأمنية والاقتصادية، كما أن له تأثيرات كبيرة على مستقبل الكيان في المنطقة؛ فالنزوحُ الكبيرُ للمستوطنين يمكن أن يؤدِّيَ إلى تغييرات ديموغرافية؛ ما يؤثر على التوازن السكاني في المناطق المختلفة.
وبحسب وسائل الإعلام العبرية، فَــإنَّ هذا النزوح شكّل ضغطًا كبيرًا على البنية التحتية والخدمات في المناطق التي تستقبل النازحين، وأثّر سلباً على الاقتصاد الإسرائيلي الذي خسر أكثر من 100 مليار دولار حتى يونيو الفائت، كما أَدَّى إلى انهيار النشاط الاقتصادي في المناطق المتضررة وزيادة في تكاليف إعادة الإعمار وتقديم الخدمات للنازحين، وراكم تباطؤ النمو الاقتصادي وزيادة البطالة.
وخلال الأشهر السابقة لـ (طوفان الأقصى)، أَدَّى النزوح إلى توترات اجتماعية داخل الكيان، وشعر المستوطنون في المناطق المستقبلة بالضغط نتيجة زيادة عدد النازحين، ونجم عنه زيادة في التوترات الاجتماعية والاحتجاجات، وتواجه حكومة الكيان ضغوطاً متزايدة من المعارضة والمجتمع المدني؛ نتيجة التصعيد والنزوح.
ورغم التكتم الشديد إلا أن هذه التوترات برزت لتخلق تغييرات في السياسات الداخلية وحتى في على مستوى القيادة السياسية، وألقت بظلالها على العلاقات بين الكيان والدول الراعية، حَيثُ يرى المستوطنون أن حكومة “نتنياهو” لم تحل الأسباب التي أَدَّت إلى هذه التوترات والمألات، وتسير بهم في طريق مجهول، بعد أن عقَّدت المشهد التفاوضي والجهود الدبلوماسية للتهدئة وتحقيق صفقة التبادل.
بالإضافة إلى النزوح الداخلي، هناك تقارير تشير إلى أن عدداً كَبيراً من المستوطنين الإسرائيليين قد غادروا الكيان بشكلٍ دائم منذ بداية التصعيد الأخير، حَيثُ أفادت تقارير بأن “حوالي 550 ألف إسرائيلي غادروا البلاد منذ أُكتوبر 2023م؛ ما يعكس تحولًا في النزوح من مؤقت إلى دائم، ويعكس القلق العميق بين المستوطنين حول الأمان والاستقرار في الكيان.
“لا تخذلوا المشروع الصهيوني”.. تنامي عقدة الوجود:
في الإطار؛ وعلى خلفية التوتر الأمني داخل الكيان في أعقاب عمليتَي الاغتيال الأخيرة، ارتفعت حدةُ وهواجسُ عقدة الوجود الصهيوني في الأراضي المحتلّة وتحول الخطاب الإسرائيلي من خطاب استقطابي إلى خطاب تثبيتي، حَيثُ تبنت منظمات حكومية وأهلية ودينية الحملات الإعلامية تحت شعار: “لا تغادروا رجاءً.. لا تغادروا..! لا تخذلوا المشروع الصهيوني”.
وبحسب مراقبين، فَــإنَّ هذا يؤكّـدُ تفاقُمَ حالةَ القلق الوجودي وهشاشة العلاقة بين المستوطنين وفكرة المشروع المتخيل الذي جاءوا؛ مِن أجلِه لاحتلال فلسطين واقامت مملكتهم المزعومة، والتي تحاول اليوم الجماعات الصهيونية ترسيخه في داخل الكيان وخارجه ومدّ جسوره إلى المجتمعات المسيحية من منظور ديني.
في الأثناء، سارعت شركاتُ طيران أجنبية بإعلان إلغاء أَو تقليص رحلاتهم الجوية إلى الأراضي المحتلّة، وكانت أولى الشركات التي سارعت إلى إلغاء رحلاتها هي الشركات التي تُسيّر رحلات مُنتظمة، قبل الشركات منخفضة التكلفة، بحسب قناة 12 العبرية.
وبرّرت وزارة المواصلات في كيان العدوّ ما جرى من تعليق، بالقول: إن “بعض شركات الطيران الأجنبية تقوم بتعليق أَو تقليص بعض رحلاتها إلى “إسرائيل” لأسباب داخلية. ويجب على المسافرين أن يأخذوا في الاعتبار أن عودتهم إلى “إسرائيل” قد تتأخّر. يجب على الركاب الوقوف أمام شركات الطيران واطلاعهم على آخر أخبار رحلاتهم”.
وزعمت وزارة المواصلات أنه عقب الإعلان عن الإلغاءات، طلبت وزيرة المواصلات “ميري ريغيف” من وزير الحرب “يوآف غالانت” تخصيص طائرات شحن عسكرية، ستكون جاهزة عند الضرورية لإعادة “الإسرائيليين” إلى الأراضي المحتلّة من المطارات الرئيسية في الخارج إلى مطار بن غوريون”.
معضلة عودة اليهود إلى أُورُوبا:
في هذا السياق؛ لفتت العديد من مراكز الأبحاث الأُورُوبية إلى أن النزوح الإسرائيلي أُورُوبا في حالة اتسع التصعيد في منطقة الشرق الأوسط، قد يؤدي إلى زيادة في نشاط المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية التي تعمل على تقديم المساعدات والدعم للنازحين، ويعزز من دور المجتمع المدني في تقديم الدعم والمساعدة.
لكنها حذرت من أن النزوح يمكن أن يؤدي إلى تغييرات في الثقافة المحلية، حَيثُ يمكن أن تتأثر العادات والتقاليد نتيجة التفاعل مع النازحين من مناطقَ مختلفة، ويؤدِّي إلى تغييراتٍ في الهُــوِيَّة الثقافية للمجتمع، كما يمكن أن يؤديَ إلى تأثيرات بيئية؛ جراء تزايد الضغوط على الموارد الطبيعية في المناطق التي تستقبل النازحين؛ ما يؤدي إلى تدهور البيئة وزيادة في التلوث.
ووفقاً لمراكز أبحاث أُورُوبية؛ فنزوحُ الإسرائيليين إلى أُورُوبا يمكن أن يؤديَ إلى تغييرات ثقافية واجتماعية متعددة، بعضها قد يكون إيجابيًّا والبعض الآخر قد يثير تحدياتٍ ومخاطرَ، وقد يؤدي تدفق عدد كبير من النازحين إلى زيادة التوترات الاجتماعية بين السكان المحليين والنازحين، خَاصَّةً مع تفاقم الاختلافات الثقافية والدينية الكبيرة؛ ما سيزيد من العنصرية والتمييز.
كما أن زيادة عدد السكان بشكل مفاجئ يمكن أن يضعَ ضغطًا كَبيراً على الخدمات العامة مثل الصحة والتعليم والإسكان وغيرها؛ ما سيؤدي إلى نقص الموارد وزيادة التكاليف، وقد يواجه النازحون صعوبةً في العثور على فرص عمل؛ مما يمكن أن يؤدي إلى زيادة في معدلات البطالة والفقر، ويخلق التوترات الاجتماعية والاقتصادية.
كما حذَّرت المراكزُ من أن الطبيعة الدينية لليهود قد تفرضُ تغييراتٍ في الثقافة المحلية، وقد تتأثر العادات والتقاليد المحلية؛ نتيجة التفاعل مع ثقافات جديدة؛ ما سيؤدي إلى شعور بعض السكان المحليين بفقدان هُــوِيَّتهم الثقافية، وهذا سينعكس على القضايا المتعلقة بالنازحين في الانتخابات والسياسات الحكومية؛ ما يزيد التوترات السياسية في البلدان الأُورُوبية.
ولم تُخفِ وسائلُ إعلام أُورُوبية قلقَها من أن نزوحَ اليهود إلى بلدانهم سيسهم بشكل كبير في زيادة التحديات الأمنية، حَيثُ قد تستغل بعضُ الجماعات المعادية لليهود تواجدهم لتنفيذ هجمات انتقامية ضدهم أَو مواجهات بينيه تضاعف من التحديات والمخاطر الأمنية المحلية.
الكيانُ يعيشُ حالةً من الرعب الحرجة:
اتخذ كيانُ العدوّ مجموعةً من الإجراءات لمواجهة أي هجوم محتمل من المقاومة، بعد عمليتَي الاغتيال الأخيرة، وتشمل هذه الإجراءات وضعَ عدد من المستشفيات والمجمعات الطبية الكبرى في حالة تأهب، وتحويل المرائب تحت الأرض إلى غرف وإلى أقسام للطواري لاستقبال المصابين.
كما تشمل الإجراءاتُ التحضيرَ لتحويل بعض أنفاق الطرق خَاصَّة الموجودة بالشمال إلى ملاجئ إذَا اقتضت الضرورة، بالإضافة إلى إخلاء بعض البلدات القريبة من معسكرات الجيش أَو مجمعات صناعية كبيرة.
كما أن حالةَ تأهب قصوى في كافة قطاعات الجيش الإسرائيلي البرية والبحرية والجوية، وإلغاء للإجازات العسكرية والعطل الأسبوعية وتعزيز القوات في كافة المناطق، وتعزيز منظومات الدفاعات الجوية في المناطق الشمالية وفي كافة أجزاء الكيان.
مصادر رسمية إسرائيلية حاولت التخفيفَ من الحديث بخصوص تلك الإجراءات لمنع تفشِّي الذعر في الشارع الإسرائيلي الذي بات يدرك أن الردَّ الإيراني أَو رد حزب الله سيستهدفُ مناطقَ في تل أبيب.
ويعوّل الكيانُ كَثيراً على دور الولايات المتحدة الأمريكية التي تشير المصادر في “تل أبيب” إلى أنها حشدت من القوات ما لم تفعلْه من قبلُ في منطقة محيط البحر الأحمر وبحر العرب والبحر المتوسط؛ وذلك بهَدفِ الحماية إذَا تعرضت لهجوم.
وتعتمد “إسرائيل” على حليفِها الأمريكي والغربي في العمل على بناء ما تسمِّيه الحلفَ الإقليمي مثلما جرى في إبريل الماضي، حَيثُ تصدت الكثير من الدول للصواريخ والمسيّرات التي أطلقتها إيران باتّجاه الكيان.
ويكشفُ موقع “والا” العبري لجمهور الكيان أن الرئيسَ الأمريكي “جو بايدن” قال حرفياً لرئيس وزراء الكيان “نتنياهو”: “إن الولايات المتحدة هذه المرة لن تأتيَ لمساعدتك إذَا كنت أنت السببَ في التصعيد وانفجار حرب شاملة في المنطقة”.