سياسةُ الاغتيالات في فكر العدوّ الصهيوني
عبدالرحمن مطهر
لا شك أن محور المقاومة معني بالرد القوي على كُـلّ تجاوزات الكيان الصهيوني للخطوط الحمراء، وسيكون بالتأكيد الرد قوياً ومزلزلاً، هذا ما يؤكّـده العقل والمنطق والواقع والمعطيات التي أمامنا.
الكيان الصهيوني يسعى بكل قوة للخروج من المأزق الذي وضع نفسه فيه من عدوانه الهمجي والوحشي على قطاع غزة، وذلك بتوريط الولايات المتحدة الأمريكية للدخول في حرب واسعة وشاملة، من خلال انتهاج أُسلُـوب الاغتيالات.
فبعد أكثر من 300 يوم من العدوان الصهيوني على قطاع غزة وحوالي 40 ألف شهيد، معظمهم من الأطفال والنساء، وأكثر من 100 ألف جريح ومصاب، وعشرات الآلاف من النازحين والجياع، وكذلك عشرات الآلاف من البيوت والمنازل المدمّـرة، لم يستطع نتنياهو تحقيق أي هدف من أهدافه التي أعلنها، والتي يأتي من أبرزها القضاء على حركة المقاومة الإسلامية حماس، لسبب بسيط، وهو أن حماس فكرة والفكرة لا تموت، وكلما أغتال العدوّ الصهيوني قائداً جاء بدلاً عنه ألف قائد.
فمنذ تأسيس دولة الاحتلال الصهيوني في فلسطين عام 1948 وحتى عام 2018، نفَّذت أجهزة العدوّ الصهيوني الأمنية أكثر من 2700 عملية اغتيال، وظَّفت خلالها باقة متنوعة من الأدوات التقليدية وغير التقليدية، بداية من معجون الأسنان المسموم وحتى الطائرات بدون طيار والسيارات المفخخة، وفق الرصد الذي أجراه الصحفي الاستقصائي الإسرائيلي رونين بيرغمان وأصدره في كتابه الشهير “انهض واقتل أولاً: التاريخ السري للاغتيالات المستهدفة في إسرائيل”.
ورغم كُـلّ ذلك لم يستطع الاحتلال تحقيق أي انتصار، أَو إزالة حركة المقاومة من الموجود، ولن يستطيع.
من المؤكّـد أن عمليات الاغتيال التي يقوم بها العدوّ الصهيوني ضد قادة ورموز المقاومة، والتي كان آخرها اغتيال القائد المجاهد إسماعيل هنية في طهران، الهدف منها توريط واشنطن في الحرب الشاملة للدفاع عنه، وَأَيْـضاً لتوريط الجمهورية الإسلامية الإيرانية للرد العنيف على اختراق سيادتها، والكيان الصهيوني يعلم علم اليقين أن واشنطن لن ترضى بذلك، لذلك ففرص توسعة الحرب لتشمل كُـلّ دول الإقليم هو ما يسعى له الكيان الصهيوني برئاسة نتنياهو، لإنقاذ نفسه وجيشه من هزيمة حتمية.
مساء الخميس كان هناك خطابان لقائدا محور المقاومة، قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، والسيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني.
السيد عبدالملك أكّـد في خطابه أن الرد على العدوّ الإسرائيلي أمر لا بدّ منه، وأن المتغيرات ستأتي بما يسوء العدوّ الإسرائيلي ويخزي الشامتين، وأن الصراع مع هذا العدوّ حتمي، وزواله محتوم.
وقال إن جريمة استهداف القائد الإسلامي إسماعيل هنية، تأتي في إطار تصعيد واضح بعد عودة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من الولايات المتحدة.
أَيْـضاً السيد نصر الله، خاطب الإسرائيليين بالقول: انتظروا ردَّنا وستبكون كَثيراً.
وذلك في كلمة ألقاها السيد حسن نصر الله، في ختام مراسم تشييع الشهيد، القائد الكبير فؤاد شكر، وقال بأن المقاومة في معركة مفتوحة في كُـلّ الجبهات، ودخلت مرحلةً جديدة”، وأن الأمور تجاوزت مسألة جبهات الإسناد.
وَأَضَـافَ أن المقاومة لم تتفاجأ ولن تتفاجأ بأي ثمن يمكن أن ندفعه في هذه المعركة، وهكذا هم المؤمنون بالقضية.
كذلك قال قائد الثورة في إيران السيد على خامنئي، في بيان عقب استشهاد إسماعيل هنية أن الكيان الصهيوني المجرم والإرهابي وبهذا العمل، قد مهد لإنزال عقاب صارم به، ونرى أن من واجبنا الثأر لدمه الذي استشهد في أراضي الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
لهذا العالم كله يترقب الرد على غطرسة الكيان الصهيوني الذي بالتأكيد يعيش أياماً صعبة، كما أني أتصور أن الرد لن يكون من محور معين بل من مختلف محاور المقاومة، وقد يكون بضربة منسقة أَو ضربات متتابعة، وسيكون هناك عبء على الولايات المتحدة الأمريكية للدفاع عن الكيان الغاصب، أَو تركه لمصيره المجهول، غير أن توسيع رقعة الصراع حسب عديد من المراقبين هو الاحتمال الكبير.