نمذجةُ “القاتل الإمبريالي”.. من إنسانيةِ الصورة إلى قذارةِ المشروع
إبراهيم محمد الهمداني
اعتمدت ماكينةُ الإعلام الإمبريالي، وأبواقُها النفاقية العميلة، على الكثير من أساليب التضليل والخداع والزيف والكذب، عند تقديمِ الغرب الاستعماري، “القاتل الإمبريالي” الهمجي المتوحش، إلى الشعوبِ العربية والإسلامية، في صورةٍ غاية في المثالية والإنسانية، بوصفه صديقًا مخلصًا ودودًا متواضعًا، لم يستنكفْ – رغم علو مكانته – من مصادقة شعوب العالم الثالث، والعمل على انتشالها، من مستنقعات تخلفها، وإلحاقها برَكْبِ مشروعه الحضاري، دفعة واحدة، وَإذَا كانت الشعوب، قد سهّلت مهمةَ الإعلام الإمبريالي، وتواطأت ضمنيًّا مع سياسة حكامها العملاء، في قبول خداع صورة “القاتل المثالي”؛ فلأنها كانت تبحثُ عن أُنموذج حكم مؤسّسي إنساني، لم تجده في أنظمتها الحاكمة، التي سعت – بدورها – إلى إثبات فشل النموذج الإسلامي والنموذج القومي، لتفتحَ أنظار الشعوب على اتساعها، نحو أنموذج الحكم الرأسمالي المادي النفعي، بما يخدمُ مصالح ومشروع القوى الاستعمارية، في صورة مقززة من الانبطاح والخضوع والعمالة، أوصلت الشعوب إلى اليأس المطلق، من احتمالِ صلاح أَو زوال حكامها، وبالتالي عدم جدوى الحلم، بالتغيير نحوَ مستقبل مشرق، لذلك مارست التواطؤ الضمني عمدًا، ضد نفسها؛ مِن أجلِ تسهيل عملية “خداع العقل الجمعي”، وتنفيذ مشاريع الهدم المجتمعي، خطوة بخطوة؛ بهَدفِ تعجيلِ الوصول إلى النهاية، مهما كانت نتائجها كارثية، على وجود واستقرار الكيان البشري، وتداعياتها عالية الخطورة، بحجم التهديدات الكبرى، التي تلحق بنية المجتمع البشري، في أصلِ تكوينها، بعد زرعها بمعطيات المشروع الحداثي الغربي، بوصفه بوابةَ الوصول، إلى المستقبل الحضاري المنشود، عن طريق اجتراح ثقافة الرفض والاختلاف، وتعزيز السلوكيات الأنانية والتسلطية، وتعليب المصلحة الشخصية، والنظرة المادية النفعية، كمبدأ أَسَاس في الحياة.
علاوةً على إشاعة حالة من السخط الشعبي، وتحويله إلى إعصار مدمّـر، في جميع الاتّجاهات، وشحن الوجدان العام، بمشاعر الاستعلاء والحقد والكراهية، ونزعة العداوات والانتقامات البينية، والميل نحو الإجرام والتوحش والبهيمية، وُصُـولاً إلى تشجيعِ حالات التمرد والعصيان، والمجاهَرة بالكفر بالله “سُبحانَه وتعالى”، ونسف كُـلّ الثوابت والمبادئ والقيم والأخلاق، واعتناق مشروع “الحداثة الغربية” نهجًا وعقيدةً، في سبيلِ الوصول إلى المشروع الحضاري الخاص، وتحقيق حلم الخلاص، القادم من الغرب؛ الأمر الذي جعل معظمَ الشعوب، تتحوَّلُ إلى فريسةٍ سهلةٍ بين أنياب النفعية الإمبريالية، والتسلط والطغيان الاستعماري.
لم ولن تكونَ الأنظمةُ الحاكمة، هي سبيلَ الخلاص المنتظر، وإنما التعويلُ على صحوةِ الشعوب، التي بدأت تتنامى يوماً بعد يوم؛ لإسقاط هذا المشروعِ الإمبريالي التسلطي الهدَّام في عُقر داره.