“الميادين” تفضَحُ الأعداء حَــدَّ الخِـزي: الحظر دليلُ الأَثَر
سُندس الأسعد
صادقت حكومة كيان الاحتلال الإسرائيلي على مقترح وزير الاتصالات الصهيوني، شلومو كرعي، الذي يقضي بتجديد حظر شبكة الميادين الإعلامية – شاشةً ومنصّات إلكترونية – ومصادرة المعدّات الخَاصَّة بالمراسلين، فضلًا عن حجب مواقع الإنترنت التابعة لها بلغاتها العربية والإسبانية والإنكليزية، وهو ما قُرِئَ على أنّه إقرار إسرائيلي بنجاح الشبكة في فضح أكاذيب الاحتلال ونقل جرائمه إلى العالم بحيث أثّرت في الشعوب الحرّة ومنحت في الشعب الفلسطيني مساحةً كبيرة للتعبير عن مظلوميّته وعن قناعاته.
وبحسب الإعلام الإسرائيلي، فَــإنَّ الوزير عمل على “إصدار قرار جديد عن الحكومة” بعد إصدار “وجهة نظر مهنية”، من جهاتٍ أمنية وموافقة رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو.
هذه القرارات التعسفيّة مرتبطة بتغطية الشبكة الإعلاميّة لملحمة (طوفان الأقصى) منذ السابع من أُكتوبر 2023، حَيثُ صادق “مجلس الوزراء السياسي الأمني الإسرائيلي المصغر (الكابينت) ” في نوفمبر الماضي على حظر عملها في الأراضي الفلسطينية المحتلّة بعد بيانٍ مشترك لوزير الاتصالات، شلومو كرعي، بحجّـة أنّ الميادين تضرّ بـ “أمن إسرائيل”، ومحاولةً لمنع نشر ما قال وزير أمن الاحتلال، يوآف غالانت، إنّه “دعاية خطرة تبثّها القناة”.
في الشهر ذاته، تعرّضت هناء محاميد، مراسلة الميادين في القدس المحتلّة لتهديد قطعان المستوطنين ضمن حملة ترهيب مُمنهجة.
وفي نهاية أُكتوبر 2023، اقتحمت قوّات الاحتلال الإسرائيلي منزل مدير مكتب الميادين في فلسطين المحتلّة، ناصر اللحام، في بيت لحم. وقامت بتفتيش الغرف ومارست الترهيب بحقّ زوجته، واعتقلت نجليه باسل وباسيل لفترة مؤقتة، حَيثُ تعرضا للضرب بأعقاب البنادق.
حتى ضيوف برامج الميادين كان لهم نصيب من الاعتداءات؛ إذ حاصرت قوات الاحتلال منزل أُستاذ العلاقات الدولية في الجامعة العربية الأميركية، جمال حويل، الذي تلقّى تهديدًا من الاستخبارات الإسرائيلية وهو يتحدّث على الهواء مباشرةً.
أمّا في جنوب لبنان، وبينما كان فريق عمل الميادين ينقل وقائع الاعتداءات الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية – الفلسطينية، في الـ12 من نوفمبر، لاحقت طائرة مسيّرة إسرائيلية سيارة البثّ الخَاصَّة بالقناة.
وفي الشهر ذاته، استهدفت مُسيّرات الاحتلال الإسرائيلي، مراسلة الميادين فرح عمر والمصوّر ربيع المعماري أثناء تغطيتهما للعدوان؛ ما أَدَّى إلى استشهادهما.
علي مرتضى، مراسل الميادين جنوبي لبنان، قال في لحظة استشهاد الشهيدين: “لن يتركوا ساحة الإعلام ولو قُتلنا جميعاً”.
بدوره، رئيس مجلس إدارة شبكة الميادين الإعلامية، غَسَّان بن جِـــدَّو، نعى الشهيدَين فرح عمر والمصوّر ربيع المعماري، بالقول: “طبيعي أن نحزن لهذا الجرح الغائر والعميق، والذي أصابنا في أخوينا. طبيعي أن نصرخ أمام هذا الاحتلال الغادر الجبان، لكننا، في الوقت نفسه، نفخر بأنّنا، كـ وسيلة إعلامية، نقضّ مضاجع هذا الاحتلال. نحن نفخر بأنّ الميادين باتت، بالنسبة إلى الاحتلال، العدوّ الإعلامي اللدود، في المنطقتين العربية والإسلامية”.
في مقابلة، بن جدو كشف لإذاعة النور اللبنانية أنّ العدوّ الإسرائيلي حاول -في أعقاب معركة سيف القدس- استدراجه إلى إحدى الدول “الصديقة لا الحليفة” -كما قال حرفيًا-؛ بهَدفِ اختطافه. كذلك، كشف أنّه في العام 2017 -أثناء وجوده في إحدى الدول الخليجية- تلقى رسالة ترغيب أميركيةً اعترفت إنّ الميادين هي ثالث وسيلة إعلامية -خارج السيطرة الإسرائيلية الأميركية- تؤثر في الرأي العام العربي، منذ نحو نصف قرن.
رئيس مجلس إدارة شبكة الميادين الإعلامية، غسان بن جدو كشف أَيْـضاً أنّ مسؤولاً خليجيًّا “من دولة صديقة” قال له إنّ “الميادين تجاوزت 3 خطوط حُمْرٍ أميركيةً إسرائيليةً؛ لكنّ هناك خطاً أحمر رابعًا يعنينا نحن مباشرةً في العالم العربي، وتحديدًا نحن في الدول الخليجية، وهو نجاحها في تصدير الثقافة الشيعية إلى الرأي العام العربي.. ولن نسمح بتجاوز هذا الخط الأحمر”.
وحين نفى بن جدو نفيًا قاطعًا أنّ تروج القناة للثقافة الشيعية؛ أوضح المسؤول الخليجي أنّ “خطاب الميادين لا يصل على أنّه شيعي بحت، لكنه يخدم ثقافة محور المقاومة بالعمق، لذلك أصبحت الميادين مشكلة”.
ولفت رئيس مجلس إدارة شبكة الميادين الإعلامية، غسان بن جدو إلى أنّ الحظر الإسرائيلي مرتبط بـ “إلحاحٍ ورغبةٍ من دولتين عربيتين؛ الأولى خليجية، والأُخرى غير خليجية..، حَيثُ تجاوز عدد المشاهدين الـ 50 مليون عربيًّا بمن فيهم أكثر من 5 ملايين عربيّ في الولايات المتحدة الأميركية، وهذا مؤشر على قوة تأثيرها في العالم العربي وخارجه”.
يذكر بأن نشأة الميادين كانت مباشرة بعد الأحداث الفتنوية المسماة-زورًا “الربيع العربي”، حَيثُ رفض العديد من الصحافيين المهنيين والمخلصين الضلوع في تأجيج الفتن بين المسلمين كما عملت بعض القنوات الكبرى للأسف.
إذًا الميادين، لم تتراجع يوماً واختارت بوضوح أن تدافع عن قضايا الإنسان المحقّة في العالم بضمير مهني، وحِرفية صحافية، جنبًا إلى جنب مع المقاومة العسكرية فـ”الميادين ليست بناءً، ولا جدراناً، ولا مكاتب، ولا كاميرات. إنّها في العُمق فكرة، رؤية، ثقافة، خيار، ومشروع إعلامي عربي أممي إنساني متكامل، اسمُه الميادين”، يقول رئيس مجلس الإدارة، غَسَّان بن جِدُّو.