نجاحُ “التغيير والبناء” مرهونٌ بمدى استعدادنا للتعاون معها
عبد القوي السباعي
صحيحٌ أن اختيار شخصيةٍ توافُقيةٍ بحجمِ “الرهوي” كانَ مِن أجلِ تعزيزِ المنهج الوَحدوي والشراكة الوطنية، لكنه أَيْـضاً يحظَى بثقة وتقدير القيادة الثورية والسياسية، بل وكل الأوساط الحزبية والشعبيّة؛ لما يمتلك من رُؤَىً وخِبرةٍ سياسية وإدارية كبيرة، ورصيدٍ نضالي هائل في العمل الوطني، والتي على ضوئها تم تكليفُه بتشكيل حكومة “التغيير والبناء” لتنفيذ الإصلاحات الجذرية.
و”التغيير الجذري” لا يعني اجتثاثَ فصيلٍ وإحلال آخر كما يعتقد البعض، بل هو إعادة تنظيم الوزارات وتقليل عددها، بما يحقّق كفاءة الإدارة، ويجسِّدُ قِيَمَ الشفافية والمساءلة، تقودُها لجانٌ رقابيةٌ مستقلَّةٌ تنشُرُ تقاريرَ دوريةً عن الأداء الحكومي وجودته؛ لتعزِّزَ الاستقرار الاقتصادي والأمني والسياسي.
وبالتالي؛ فنحن أمام حكومة جاءت لتنفيذ تغييرات جذرية في هيكل الحكومة والسياسات العامة، في إطار الجهود الرامية لترتيب الوضع الداخلي بكل جوانبه، وفق سياسات جديدة وعملية، بعد اختيار الوزراء والمسؤولين الرئيسيين الذين سيعملون فيها وفق النزاهة والكفاءة والخبرة، وتحديد السياسات والأولويات التي سيعملون عليها.
ومن أجل تحقيق الحياة الكريمة لكل أبناء الشعب، المتوقع من الحكومة الجديدة أن تركز على الاهتمام بالخدمات الأَسَاسية، من خلال تنظيم وإدارة الموارد المحلية، وتعزيز الإنتاج والاستثمار الزراعي والصناعي، وتنمية مهارات القوى العاملة وزيادة فرص العمل، وتحديث البنى التحتية للتعليم، وتوفير برامج تدريبية للشباب.
إذ يأملُ الشعبُ اليمني من هذه التغييرات، أن تحقِّقَ جُملةً من الإصلاحات الاقتصادية، خَاصَّةً في ظلِّ التحديات الكبيرة التي شهدتها اليمن، على مدى عشر سنوات، مثلَ القيام ببرامجَ ملموسة لتطوير النظام الصحي وتوفير الرعاية الصحية للجميع، وتقديم الخدمات الصحية في المناطق الريفية، وتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية للحالات المستعصية.
كما نتوقع من حكومة “التغيير والبناء” تنفيذ سياسات تهدف إلى تعزيز التنمية المستدامة، وتطوير وإدارة الموارد الطبيعية وتشجيع الاستثمار فيها، ودعم الابتكار والتكنولوجيا لتحسين الإنتاجية وتعزيز النمو الاقتصادي، من خلال توفير الدعم للشركات الناشئة، وتشجيع البحث العلمي، وتطوير البنية التحتية الرقمية، غيرها.
أيضاً؛ وعلى الرغم من استمرار النهج العدائي لتحالف العدوان الأمريكي السعوديّ وأدواته، تحاول صنعاء من خلال “التغيير والبناء” تحسين علاقاتها مع بعض الدول الإقليمية والدولية، وقد نشهد تحَرّكات دبلوماسية جديدة في محاولةٍ لإنهاء حالة العداء أَو على الأقل تخفيف حدته، لكن هذا لا يمنع من مشاهدة تغييرات في الاستراتيجيات الأمنية والعسكرية، بما يعزز موقع اليمن دفاعاً أَو هجومًا.
ومن المزمَع في الأيّام القليلة القادمة بمشيئة الله تعالى؛ البدء في تنفيذ جملة من الإصلاحات والتي تم تحديدها في خطة عمل الحكومة الجديدة، كما ستتم متابعة التنفيذ وتقييم النتائج بشكلٍ دوري، من خلال إطلاق حملات توعوية، لتعزيز التواصل مع جماهير الشعب؛ لضمان مشاركتهم ودعمهم لهذه الإصلاحات، وعقد اجتماعات عامة معهم، والاستماع إلى احتياجاتهم ومشاكلهم.
وعليه؛ فَــإنَّ الإعلان عن حكومة “التغيير والبناء” -وكما أرادها السيد القائد- يشير إلى بداية مرحلةٍ جديدةٍ تتضمن تغييرات جذرية في الهيكل والإجراءات، تساهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للشعب، والتي إذَا ما تم تنفيذها بفعالية وكفاءة، ستحقّق استقرارًا كبيرًا وقفزة نوعية، غير أن نجاحَها يعتمد على كيفية تنفيذ هذه الإصلاحات ومدى استعداد وتعاون الأطراف المختلفة في تنفيذها.