مـجـزرة الـفـجـر
زهراء العرجلي
أناسٌ طاهرون، وجَّهوا وجهتهم نحو أرحم الراحمين، جاءوا إليه بروحٍ مكلومة ترتجي الجَبْرَ، وجّهوا مشاعرهم نحوه قبل أجسادهم، وعلى رغم كُـلّ ما يمرون فيه لم ينسوا فرائضَهم، لم يغفلوا عن ما يكون فيه نجاتهم.
تجهزوا لأداء صلاة الفجر، بينما العالم الأحمق غارق في سباته العميق كأنه قد أمنّ على نفسه من عذاب الله.
وجّهوا قلوبهم المكسورة نحو الله ليجبرها، ليخفف عنها آلامها، رفعوا الله أكبر؛ لأَنَّهم يعلمون حقًا أن الله أكبر من كُـلّ كبير، مهما طغت أمريكا و”إسرائيل”، فهناك الكبير العظيم هو من سيداوي جروحهم.
هناك، حَيثُ يوجد المصلون في مدرسة التابعين وحين أداء صلاة الفجر قام العدوّ الصهيوني باستهدافهم بـ3 قنابل تزن كُـلّ واحدة منها 2000 رطل من المتفجرات.
ليشهد قرآن الفجر اختلاط صفحاته بدماء المصلين، لتشهدَ سجاجيدهم احتواءَها للحوم الطاهرين، فُصلت الرؤوس عن الأجساد، وبترت الأيدي والأرجل، جمعت لحومهم في الأكياس، قطع قلب من ما زال حيًا من هول المنظر.
وبعدها يظهر العالم ومن بعد صمت طويل متسابقًا في رفع بيانات إدانات لا شيء يرتجى منها سوى الكذب والتزييف.
أكثر من عشرة أشهر والعدوّ يرتكب أبشع الجرائم ونحن لا نعلم منكم شيئاً سوى إدانات مؤقتة لتدخلوا بعدها في نوم عميق لا صحوة منه إلا حين ارتكاب مجزرة أبشع من سابقاتها، فتظهروا ببيان جديد، وتعيدوا الكرة من جديد ولكن بحقارة أكبر، إداناتكم التافهة لن تجفف الدماء، لن تعيد الأشلاء، لن توقف المجازر.
إن كان هذا كُـلّ ما تستطيعون فعله فالأفضل لكم أن تستمروا بنومكم، لا فائدة من صحوتكم أصلًا، ما الذي يرتجى من قومٍ جُبلت نفوسهم على الخزي والذل!
ثمن نصرة الحق كبير، لكن ثمن التخاذل أكبر، شهداء مجزرة المصلين حرقوا بنار دنيوية، لكنكم ستشوون بنار جهنم الأبدية، هم لا خوف عليهم أبدًا، أما أنتم فبئس ما ستلقونه.
جرائم الإسرائيلي لن تمر مرور الكرام فهناك رب كبير ينصف المظلوم وينتقم من الظالم، هناك سيد عظيم لا يدعه كتاب الله أن يسكت، ومن خلفه محور مجاهد يتعطش لجهاد العدوّ الصهيو أمريكي كما يتعطش الرضيع لثدي أمه.
نحن لن نرفع بيانات إدانة ومن بعدها نلتزم الصمت ونسكت، نحن شعب تربى من أول يوم على أن يكون السبق دائماً للميدان ثم الألسن، فانتظروا الرد وبإذن الله لن يكون إلا رد يزيل كُـلّ متعربد ظالم على وجه الأرض {إِنَّا مِنَ الْـمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ}.