المواقفُ العظيمة لبلادنا أكبر من أن يترجمَها لسانٌ عربي مبين
محمد علي اللوزي
الأحداثُ هي التي تتكلم، المواقفُ العظيمة هي التي تُخَلَّدُ، وهي التي لا تحتاجُ إلى شهادةِ أحد، الموقفُ العظيم أكبر من أن تُمنَحَ له شهادة تقدير.. إنه متجاوز لهذا؛ باعتبَاره مسارًا كريمًا حُــرًّا مبدئيًّا، عنوانُه تقوى الله، فسبر أغواره بيد الله، هو العدلُ المطلِّعُ على الخفايا وما تخفي الصدور. أما أن يتحدث الناس عن موقف تاريخي ويشهدون له بالبطولة والتضحية والمروءة والإنسانية؛ فذلك أمرٌ بكل أهميته لا يرقى إلى مرتبة حيازةِ شرف رضا الله تعالى.
بهذا المعنى الجليل لا تعني اليمن في مواقفه البطولية واستعداده للتضحية والدفاع عن الأقصى والثأر لغزة، أيةُ كلمات ردِّ جميل؛ باعتبَار ما يقدمه واجبًا جهاديًّا مقدَّسًا.
اللاهثون من الماجورين خونة الأُمَّــة وحدهم من يلقون بالًا للدنيوي، ويسعَون إلى من يمنحهم بعضَ شيء ولو كسرة شرف؛ لتكونَ عزاءَهم في خيانتهم التي لا يقوى عليها أحد مثلهم؛ مِن أجلِ ذلك، نرى هؤلاءِ السوائمَ البشرية يغتاظون لكلمة صدق أطلقها (أبو عبيدة) في حق المقاومة السندِ الكبير لمواجهة العدوان مع غزة.
رأيناهم في مواقع التواصل الاجتماعي يستشيطون غيظًا ويحاولون تحريف تصريح (أبي عبيدة) في اتّجاههم بمهانة لم يسبق إليها أحدٌ من العالمين، مثلهم. فتراهم يكيدون للمقاومة في اليمن بعنفوانها وتحديها وشرف جهادها الذي لا يدانيه جهادٌ آخرُ في هذا الظرف تحديدًا.
إنَّ اليمن -بمواقفها العظيمة، وشرعة منهاجها القويم في مواجهة البغي بصليات وصولات- تخزي دهاقنة الساسة من المرجفين والخونة وكتبتهم المأجورين، فتراهم صرعى من إشادة (أبي عبيدة) بينما الجهاديون في اليمن لا يبتغون من وراء ذلك جزاءً ولا شُكُورًا، وإن كانت كلمة أبي عبيدة من باب رد جميل، وتعبيرًا عن حب التحام المقاوم مع المقاوم في طريق جهادي واحد ومبدأ واحد.
ما لا يعرفه الخونة الضاربون في الأرض تلهُّفًا لِشيءٍ يرد إليهم كرامتَهم هو المعنى العميق للكرامة، ولعظمة المواقف والتمسك بالمبادئ. لذلك تراهم حريصين على ما هو دنيوي بائس وهزيل، ويسعَون ما استطاعوا إلى التشكيك في قدرة الجهاديين في يمنِ الشموخ والإباء من كونهم قادرين على فعل جهادي يرقى المستوى قوة اتِّخاذ القرار المعبر عن السيادة الوطنية وروح الانتماء إلى جوهر القضية الفلسطينية. لقد جعلت المواقف الكبيرة لبلادنا خونة البلاد والعباد مذمومين مدحورين يلهثون وراء كرامة لا يقدرون على استعادتها، وقد أهدروها زمنا غير قصير؛ بفعل ارتمائهم في أحضان المتصهينين العرب.. لذلك نجدهم على صفحات التواصل الاجتماعي مذبذبين، مدحورين، مغضوب عليهم من الله ومن كُـلّ أحرار العالم. وإلا ما الذي لدغهم حتى جَنَّ جنونُهم من إشادة (أبي عبيدة) بالمقاومة في اليمن؟! ومحاولاتهم الفجة في لي عنق الحقيقية، فيقولون: إنه كان يقصدهم. وهم غارقون في مستنقع التصهين حتى صاروا أكثرَ ظلاميةً من كُبَراء الصهيونية في موغادتهم وتحريفهم للكتب المنزلة.
لا عجبَ إذن؛ فهذا يولد مُذاك. ولعل الواقع الذي يعيشونه والخزي الذي يلفهم، هو الذي يجعلُ منهم حالاتٍ مهزوزة يصل بها الحال إلى حافة الجنون حين لا تجد شيئاً ولو متواضعا جِـدًّا يمنحها كرامة. نشفق عليهم فعلا وهم يزدادون لؤما ولا يتعظون أَو يستغفرون لذنوبهم الجليلة.
كان الأحرى بهم الصمت والانكفاء على الذات، وَالبقاء في التلعثم والخزي، بدلًا عن سُعارٍ أصابهم في حين يقابل هذا اليمن الشامخ الكبير، الرؤية العظيمة لممكنات التحول إلى ما هو انتصار ساحق. دون النظر إلى الوراء والى طلب شهادة توثيق حالة عظيمة هي أكبر من أن يترجمها لسان عربي مبين، فبلاغة الموقف وعنفوانه يتجاوز أية شهادة، ونحن هنا نرحِّب بإشادة أبي عبيدة ولا نبخسُ كلامَه عن المقاومة، ولكننا نكشفُ زيفَ أدعياء وثلة خونة مأزومين يحثون على رؤوسهم الترابَ؛ لكثرة ما غمرتهم المواقف الخيانية التي تحاول أن تدَّعيَ شرفًا ليست منه في شيء.