غطرسةُ نتنياهو: رحلةُ صعود دامية مدعومة بأُسُسٍ هشّة
د. نجيب علي مناع
تُشكل غطرسة بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الكيان الصهيوني، ظاهرةً مُقلقةً تتحدى القيم الأخلاقية والإنسانية، وتُهدّد السلم والاستقرار في المنطقة. لا يمكن فهم هذه الغطرسة بمعزل عن دوائر النفوذ والتحالفات التي تُشكل شبكة دعم قوية له، وتُوفر له الحصانة من المساءلة والعقاب.
وبالنظر إلى الأسس الهشة التي بناء عليها غطرسته قد نوجزها في عدد من الاسس:
الصهيونية المسيحية تعد من أهم أذرع الدعم السياسي واللوجستي لـ”إسرائيل”، فهي تُقدم لإسرائيل” شرعية دينية وتُبرّر سياستها العدوانية ضد الفلسطينيين. تُؤمن الصهيونية المسيحية حسب اعتقادهم الزائف بوعد الله” للشعب اليهودي بالأرض المقدسة، وتُشكل هذه العقيدة الدينية دافعًا قويًا لدعم “”إسرائيل” و”إسرائيل” فقط.
كما تُشكل “الفيتوهات” الأميركية في مجلس الأمن الدولي حجر زاوية في استراتيجية “إسرائيل” للتملص من المساءلة والعقاب على انتهاكاتها. تُمارس الولايات المتحدة حق “الفيتو” بشكل جائر ومتكرّر لمنع صدور أي قرار يُدين “إسرائيل” أَو يفرض عليها أي عقوبات. هذا الدعم غير المشروط من قبل الولايات المتحدة يُمنح لـ لـ “إسرائيل” شعورًا بالأمن والمنعة، مما يُشجعها على مواصلة سياساتها العدوانية.
الدعم العسكري واللوجستي الهائل. الذي تُقدمة الولايات المتحدة لـ”إسرائيل” من أحدث الأسلحة والتكنولوجيا العسكرية؛ مما يُعزز قدراتها العسكرية ويُمكنها من مواجهة أي مقاومة. هذا الدعم العسكري يُعزز شعور “إسرائيل” بالتفوق العسكري، ويُشجعها على تجاهل حقوق الفلسطينيين ومخالفة القوانين الدولية والإنسانية.
نفوذ لجنة إيباك، تُعد لجنة “إيباك” (لجنة الشؤون العامة الأميركية-الإسرائيلية) من أهم اللوبيات المؤثرة في الولايات المتحدة. تمتلك “إيباك” نفوذًا واسعًا في الكونغرس الأميركي، وتُساهم بشكل كبير في تشكيل السياسات الأميركية تجاه الشرق الأوسط. تُمارس “إيباك” ضغوطًا كبيرة على صانعي القرار في الولايات المتحدة لدعم “إسرائيل” دون قيد أَو شرط.
وفوق هذا وذاك تُعد الانقسامات الداخلية بين الفلسطينيين خَاصَّة بين فصائل المقاومة ومنظمة التحرير من أسباب الضعف في مواجهة “إسرائيل”. يُضعف الانقسام الفلسطيني قدرتهم على التوحد والعمل بشكل جماعي لمواجهة “إسرائيل”. تستغل “إسرائيل” هذه الانقسامات لتقويض قدرة الفلسطينيين على مقاومتها.
إضافة إلى خيانة وتخاذل العرب، حَيثُ لم تقف الدول العربية بشكل جاد وداعم للقضية الفلسطينية، بل إن بعضها انخرط في تحالفات مع “إسرائيل” أَو قدم لها الدعم العسكري والسياسي. تُعزز هذه الخيانة من شعور “إسرائيل” بالتفوق، وتُشجعها على مواصلة سياساتها العدوانية.
فشل وضعف وهشاشة الجامعة العربية، تُعاني جامعة الدول العربية من عدم فعالية، وعدم قدرتها على اتِّخاذ قرارات فعالة لدعم القضية الفلسطينية. تُساهم هذه الفعالية في إضعاف الموقف العربي من “إسرائيل” وتحويلها إلى دولة قوية لا يُمكن مواجهتها.
ركون “إسرائيل” بالتملص والإفلات من العقاب، على جرائمها ضد الإنسانية، وذلك؛ بسَببِ ضعف أَو غياب آليات المحاسبة الدولية الجادة والمحايدة. غياب العدالة الدولية، تُعد العدالة الدولية سلاحًا ذو حدين، لا يُمكن استخدامها بفعالية ضد “إسرائيل”؛ بسَببِ نفوذها القوي في المؤسّسات الدولية.
عجز المؤسّسات الدولية؛ إذ تُعاني المؤسّسات الدولية مثل محكمة الجنايات الدولية من ضعف في الاستقلالية وقلة الفعالية في إنفاذ القانون. تمكّن “إسرائيل” من التملص من المساءلة والعقاب على انتهاكاتها، وذلك؛ بسَببِ غياب الإرادَة الدولية لإدانة سلوكها.
ختامًا، لا يمكن فصل غطرسة نتنياهو عن الدعم السياسي والعسكري الذي تُقدمه له الدول الغربية، وخَاصَّة الولايات المتحدة. تُعزز الصهيونية المسيحية، والفيتوهات الأميركية، وجسور الإمدَاد العسكري، ونفوذ لجنة “إيباك”، الانقسامات الداخلية بين الفلسطينيين، الخيانة العربية، فشل جامعة الدول العربية، الإفلات من العقاب، غياب العدالة الدولية، وعجز المؤسّسات الدولية من شعور “إسرائيل” بالمنعة والتفوق.
يُعدّ هذا الواقع مُقلقًا للغاية، ويُهدّد السلم والأمن في المنطقة. يجب على المجتمع الدولي اتِّخاذ خطوات جادة لإدانة سلوك “إسرائيل” ومحاسبتها على انتهاكاتها، وذلك من خلال الضغط على الولايات المتحدة لتعديل سياساتها تجاه “إسرائيل” وفرض عقوبات على “إسرائيل” لوقف عدوانها.