تشكيلُ الحكومة الجديدة: كفاءةٌ ونزاهةٌ في التغيير الجذري
د. عبدالملك محمد عيسى
في خطوة جريئة تسعى لتحقيق كفاءة أكبر في إدارة الدولة وتعزيز قيم النزاهة، أعلن المجلس السياسي الأعلى عن تشكيل حكومة جديدة تتألف من 22 ما بين رئيس الحكومة ونوابه والوزراء، بعدما كانت تشمل 44 وزارة في التشكيلات السابقة، هذه الخطوة التي جاءت في ظل ظروف استثنائية تمر بها البلاد، تحمل في طياتها العديد من الدلالات والمعاني التي قد يكون لها تأثير عميق على مستقبل اليمن السياسي والاقتصادي.
فهناك أسباب ودوافع اتخذت؛ مِن أجلِ تقليص عدد الوزارات فهي تأتي في إطار الجهود المتواصلة لتعزيز فعالية الحكومة وتحسين أدائها في ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها اليمن؛ فقد أثبتت التجارب السابقة أن تشتيت الموارد بين عدد كبير من الوزارات يؤدي غالبًا إلى ضعف الأداء الحكومي ويخلق حالة من البيروقراطية التي تعيق اتِّخاذ القرارات وتنفيذها.
فتقليص عدد الوزارات إلى 19 وزارة يعكس رغبة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي -حفظه الله- في التركيز على الكفاءات العالية وضمان أن الوزارات القائمة تعمل بكامل طاقتها وكفاءتها، فالهدف الرئيسي من هذه الخطوة هو تحسين جودة الخدمات الحكومية وتعزيز قدرة الحكومة على الاستجابة لمتطلبات الشعب اليمني، خَاصَّة في ظل الوضع الإنساني والاقتصادي الصعب.
فقد اعتمد السيد القائد -حفظه الله- على معايير لاختيار الوزراء من ضمنها الكفاءة والنزاهة، وهي شروط أَسَاسية في الاختيار وهذا ما توحي به الأسماء المختارة؛ فمنذ الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة ركزت القيادة الثورية والسياسية على معيارين أَسَاسيين في اختيار الوزراء: الكفاءة والنزاهة.
هذا يعني أن هناك توجّـهاً ونية واضحة للابتعاد عن المحاصصة السياسية والمناطقية، التي غالبًا ما كانت تعيق العمل الحكومي وتضعف من شرعية الحكومة في نظر الشعب.
فاختيار الوزراء بناء على الكفاءة يعني الاعتماد على أشخاص ذوي خبرة ومعرفة عميقة في مجالاتهم، مما يعزز من فرص تحقيق نجاحات ملموسة في إدارة الملفات الوزارية المختلفة، أما التركيز على النزاهة فيعني الالتزام بمبادئ الشفافية والمساءلة، وهو ما يعد ضرورياً لضمان عدم استغلال المنصب لتحقيق مصالح شخصية أَو حزبية ضيقة.
فالتفاؤل مهم في هذه المرحلة رغم التحديات أمام الحكومة الجديدة فهناك نوايا حسنة والاختيارات مدروسة فالحكومة الجديدة تواجه تحديات كبيرة في تنفيذ رؤيتها وتحقيق أهدافها وهي التغيير والبناء بحسب عنوان هذه الحكومة، فالبيئة السياسية والاقتصادية المعقدة في اليمن، بالإضافة إلى التحديات الأمنية والعدوان المُستمرّ والحصار على هذا الشعب، تشكل عوائق كبيرة أمام تحقيق التغيير المرجو.
من المتوقع أن يكون للخطوات الأولى التي تتخذها الحكومة الجديدة دور كبير في تحديد مسارها ومستقبلها، تحقيق الإنجازات على الأرض في المجالات الاقتصادية، الاجتماعية، والأمنية، سيكون اختبارا حقيقيًّا لمدى نجاح التشكيل الجديد في تلبية تطلعات اليمنيين.
تشكيل حكومة صنعاء الجديدة يأتي كجزء من جهود أكبر لإعادة بناء الدولة وتحقيق الاستقرار في اليمن وإعادة الثقة للمواطنين في السلطة القائمة، والتركيز على الكفاءة والنزاهة في اختيار الوزراء يعكس نية جادة لتحقيق تغيير إيجابي وتحسين أداء الحكومة.
ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر في قدرة الحكومة الجديدة على مواجهة التحديات القائمة وتحقيق إنجازات فعلية تساهم في تحسين حياة المواطنين اليمنيين، وعلى المواطنين التعاون مع الحكومة الجديدة ومساعدتها في عملية التغيير والبناء.
إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.