نصرةُ الحق عز وشرف ونصرة الباطل ظلم وسرف
ق. حسين محمد المهدي
مما لا ريب فيه أن التعاون على البر والتقوى ديانة، وأن المعاونة على الباطل ظلم وخيانة، وبهذا أرشدنا الله في القرآن (وتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ).
فالسعيد من خاف عقاب ربه فأخلص لله في عمله، نافعاً لنفسه ومجتمعه.
والقوي من غلب هواه وأطاع الله فَمَلَك، والشقي من أطاع هواه فهلك.
وقد عم الشعب استبشار كبير بتشكيل حكومة إعمار وبناء، فعسى الله يتحقّق بها للشعب اليمني؛ لاختيارها من أهل العلم والكفاءات، فمن تمام العلم استعماله، ومن تمام العمل استقباله.
فمن استعمل العلم الذي تعلمه فيما يعمل لم يخل من رشاد، ومن استقبل عمله الذي كُلف به بأمانة وهمة ونشاط لم يقصر عن تحقيق المراد.
فليس للعلم الذي تعلمه الإنسان من ثمرة إلا أن يعمل به، وليس للعمل من ثمرة إلا أن ينفع وينتفع به ويثاب ويؤجر عليه؛ فكل عِزٍ لا توطده التقوى فعاقبته مذلة، وكلّ عِلم لا يؤيده الشرع ولا العقل فهو مضلة، وظل الوظيفة وسلطانها زائل فاجعل منه سبباً لا كتساب الفضائل.
إذا كنت في أمر فكن فيه محسنًا
فعما قليل أنت ماض وتاركه
وإنما المرء حديث بعده
فكن حديثًا حسنا لمن وعى
ولقد كان قائد المسيرة القرآنية والصفات الإيمانية والتوجيهات الربانية السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي -حفظه الله- في خطابه يوم الخميس ١١/صفر/١٤٤٦ مصلحاً قديراً، وفي التوجيه بالنصح للناس خبيراً، حَيثُ دعا الحكومة إلى التكامل والتركيز على الوضع الاقتصادي، والعناية بالتوجيه المجتمعي، والإصلاح الإداري، وإنجاز الأعمال بعيدًا عن التعقيد والتطويل، وتوج هذا النصح بالقول السديد، وهو أن على الحكومة أن تتحلى بتقوى الله واستشعار المسؤولية في خدمة الشعب كأعظم قربة إلى الله.
وهو خطاب افتقدته الأُمَّــة الإسلامية في توجيه الساسة لها به منذ زمنٍ طويل.
فالتقوى مشتقة من الوقاية، وهو حفظ الشيء مما يؤذيه ويضره، والتقوى بطبيعتها في العمل تعني اجتناب كلما فيه ضرر بأمور الدين والدنيا، ولو التزمها من كان مكلفاً بأمور الناس لوصل الناس إلى أرقى مراتب العز، واستقامت للناس أمور دينهم ودنياهم، كيف والله سبحانه وتعالى يقول: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا) ولخرج الناس من الغَمِ والمِحَن في الناحية الاقتصادية والسياسة والاجتماعية دليل ذلك قول الحق سبحانه وتعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ) (إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا).
فأهل التقوى قد بشرهم الله بخير الدنيا والآخرة (الَّذِينَ آمَنُوا وكانوا يَتَّقُونَ، لَهُمُ الْبُشْرَى).
ومن هذه البشرى المعونة والنصر (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ).
فقبول الأعمال والتوفيق والصبر والنصر لا يكون إلا مع التقوى، دل على ذلك قول الحق: (وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ…. إلى قوله تعالى: أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ).
لقد كان خطاب السيد قائد المسيرة القرآنية غرة في جبين الدهر، فلئن أخذ بها المعنيون وصلوا بالشعب إلى مبتغاه، ولقد كان لوصفه اعتداء الصهيونية اليهودية على الشعب الفلسطيني ما يحرك الضمائر ويوقظ مشاعر علماء الأُمَّــة الإسلامية الذين تقاعسوا عن نصرة فلسطين والجهر بكلمة الحق أكبر الأثر في النفوس، كيف لا والله سبحانه وتعالى يقول: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ).
إن التخاذل وعدم التناصح والبيان، والاستجابة للقرآن في نصرة الشعب الفلسطيني يؤدي بطبيعته إلى الهلكة والخسران، وفساد الأعمال، والذل والهوان، وصدق الله العظيم، حَيثُ يقول: (إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا، وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً).
العزة لله ورسوله وللمؤمنين، والخزي والهزيمة على الكافرين والمنافقين، ولا نامت أعين الجبناء.