العدوانُ والحصار على بلادنا هو مَن أوصل الأوضاعَ إلى ما هي عليه
محمود المغربي
علينا أَلَّا نفرِطَ في الأمل ونرفعَ من سقف التوقعات وأَلَّا نعتقدَ أن التغييرَ ووجود أشخاص جيدين في الحكومة ومؤسّسات الدولة سَيجعل الأمور تتغيَّرُ بطرفة عين وأن الدولة بثيابها الجديدة تمتلكُ مِصباحَ علاء الدين وسَتجعل المستقبلَ جَنَّةً أَو أن مَن سبق من مسؤولين لم يكونوا جيدين.
وعلينا أن ندركَ أن هُناكَ أسبابًا وعواملَ كثيرة أَدَّت إلى وصول البلاد إلى ما هي عليه اليوم، وأهم تلك الأسباب العدوان على بلادنا وحصار ثماني سنوات، وما لذلك من آثار مدمّـرة على أي بلد حتى لو كان من أغنى الدول، بالإضافة إلى قِلَّةِ الموارد المالية وحرمان الوطن من عائدات النفط والغاز والسياحة وتوقف صادرات الفواكه والخضار إلى خارج الوطن وحتى التحويلات المالية التي كانت تأتي من المغتربين اليمنيين قد انخفضت إلى أقصى حَــدٍّ؛ بسَببِ فتح باب الاستثمار في المملكة السعوديّة وتسهيل ذلك؛ مما دفع بأغلب المغتربين إلى إيقاف التحويلات واستثمار ما لديهم من أموال وحتى أن الكثير منهم قد باع ما يمتلك داخل الوطن وذهب يستثمرُ داخل المملكة وغيرها.
بالإضافة إلى قيام أغلبِ المرتزِقة إلى تحويل ما لديهم من أموال وممتلكات اكتسبوها؛ بفعل الفساد والظلم وبيع الوطن إلى الخارج، وهذا الأمر قد استنزف ما في البلاد من ثروات وعملة صعبة، بالإضافة إلى أن العدوّ قد جعل من الاقتصاد وسياسة التجويع والإفقار ورقة ثانية للعدوان على بلادنا، كما أن بلادنا في الأَسَاس لم تكن جنةً بل كنا في المرتبة الأولى من حَيثُ الفقر والبطالة والجهل والفساد والفشل ونغرق في ثقافة الفساد والفيد ولوْلا ذلك لما خرج الناس بثورة وتبعها بثورة ثانية.
كما أن صمود أبناء الشعب اليمني أمام العدوان وخروجنا منتصرين بعد ثماني سنوات من عدوان عالمي، بالإضافة إلى موقفنا المشرِّف والصادق من أحداث غزة قد زاد من حدة الغضب والحقد على بلادنا ودفع بالجميع إلى استهداف بلادنا وشعبنا بشتى الوسائل القذرة والظالمة وبما لا يخطر على بال أحد، ولا نزال نخوض أقدس معارك البشرية وأكثر إنسانية وعدالة ونواجه طواغيت وشياطين الأرض.
ومن الجيد بل هي معجزة أننا لا نزال نقف على أقدامنا بشموخ وعزة وكرامة وأن سعر الصرف والأسعار ثابتة بفضل الله وحكمة القيادة المؤمنة، وعلينا أن نتذكر أن هناك دولة كبيرة وعملاقة لم تصمد وانهارت في مدة بسيطة مع أنها لم تتعرض لربع ما تعرض إليه وطننا، ولماذا نذهب بعيد وقد وصل سعر كيس القمح إلى خمسين ألف ريال في المناطق المحتلّة من بلادنا والتي قالوا عنها محرّرة ولم تتعرض للحصار والحرب الاقتصادية وتتلقى الدعم الخارجي وكان لها نصيب الأسد من المعونات والمساعدات الدولية وتنشط فيها المنظمات الدولية بشكل كبير والعلبة الفاصوليا إلى 1200 ريال فيما وصل سعر صرف الدولار إلى الفَيْ ريال هذا والعدوّ يحاول ويعمل على كبح الوضع وإبقاء تلك المناطق على حافة الهاوية ومنعها من السقوط في الهاوية حتى لا يظهرَ فشله وحتى لا يظهر للناس وللعالم خبث اجندته وماذا فعل باليمن وإلى أين أوصل أبناءَها، لكنها بالطبع لن يستمر في الإمساك بتلك المناطق لمنعها من السقوط في الهاوية إلى الأبد بل سوف يرخي قبضته في الوقت المناسب ويتركها تقع بمن فيها.
وعلينا أن ندركَ أننا ومهما اعتقدنا أن الوضع سيء وما نعاني لا يقاسُ ولا يمكن مقارنة ما نحن فيه بما كان مخطَّطًا ومُعَدًّا لنا وبلادنا من قبل الخارج، وما كان سوف يحدث إذَا لم يتدخل الأنصار ومن معهم من شرفاء في هذا الوطن لإحباط ذلك السيناريو المرعب والخبيث ومواجهة العدوان على بلادنا، ولو كشف الله لنا الحجاب وجعلنا نشاهد ما كان سيحدث لنا لسجد الجميع حمدًا وشكرًا لله على لطفه بنا وعلى كرمه بهذا القائد “-سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ-” الذي قاد سفينة الوطن في بحر هائج وطقس عنيف وظروف استثنائية يستحيلُ فيها الإبحار والنجاة والوصول إلى بر الأمان، لكنه فعل، وقد أصبحنا نشاهد الساحلَ بالعين المُجَـرّدة ونوشك على الوصول إليه.