عليمي العمالة وسياسةُ الفاصوليا في عقول المنخوليا
بشرى المؤيد
مرت تسع سنوات من العدوان وكان الفرق واضحًا للعيان بين من دافع وناضل وجاهد في سبيل أن يعيش حُرًّا عزيزًا كريمًا وبين من كان حاضنًا مستبشرًا متفائلًا بأن بلاده ستكون مثل دولة كان يتمنى أن يرى بلاده كهذه العاصمة متحضرة ظاهريًّا بمبانيها الزجاجية الشاهقة، ونظافة وترتيب شوارعها، وحسن مظهر ناسها؛ لكن مرت السنوات سريعًا وانكشفت الأمور وَخبايا هذا الاستعمار فما رأوا منهم إلا جوعًا وفقرًا ومرضًا، ونهبًا لثرواتهم وذهبهم، وتراجُعًا للخلف، ومعيشةً في أدنى المستوى؛ فهم خُدِعوا بمظهر الشكل ولم يتمسكوا بجوهر الأصل النقي من بلادهم الذي أتى لمساعدتهم.
يعز علينا أن نرى إخوتنا من الدم واللحم وهم في هذا الحال الصعب والوضع المزري.
يعجز لساننا عن التعبير ويتوقف القلم بين كُـلّ لحظة ولحظة عن كتابة معاناتكم، وبؤسكم، وعوزكم؛ فما نشاهده في مناطقكم المحتلّة يحز في الصدر ويؤلم القلب.
أتوا لكم باسم التطور والتقدم وفي مخالبهم أشواك وأحقاد، وامتصاص ثرواتكم وأخذها من بين أيديكم من دون أن تنبسوا بكلمة واحدة.
ينتابنا أسئلة كثيرة في عقولنا: هل ستستمرون هكذا خاضعين، منكسرين، متذبذبين؛ ليس لكم كلمة حرة تصرخون بها في وجه أعدائكم؟!
لماذا لا تكون لكم مواقف مشرفة أمام الله وتخرجون في كُـلّ مناطقكم مساندين بأبسط شيء وهي الكلمة تصرخون مساندين لأهل فلسطين “فغزه” تناديكم؟ ألستم ممن قال فيهم رسول الله: “أتاكم أهل اليمن هم أرق قلوبًا وألين أفئدة، الإيمان يمان والحكمة يمانية؟ أم تريدون أن تظلون هكذا متجمدين تتحطم أحلامكم أمام أعينكم وأنتم ترون مسؤوليكم لا يطمحون لكم إلا أن تأكلوا “روتي مع الفاصوليا” وهذا إن توفر لكم وحصلتم عليه؟!
أليس هذا ضربًا من الجنون، حين يملك شعبٌ ذهبًا ونفطًا، وتراهم يموتون جوعًا لا يأكلون، وترى الشعب يعيش في كساد وخمول، وترى مسؤوليهم في جمود لا يتحَرّكون، من الراحة في الفنادق متخمين، بأموال شعبهم يعبثون، يبنون ويعلون، ومؤسّسات خارج بلادهم يستثمرون، لقد جعلوا شعبهم محبطين، في حين قبل سنين كانوا متفائلين قال رئيسهم في مقابلة: “سنأتي لكم بمليار بها تتصرفون، تشترون روتي وفاصوليا، تسدون جوعكم وتسكتون، يا للعجب أهكذا تحل قضاياكم ومشاكلكم وطموحاتكم تدفن أمام أعينكم وأنتم ساكتون! ألا تفكرون؟! ألا تتعجبون منهم وتنتقدون!، وتسألون عن حقوقكم منهم وتطالبون، نحن لكم متألمون، نحن بإحساسكم يشعرون، نحن لكم ناصحون كما كنا سابقًا هل تتذكرون؟ حين ناديناكم يا أهل الجنوب وأنتم كنتم تتجاهلون، والآن انتم من مرارة عذاب الاستعمار تتذوقون، هل ستقبلون بهكذا وضع أم أنتم ثائرون؟
أرض اليمن كلها واحدة، وشعبُها كله واحد. لا تصدقوا الأعداء ومن يعمل لصالحهم لا يريدون لكم الخير ويريدون لكم الشر ها أنتم عشتم تحت استعمارهم تسع سنوات ورأيتم بأم أعينكم ماذا فعلوا بكم وبجزرنا اليمنية.
فكّروا في الفرصة؛ فهي ما زالت بين أيديكم فإن لم تقتنصوها ستذهبْ من بين أيديكم؛ فالفرص تمر كالسحاب كما قال الإمام -علي -كرم الله وجهه: (اِنتَهِزُوا فُرَصَ الخَيرِ؛ فَــإنَّها تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ).
أم أن “سياسة الفاصوليا في عقول المنخوليا” والتي لا تهتم بكم وبمعيشتكم والتي أقصى حلولها الجذرية أن تأتي لكم بحلول سطحية مؤقَّتة لا تغني ولا تسمن من جوع. فهذا حقًّا إفلاسٌ في الأفكار وفقر في القلوب والأرواح التي لا تشعر ولا تهتم إلا بنفسها ولا تنظر إلا إلى مستوى قدمَيها.