سقـطت الأجسادُ وبـقي الفـكر
إلـهام الأبيض
يبقى الفكرُ وتبـقى القضيـةُ مَن في سبيلها نخـوضُ المـعاركَ وترتقــي أرواحُ الشــهداء علــى طــريق معـركة الفتـح المـوعود.
دماء قاداتنا وقود النصـر، وسـوف نبـني عـلى تضحياتهم جـسرَ الكــرامة، جـسرٌ محـتواه النـصر والتمكـين.
في حال الصراعات القائمة على أرض الواقع والحروب التي تشب نار الحقد على الدين والقضيــة يتمترس العدوّ الغادر بمتراس الخيانة وسفـك الدماء الطاهرة، وما يزال العدوّ يخـشـى المواجهة لذلك يقوم بأحقر الترتيبات وإخراج سيناريو الإجرام ومسلسل الاغتيالات يوماً بعد يوم.
وكـمَـا هو المعتاد حين يعجز العدوّ عن تحقيق انتصارات في مخيلته يقوم بإعادة نفسه للقيام بجريمـة جديدة في حق القادة العظماء، ويعتقد أنه يحقّق انتصاراً عظيماً لنفسه، لا يعلم أنه يقيم الحرب الكبرى ويشعل النار على نفسه.
حرب عدوانية سُخر لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة، وترسانةٌ مالية إعلامية سياسية عسكرية، تجمعت كلها من عهد فرعون وهامان وقارون، وجاؤوا بخيلهم ورَجِلِهم وبوارجهم، وقضهم وقضيضهم، وأعلنوها -على أرض الزيتون ومسرى رسول الله البلد المدقع القابع تحت الاحتلال- حربًا شوعاء لا تبقي ولا تذر، وفجّروها قنابل، وأنزلوها صواريخ، وأرسلوها طائرات، وصبوها حِممًا على البشر والشجر والحجر.
وبين غمرة الأحداث وصولة المعارك، نار البحار يشتعل أُوارُها بعمليات تنكل بالعدوّ، وبات من العسير عليه أن يخرجَ إلا منزوعَ الروح.
فالشعب اليمني يعزز من وحدةِ المسارِ والمصير بين اليمن وفلسطين، جاعلاً من ساحلِه الطويلِ وإطلالتِه البحريةِ الاستثنائيةِ مِنصةً حربيةً لتشديد الحصار على “إسرائيل”، ولمواجهة البارجات الأمريكية والبريطانية المنتشرة عرض البحر الأحمر.
ما يجري في اليمن من حراكٍ شعبيٍ وعسكري هو طوفانٌ يفيض طوفانًا بعد طوفان، وما عساها أمريكا وقد باغتها اليمنُ في البحر قصفًا بعد قصف أن تفعل إلا الردَّ بغاراتٍ عبثيةٍ تحاول بها تكريس دورِها الآخذِ في التراجع، ظلت تتوهَّمُ أنها زعيمةُ العالم وحارسةُ البحار وليس من أحد يجرؤ على الخروجِ عن طوعِ أمرِها، فخرجها اليمن عن طوعِ أمرها، وأفشلَ مهمتَها وأسقط هيبتَها.
في البحار حرب، وميدانٌ لمواجهة تاريخية لم يشهد التاريخ لها مثيلًا من قبل، والمعاركُ على أشدها.
ومن صنعاءَ إلى أبعدِ مدى، بعد أن أسقطَ اليـمنُ الوصايةَ والأوصياءَ والوكلاء، وأسقطَ مشاريعَهم، وما بين عقدَين من الزمنِ تحوّلات ما ازدادَ اليمانيونَ إلا يقيناً بعدالةِ القضيةِ وصوابيّةِ المشروع، مشروعٍ محاطٍ بالرعايةِ الإلهية، كُتبَ له الغلبةُ والظهورُ والانتصار رغم ما سجنوا وحاربوا رغم ما قتلوا وما دمّـروا؛ ولأنَّ المشروعَ القرآنيَّ مشروعُ بناء، وقوّةٍ وتحرّر ونهضةٍ ومواجهةٍ فإن الملايينَ اليومَ يدعمونَ خِياراتِ قائدِهم بالأمس، وما بين الأمسِ واليوم، دروسٌ وعبرٌ لكلِّ الطُّغاةِ، فاعتبروا وأذعِنوا لخياراتِ اليمنِ قبل أن يجرفَكم غضبُ الله وغضبُ اليمنيين.
“إسرائيل” عدو، وأعراب أمريكا أشد كفرًا ونفاقًا وأكثر حماقةً، وما بين تصعيد إسرائيلي ضد غزة وتصعيد سعوديّ إماراتي متنوع ضد اليمن، تقعدُ أمريكا في قَمْرَةِ القيادة إدارةً وإشرافًا وتحريضًا وتوزيعًا للأدوار بين أدواتها.
في مرحلةٍ لا التباسَ فيها ولا غموضَ؛ تقوم دول محور المقاومة بالعزم والتصميم لتحمل مسؤولية مواصلة معركة التحرير والفتح الموعود في خوضِ أخطر حربٍ تحرّريةٍ عرفتها البشرية، إنها حربُ تحريرِ فلسطين كُـلّ فلسطين، وما إسنادُ غزةَ إلا معركةٌ نحو الفتح الموعود.