التغيير.. ماذا يعني؟ وكيف؟

نصر الرويشان

من الصعب أن يتم تغييرُ الجميع بما فيهم من كان كُفُؤًا في عمله!! فهذه استراتيجيةٌ خاطئةٌ وغيرُ منطقية..

الخلل لا يقتصر على الأفراد فقط، لكن يمتد إلى الأنظمة والقوانين واللوائح والهياكل التنظيمية التي تشكّل عبئًا كَبيرًا على كاهل أي تغيير أَو تصحيح أي مسار، خَاصَّةً في ظل عدم وجود رؤية واضحة وأهداف موضوعية واقعية يسعى الجميع إلى تحقيقها.

الخلل يكمن في الثقافة التنظيمية التي ينشأ عليها الأفرادُ والقياداتُ الإدارية بالدولة..

أضف إلى ذلك تلك الظاهرةَ المجتمعية البغيضة التي ترى في المال العام وسيلةً للكسب غير المشروع وتعظيم الثروات الذاتية.

الخلل في التركيز على المصالح الذاتية وتحقيق المكاسب الشخصية من خلال الكسب غير المشروع.

الخلل في إهمال المصلحة العامة والاختيار والتقييم على أُسُسٍ ومعاييرَ ضيقة ذاتية شخصية أَو مناطقية أَو حزبية.

الخلل في الركون إلى المتسلقين ومن يجيدون الكذب واللف والدوران ومحاربة ذوي الصدق والوضوح..

الخلل في عدم وجود الانتماء لهذا الوطن ومحبته؛ لهذا نجد أن الوطن لا يمثّل أي اهتمام لديهم؛ فلهذا نجد الولاء للخارج وخيانة الوطن ونلمس العمالة والارتزاق ونجد من ينهب ويسرق الثروات ويسعى إلى زعزعة الأمن والاستقرار.

الخلل في عدم احترام القانون والنظام وتفشّي الوساطة والمحسوبية والشللية والمناطقية.

الوطن لدى البعض ينحصر في حدود معينة لا يتعداها كالأسرة أَو القرية أَو المنطقة أَو المديرية أَو القبيلة أَو المدينة أَو المحافظة أَو الحزب أَو المذهب!

الخلل في أننا نخاف من حكام أَو ذوي سلطة أَو سطوة هم في النهاية عبيد لا يملكون ضرًّا أَو نفعًا ولا حياة أَو نشورًا، ولا نخاف الخالق الذي ليس كمثله شيء.

الخلل في أن هدف البعض دنيوي والآخرة آخرُ اهتماماته..

فلهذا.. الخللُ الكبير لا يمكن معالجته من خلال التركيز على جزئية معينة فقط أَو الاهتمام بشيء وَإهمال شيء آخر أَو جزئية أُخرى.

التغيير لا تكونُ مسؤوليتُه على الفرد وحدَه أَو الدولة وحدها.

التغيير لا يأتي بقوة القانون فقط بل بقناعة تامة من كُـلّ أفراد ومكونات المجتمع.

التغيير لا يكون ردةَ فعل لحدث معيَّن، بل هو منهجٌ وتوجّـهٌ عام وهدفٌ رئيسي للبناء والتطوير.

التغيير يأتي من تغيير الفرد لذاته ولأُسلُـوب حياته ولأهدافه واستراتيجيته.

هذا هو التغيير الذي ننشده ونسعى إليه.

تغييرٌ يحقّق العدل والمساواة.

تغييرٌ يرسي النظام ويسود به القانون ويحكم بما أنزله الله في كتابه.

تغييرٌ يبني أمة ويبني حضارة ويرتقي بالأمة إلى الأفضل..

تغييرٌ يهدفُ إلى التطوير وبناء الإنسان وتنمية القدرات وامتلاك الإمْكَانات.

تغييرٌ يحترم العِلم والمتعلمين ويفسحُ لهم المجال ليبنوا مجدَ هذه الأمة؛ لتسود بين الأمم فتكون في مصافِّ الدول المتقدمة المنتجة والمعتمدة على ذاتها.

التغيير الذي ننشده هو أن نشجِّعَ الاستثمارَ ونبني المصانعَ ونمتلك الصناعات وننمي الزراعة.

التغيير الذي يجعل من الطالب باحثًا وَمخترعًا وعبقريًّا يحقّق إضافةً نوعية لهذا الوطن.

التغيير الذي ننشده سلوكٌ حضاري واضح نلمسُه في الفكر وفي الحوار وفي احترام الآخر.

لا نريد التغيير الذي ينحصر فقط على أفراد أَو ثقافة أَو فكر أَو سياسة معينة.

نريد التغيير الشامل الكامل النوعي الذي يُبنى على دراسة وإلمام ووعي وقناعة.

تغييرٌ يحقّق الأفضلَ ويتحوَّلُ من الأقوال إلى الأفعال.

لقد تغيَّرَ واقعُ كثيرٍ من الشعوب والدول والأنظمة؛ بسَببِ وجود الهدف والطموح والإرادَة والعزيمة والعمل الدؤوب.

فكانت النتائج مُرضية ومذهلة وغير متوقعة وقد كان من قبلُ واقعُ تلك الدول التي نجحت في التغيير مأساويًّا وسوداويًّا معتمًا.

لن يكون التغيير إلا بإرادَة حقيقية وقناعةٍ كاملة وتعاون الجميع ولن يكون في ليلة وضحاها ولن يتحقّق دون عمل وجِدٍّ واجتهاد وتفانٍ وإخلاص.

فلنتحملِ المسؤولية، ولنتناسَ الخلافاتِ، ولنجعَلْ مصلحةَ الشعب قبلَ كُـلّ شيء وفوق كُـلّ مصلحة وَاعتبار.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com