كيف عملت أمريكا وجواسيسُها على استهداف ثورة 2011؟
المسيرة – صنعاء
نشرت الأجهزةُ الأمنيةُ، السبت، سلسلةً جديدةً من اعترافات خلية التجسُّس الأمريكية الإسرائيلية، التي كانت تعملُ داخل صنعاءَ لصالح واشنطن، في حين أظهرت الاعترافاتُ جوانبَ الاستهداف الأمريكي للثورة الشبابية في عام 2011، والواقع السياسي اليمني من خلال الاستقطاب للقيادات تلك الثورة وتقديم الدعم لهم؛ بهَدفِ السيطرة على القرار؛ ولإبقاء الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في اليمن تحت سيطرتهم.
ومن خلال الاعترافات يتضح للجميع حقيقة حزب الإصلاح والهدف من دوره القيادي لثورة الشباب، وكذلك الرهان الأمريكي على قيادات الإصلاح أثناء وبعد الثورة، كوسيلة لتدمير المجتمع اليمني وتقسيم اليمن، من خلال المبادرات الخليجية الهادفة إلى تمزيق اليمن، وبغطاء أمريكي، وعبر حزب الإصلاح، كشفت حقيقتَها اعترافاتُ الجواسيس الذين كانوا الأذرُعَ الأَسَاسيةَ لواشنطن داخل المجتمع اليمني.
الدعمُ الخفي.. أمريكا في مركَزِ صنع القرار:
وتظهر اعترافات الجاسوس شائف الهمداني جانبًا من الاستهداف الأمريكي للثورة الشبابية، حَيثُ يقول في اعترافاته: “عندما بدأت الثورة الشبابية في عام 2011 كان هناك دورٌ خفي للسفارة الأمريكية بشكل عام بما فيها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية عبر قطاع الديمقراطية والحكم الرشيد، حَيثُ كان يتم دعمُ بعض القيادات البارزة في المكونات الشبابية بشكل خفي؛ وذلك بهَدفِ تكوين شخصيات ذكية لها دورٌ مستقبلي في الوصول إلى مركز صُنع القرار الذي يمكِّنُ الولاياتِ المتحدةَ الأمريكيةَ من السيطرة على القرار”.
ويضيف: “ومن تلك القيادات الذين تم تقديم الدعم لهم، توكُّل كرمان؛ حيثُ إنها من الذين شاركوا في برنامج الزائر الدولي من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية من خلال الملحقية الثقافية الأمريكية، وكذلك حسام الشرجبي، وأفراح الزوبة، وأسامة الرعيني، وهؤلاء ضمن الذين كان لهم دور بارز أوساط الشباب”.
ويؤكّـد “أن السفارة الأمريكية كانت تحفّز تلك القيادات وبعض الشخصيات للسيطرة على الثورة حينها؛ وذلك لإبقاء الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في اليمن تحت سيطرتهم، وكان يتم التركيزُ على مكون الشباب أكثرَ؛ كونهم يشكِّلون أكبرَ شريحة في المجتمع”.
موضحًا أن “الكثير من الشخصيات التي وصلت إلى مناصِبَ بارزةٍ في الحوار الوطني مثل أسامة الرعيني، وأفراح الزوبة، وحسام الشرجبي وغيرهم من الشباب الذين وصلوا إلى مراكزَ حكومية تمكّن من اتِّخاذ القرار مثل جلال يعقوب الذي وصل أَيْـضاً إلى منصب وكيل وزارة المالية، كان بفضل التحَرّكات الأمريكية عبر السفارَة”.
وفي السياق ذاته، ووفق الجاسوس شائف الهمداني، فَــإنَّ “التحَرّك الأمريكي والدعم الخفي جاء بعد أن لاحظت الولايات المتحدة أن الثورة في اليمن بدأت تأخُذُ بُعْدًا آخرَ، حَيثُ عملت على الحفاظ على مصالحها عبر مكون حزب التجمع اليمني للإصلاح؛ فتم الإيعاز لـ علي محسن بأن يقوم بإعلان انفصاله عن القوات المسلحة وانضمامه إلى الثورة الشبابية كذلك الشخصيات الأُخرى من حزب الإصلاح مثل حميد الأحمر وغيرهم بتقديم الدعم والسيطرة على الثورة الشبابية حينها لأهداف سياسية تخدم المصالح الأمريكية”.
مراقبةٌ عن قُرب.. الساحات تحت المجهر الأمريكي:
أما الجاسوس عبد المعين عزان كشف في اعترافاته عن الدور الذي كُلِّفَ به أثناء الاحتجاجات الشعبيّة، موضحًا بقوله: “الدور الذي كُلِّفتُ به كدور مخابراتي في 2011 أثناء الاحتجاجات التي كانت في الساحات، هو التواصل مع منظمات المجتمع المدني، سواء المنظمات الموجودة والبارزة في الساحة عبر الممثلين لها، وكانت على اطلاع بما يتم في الساحة”.
ويقول الجاسوس عزان في اعترافاته: “كنت أتواصل مع تلك المنظمات، لأخذ معلومات عن الساحة، وعن أية تحَرّكات معينة عن توجّـهات الشباب في الساحة، وعن توجّـهات الكتل المختلفة داخل الساحة، وذلك من خلال منظمات المجتمع المدني التي كانت شريكة للميبي والذي كانت متواجدة بفعالية”.
ويضيف: “كانت حتى بعض المنظمات الشريكة للميبي تنفذ فعاليات داخل خيام في الساحة، وأذكر أني حضرت فعالية وزرت الساحة مرة أَو مرتين، والتقيت بممثلي المنظمات الذي كانت تتلقى دعمًا ومِنَحًا من الميبي وكانت متواجدة في الساحة ولها علاقات وتواصلات مع الجهات المختلفة والشباب والكتل الشبابية المختلفة داخل الساحة، وكانت كُـلّ المعلومات الذي تأتيني طبعاً أكتبُها في تقاريرَ وأرفعها لجوان كمينز”.
من جهته يقول الجاسوس محمد الخراشي: “أَيَّـام ساحات الاعتصام في 2011م كان يتم إرسال مجموعات من الجواسيس لمراقبة الساحات ومعرفة من الشخصيات البارز الذي تنضم يوميًّا في الساحة وأبرز الأحداث التي تحصل يوميًّا في الساحة، وكتابتها في تقرير وإرسالها إلى ضابط الأمن الإقليمي فورًا”.
التدخلات الأمريكية وتقسيم اليمن:
وعن الدور الأمريكي في خلق الصراعات والانقسامات أوساط المجتمع اليمني، يقول الجاسوس عبدالقادر السقاف في اعترافاته: “من خلال عملي تلك الفترة بالسفارة الأمريكية في الملحقية السياسية، كان واضحًا أن التدخلات الأمريكية أَدَّت إلى خلخلة المجتمع اليمني وخلق الصراعات البينية، حتى العام 2011، الذي تم فيه انقسام المجتمع وانقسام الأحزاب، منها حزب المؤتمر الحزب الحاكم، الذي هَيَّأ للتدخلات الخارجية والأمريكية”.
ويضيف: “ومن التدخلات الخارجية فكرة “المبادرة الخليجية” التي تبنَّتها السعوديّة وبمساعدة الدول الخمس العضوية الدائمة في الأمم المتحدة، وبعض الدول الأُخرى المساندة حتى أصبحت تلك الدولُ هي الراعيةَ التي سَمَّوها العشر الدول الراعية، وأصبحت الفوضى تكبُر”، موضحًا أن “تلك المبادرة والتدخلات الخارجية بالتزامن مع تدخلات المبعوث الأممي الذي أرسلته أمريكا؛ لكي يتم إنقاذ الحوار الوطني الذي في نهاية المطاف تَصُبُّ في المصلحة الأمريكية، وهو الذي تبحث عنها أمريكا نفسها فيما يتعلق بأنه يأتون بمشروع الأقاليم لليمن والذي هو جزءٌ من المخطّط الأمريكي الذي تسعى واشنطن والرياض لتنفيذِه في اليمن”.