أثرُ التخاذل العربي والإسلامي في نصرة الشعب الفلسطيني

زياد الحداء

في ظل الإجرام المُستمرِّ في غزة، يبرز التخاذلُ العربي والإسلامي كأحد العوامل المؤثرة في تفاقم معاناة الشعب الفلسطيني. في الوقت الذي يتلقى فيه العدوّ الصهيوني دعماً غيرَ محدود من الغرب، يبقى الدعم العربي والإسلامي للفلسطينيين محدوداً ومتفاوتاً في مقابل الدعم الغربي لـ “إسرائيل”.

لا يمكن إنكار الدعم الكبير الذي تتلقاه “إسرائيل” من الدول الغربية، سواءٌ أكان ذلك على الصعيد العسكري أَو الاقتصادي أَو السياسي. هذا الدعم يعزز من قدرة “إسرائيل” على مواصلة سياساتها العدوانية ضد الفلسطينيين دون خوف من العواقب الدولية؛ لأَنَّ هناك ما يضمن لها السلامةَ من أية عواقب وتبعات؛ فهي تحظى بدعم دول كبرى مجرمة ومهيمنة في العالم، ومن جهة أُخرى تستفيد من صمت وتخاذل بل وتماهي الدول العربية والإسلامية تجاه أعمالها تجاه الشعب الفلسطيني في غزة والمناطق المحتلّة.

في المقابل، نجد أن الموقف العربي والإسلامي تجاه القضية الفلسطينية يتسم بالتخاذل والتردّد. على الرغم من التصريحات الرسمية التي تؤكّـد دعمَ القضية الفلسطينية، إلا أن الأفعال على الأرض لا تعكس هذا الدعم إطلاقًا، وهناك عدة عوامل تساهم في هذا التخاذل، منها:

الانقسامات الداخلية: التي تعاني الدول العربية والإسلامية والصراعات السياسية التي تجعل من الصعب توحيد الجهود لدعم القضية الفلسطينية.

بالإضافة إلى الضغوط الدولية التي تتعرضُ لها العديد من الدول العربية والإسلامية والتي تجعلها تتردّد في اتِّخاذ مواقفَ قوية ضد “إسرائيل”، وطبعًا هي ضغوطات قادمة من الأمريكي وأعوانه الذين يسعون إلى الاستفراد بالمقاومة الفلسطينية وعزلها لتكون وحيدة في الميدان.

كذلك الأولويات الخَاصَّة فهناك تركز العديد من الدول على قضاياها الداخلية وأولوياتها الوطنية (كما تسميها)؛ مما يجعل القضية الفلسطينية تأتي في مرتبة متأخرة من القضايا لدى هذه الدولة أَو تلك.

الأهم من هذا هو العمل على تغييب الشعوب عن القضية الفلسطينية وتتويهها في قضايا أُخرى هامشية واختلاق مشاكل وأزمات للشعوب لتبقى منشغلة مع غياب وعي قرآني في أوساط الأُمَّــة تجاه مخطّطات اليهود وشدة عداوتهم وكذلك عن أهميّة مناصرة المظلومين.

من الضروري أن تعيد الدول العربية والإسلامية النظر في مواقفها تجاه القضية الفلسطينية. يجب أن يكون هناك دعم حقيقي وملموس للفلسطينيين، سواءٌ أكان ذلك من خلال الدعم العسكري أَو المالي أَو السياسي أَو الإعلامي. كما يجب أن يتم توحيد الجهود والعمل بشكل جماعي لمواجهة التحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني.

إن التخاذلَ العربي والإسلامي تجاه نصرة الشعب الفلسطيني في غزة يمثل تحدياً كَبيراً يجب مواجهته بجدية. يجب أن تكون هناك إرادَة حقيقية لتغيير هذا الواقع وتقديم الدعم اللازم للفلسطينيين في نضالهم؛ مِن أجلِ الحرية والكرامة. في هذا السياق، يبرز دور اليمنيين، وخَاصَّة أنصار الله، كنموذج يحتذى به في دعم القضية الفلسطينية.

اليمنيون، رغم التحديات الداخلية والحرب المُستمرّة، أظهروا تضامُناً قوياً مع الشعب الفلسطيني؛ مما يعكس عمق الوعي الشعبي بأهميّة القضية الفلسطينية. هذا الدعم ليس فقط رمزياً، بل يتجلى في المبادرات السياسية والتظاهرات الشعبيّة وحملات التبرعات ووصل إلى درجة الحرب المباشرة مع أمريكا وبريطانيا و”إسرائيل” (والتي أصبحت قضية ملفتة في كُـلّ العالم)؛ مما يعزز من صمود الفلسطينيين في وجه العدوان.

يجب على الدول العربية والإسلامية أن تتخذ من اليمنيين وأنصار الله مثالاً يحتذى به، وأن تعمل على توحيد الجهود لدعم القضية الفلسطينية بشكل فعّال ومستدام. فقط من خلال التضامن والعمل الجماعي يمكن تحقيق العدالة والحرية للشعب الفلسطيني (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّـة أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أهل الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأكثرهُمُ الْفَاسِقُونَ).

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com