الفشلُ الأمريكي الغربي أمام اليمن
رحاب القحم
الشهر الحادي عشر وعلى مسافة شهر من اكتمال عامٍ لاندلاع (طوفان الأقصى) سجّل الشعب اليمني حضوراً مميزاً ومشاركة فاعلة ومؤثرةً إلى جانب غزة؛ فلا المسافات البعيدة كانت حائلًا، ولا الأوضاع الاقتصادية وتداعيات سنوات المواجهة مع أنظمة التطبيع والخيانة شكّلت عائقًا.
أمام وحشية الهجمة الإسرائيلية على غزة وصمود أهلها وثبات وبسالة مقاومتها كان لا بد مما لا بد منه؛ دعماً وإسناداً ولو لزم الأمر إشعال حرب كبرى، فنهض الشعب اليمني مع القيادة والجيش نهضةَ رجل واحد وكان القرار الحاسم بإسناد غزة بكل وسيلة ممكنة، فاشتعل البحر حربًا بالصواريخ والمسيرات والزوارق البحرية؛ وهو ما أثار حنقَ أمريكا وبريطانيا فحركوا بوارجهم ومدمّـراتهم لإيقاف عمليات اليمن الإسنادية لغزة، فما لبث البحر الأحمر أن تحوّلَ إلى ساحة مواجهة حقيقية، فرضت خلالها القوات اليمنية سيطرةً حربية على البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي، وتمت مطاردة سفن العدوّ إلى المحيط الهندي وإلى البحر الأبيض المتوسط؛ حتى أقر الأمريكان بأن القوة اليمنية تضاعفت أكثر من ذي قبل، وهي إن شاء الله إلى مزيد من التعاظم كماً ونوعاً، وهو ما سوف يظهر في عملية الرد المرتقبة والتي وإن تأخرت لكنها سوف تشكل صدمة قوية لعدو بات عاجزاً عن حماية نفسه، لقد ولى زمن “إسرائيل” وحروبها الخاطفة، وجاء زمن عقابها.
قرابةُ 20 يوماً مرت على اتّفاق يمني سعوديّ أعلن أواخر الشهر الماضي من دون جديد يُذكر بخصوص رحلات صنعاء الهند ومصر المنصوص عليها في الاتّفاق، على أمل أن تُذوب الجهودُ الدبلوماسيةُ الحثيثةُ لوفدنا المفاوض عراقيل ومماطلات النظام السعوديّ، مع أنه يكفي الأخير أن يُوجه سفارة مرتزِقته في نيودلهي بتقديم مذكرة إلى الحكومة الهندية، أما أم الدنيا مصر فيكفيها اتصال من الملك أَو الأمير بالموافقة على الرحلات، حتى لا يبقى الاتّفاق منقوصاً والأمور في سرك المراوحة.
وإن كان الأمريكي وهو كذلك صانعاً وموجهاً بالعراقيل، وضاغطاً بالسعوديّة على اليمن لثنيها عن إسناد غزة، فمن الحماقة أن تستجيب الرياضُ لإملاءاته بعد أن عجز هو بكل قُواه الناعمةِ والخشنة، وفشل بالضغط والحربِ في ردع اليمنِ باعتراف قائد الأسطول الأمريكي الخامس، وقادة آخرين تضجُ الصحفُ الغربيةُ بشكاواهم من ارتفاع الكلفة الاستراتيجية الأمريكية واستنزاف مخزونها من الأسلحة خلال الأشهر الماضية في المسرح البحري، على أن الكلفة تكبر كلما بقيت غزة مسرحاً للإجرام الصهيوني الأمريكي الغربي، ومن ورط نفسه في حماية المجرمين الصهاينة من الرد الحتمي كانت كلفته أكبر، ولن يمنع النصر القادم على صهوة الجهاد وذروة سنام الإسلام.
نحن في مرحلة دقيقة وحساسة، وهذه الخطوة تأتي بعد سبعة أشهر من المواجهة المباشرة والشرسة بين القوات اليمنية وأكبر قوتين بحريتين أمريكا وبريطانيا والنتيجة انتصار يمني، وهزيمة غربية، وبات الفشل الأمريكي الغربي أمام اليمن عُنوان المرحلة، فلا محاولاتهما البائسة ردعت اليمن أو حدَّت من قدراته، ولا هي نجحت في فتح الطريق أمام السفن الإسرائيلية
برَغم استعراضهما واستخدامهما قوة هائلة من الفرقاطات والطائرات وحاملاتها العملاقة، ضمن تحالفات عسكرية، هُزم الجمع الأطلسي تَحت مسميات سبيدس و”الازدهار”.
ازدهرت عمليات اليمن توسعت، وتعاظمت مفاجآتها بفضل الله وعونه وتأييده، والتحام حكمة القيادة، وصبر الشعب، وإخلاص رجال البأس، الذين ما هانوا ولا استكانوا، ما خلدوا إلى المهاجع، ولا تخلوا عن المصانع، بل عكفوا على التطويرِ بإبداع في التخطيط والتكتيك ونوعية السلاح وجمعِ المعلومات، فارضين بتأييدِ الله حظراً بحريًّا على العدوّ ومن يحميه، فعطلوا إيلات، وأروا واشنطن ولندن الويلات حتى اعترفوا بالفشل وبلسانٍ أمريكي مبين وقالوا وهم يروون لأهلهم ورفاقهم ومُواليهم وعلى شاشاتِ التلفزة:
إن ما جرى لهم صادم وغير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية. (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أكثر النَّاسِ لَا يَعْلَمُون).