أثرُ الاتّفاق والاختلاف وخطرُه على الأُمَّــة الإسلامية
ق. حسين محمد المهدي
إن العاقل يرى بأم عينَيه أن البلدان التي اتفقت كلمتها لها من الهيبة والقوة ما ليس لغيرها من البلدان مختلفة الكلمة؛ فهل يدرك العرب والمسلمون خطر اختلافهم وأثره على دولهم وبلدانهم.
إن أهل العدوان يرهبون البلدان المتحدة المتضامنة فإذا اصطدمت البلدان المختلفة مع البلدان المتضامنة فَــإنَّ الظفر يكون لأهل البلدان المتضامنة المتحدة وإن كانوا قلة على أهل البلدان المختلفة وإن كانوا كثرة؛ لأَنَّهم في حكم الأفراد.
ومن غير المعقول أن تقف قوة أفراد متفرقة أمام جماعات متحدة، إذَا عرفتَ ذلك أدركت أن فرقة المسلمين اليوم واختلافاتهم المذهبية والسياسية قد أفضت بهم إلى شيء من البغض والتخاذل وعدم التعاون والتناصح، وكأنهم ينتحلون أديانًا مختلفة، ولا نظن عاقلًا ينازع فيما هو مشاهدٌ من حال المسلمين اليوم.
ولهذا نجد دين الإسلام دينَ العقل، يأمرنا ويفرض علينا الاجتماع والاتّفاق، وينهانا عن التفرق والاختلاف (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)
وإنما أمرنا بالاتّفاق لتكون لنا القوة، فتكون لنا الغلبة، وحينئذ تكون لنا العزة، وتكون لعدونا الذلة.
وإنما نهانا القرآن عن الاختلاف؛ لكي لا نضعُفَ أمام عدونا فنصبح في حضيض الذلة.
فقد نبأ بنا الدين الإسلامي عن أن نقف مغلوبين مقهورين أمام عدونا؛ لأَنَّ المغلوب أمام عدوه الغالب ربما تمنى الموت، وكيف لا يحصل ذلك وهو يرى عدوه الصهيوني اليهودي يهتك أعراض المسلمين، ويسفك دماءهم في فلسطين، ويسخر منهم ويمعن في سفك دماء الفلسطينيين ويعبث بكرامة الفلسطينيين، ويلعب كما يلعب الماجن بالعصفور.
لقد أمعن العدوّ الأمريكي الصهيوني في سفك دماء المسلمين في فلسطين إلى درجة لا تقبل بها العقول، أنه واقع أليم جمح بالصهيونية إلى الحد الذي ذهبت فيه إلى السعي في بعض الدول الإسلامية إلى تبديل ثقافة المسلمين بثقافة العهر والمجون
وكأن لسان حالهم يقول للمتبعين لهم من هذه الأُمَّــة وهم غارقون في الملذات: إننا قادرون على سلب سعادتكم الدنيوية والأُخروية وتبديلها بشقاء دنيوي وأُخروي.
إن هذه الأُمَّــة إذَا انحلت وانصهرت ثقافتها في ثقافة الغرب الصهيونية استعلى أعداؤها وصار ملوكها ورؤساؤها عبيداً أرقاء أذلاء يسخرهم أُولئك الأعداء كما يشاؤون.
والعجب العجاب أن البعض من أفراد هذه الأُمَّــة وجماعاتها لا يزالون في تباغضهم واختلافهم، وبعض العلماء في هذه البلدان نرى منهم من يغذّي الخلافات بين المسلمين بالتكفير والتفسيق.
وكأن المواثيق المغلظة التي أخذ الله على العلماء ألَّا يكتموا الحق وأن يبينوا للناس ما نزل إليهم من ربهم تخص غيرهم.
إن الأمانة التي في أعناق علماء الأُمَّــة أمرها عظيم وخطرها جسيم؛ فإذا أديت صلح الدين والدنيا، وإذا ضيعت فسد الدين والدنيا.
فلذلك عظم الإسلام أمرها فجاء في الحديث النبوي (أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر)
إن التأليف بين قلوب الأُمَّــة ومناصحة الأمراء على ترك تشجيع كُـلّ ما من شأنه تفريق كلمة المسلمين والترويج للفواحش والعهر في مراكز اللهو والترفيه، والتركيز على جمع كلمة الأُمَّــة على الجهاد ودرء الفساد الصهيوني في فلسطين من واجب العلماء العاملين.
فالجهاد ذروة سنام الدين، وبه يكون الفوز والفلاح؛ ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: (من مات ولم يغزُ ولم يحدث به نفسه مات على شعبة من النفاق).
إنَّ ما عليه بعض دول العالم الإسلامي من الذل وعدم القدرة على الجهر بكلمة الحق، فضلًا عن الدعوة إلى النفير للجهاد في فلسطين بلغ المنتهى، وذلك ليس إلا أثرٌ من آثار التفرق والاختلاف ونتيجة لترك فريضة الجهاد والتحفيز عليها.
وحسب هؤلاء أن يسمعوا قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (ما ترك قومٌ الجهادَ إلا عمَّهم الله بالعذاب).
وأي عذاب فوق ما هم فيه من الذلة والاختلاف؛ فهذا الحديث من إعلام نبوته صلى الله عليه وآله وسلم.
فإذا كان ما هم عليه من الرذيلة ونشر مراكز اللهو والترفيه، وما تشتهيه الأنفس من الخبائث مروَّجٌ له معلَنٌ به فَــإنَّ الغضب الإلهي قادم لا محالةَ.
وسينجي الله الذين اتقوا الذين ينهون عن المنكر دل على ذلك قوله تعالى (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ) (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ).
ولقد آن لكم في هذا العصر أن تقتدوا بقائد المسيرة القرآنية السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي حفظه الله وأنصار الله وحزبه وأحرار هذه الأُمَّــة من أبناء يمن الإيمان والحكمة وأبناء لبنان وسوريا وإيران وغيرهم من المجاهدين الذين رفعوا راية الجهاد في سبيل الله ومن أجل تحرير فلسطين.
وها هي اليمن تنازل دول الغرب الصهيوني وتحظر عليهم الوصول ببوارجهم إلى “إسرائيل” من البحر الأحمر والعربي والبحر الأبيض المتوسط، وتكبد العدوّ الصهيوني خسائر في الأموال والعتاد فنالوا بذلك شرف الدنيا والآخرة.
نسأل الله أن يجمع كلمة المسلمين على الهدى والتقى ورفع راية الجهاد في فلسطين (ولَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).
العزة لله ورسوله والمؤمنين ولا نامت أعين الجبناء.