السيدُ عبدالملك الحوثي في خطاب حول آخر التطوُّرات والمستجدَّات: الردُّ على العدوان سيكونُ موجِعاً ومؤثّراً والعدوُّ في ترقُّب وخوف شديد
مسارُ الجبهة اليمنية في مناصرة الشعب الفلسطيني متواصلٌ على المستويَّين العسكري والشعبي
ميناءُ “أم الرشراش” سيظلُّ مغلقاً، وعددُ السفن التي استُهدفت لانتهاكها لقرار الحظر بلغ 182 سفينة
القوات المسلحة اليمنية نفَّذت 21 عمليةً عسكريةً خلالَ الأسبوع الماضي، والوضعُ الاقتصادي للعدو تأثَّر بشكل كبير
شعبُنا العزيز هو في موقفُ الشرف وبياضُ الوجه، وعندما تأتي الأجيالُ اللاحقة لا يكونُ قد تلطَّخ بعار التخاذل كحال كثير من الشعوب
الرئيسُ الكولومبي منع تصديرَ الفحم من بلاده للعدو الإسرائيلي لتجنُّبِ المساهمة في مأساة الشعب الفلسطيني، بينما أنظمةٌ عربيةٌ تصدِّرُ الفواكهَ والموادَ الغذائية للعدو
أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْــــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَــنِ الرَّحِـيْـمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أصحابهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.
قال اللهُ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ}[محمد:31]، صَدَقَ اللهُ العَلِيُّ العَظِيم.
يستمرُّ العدوُّ الإسرائيليُّ في جريمة القرن، وعدوان الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وعلى مدى ثلاثمِئة وواحدٍ وعشرين يوماً، أَيَّـام ليست كغيرها من الأيّام، أَيَّـام شهدت الفظائعَ من الجرائم الرهيبة التي يمارسُها العدوّ الإسرائيلي، شهدت الإجرام، والتوحش، والهمجية، والظلم الرهيب في ممارسات العدوّ الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وبشراكةٍ أمريكية، ودعمٍ غربي، الإبادة بالقتل الجماعي والمجازر الجماعية، من خلال تدمير الأحياء السكنية على الساكنين فيها، بالقنابل الأمريكية المُدمّـرة والكبيرة، وبالقتل الشامل للسكان، من أطفال ونساء، وكبار وصغار، ومن خلال الجرائم الأُخرى، مثل: قتل النازحين في مخيماتهم، وفي مدارس الإيواء، وقتل السكان في الطرقات والشوارع، وفي كُـلّ مكان في قطاع غزة، والإبادة أَيْـضاً بالتجويع، وبالأوبئة، وبالتعذيب، ومن ذلك التعذيب للأسرى، وكذلك بالكلاب البوليسية… وغير ذلك من الجرائم الفظيعة.
مئات الأيّام ليست كغيرها، مئات الأيّام من المعاناة التي لا مثيل لها، يُعانيها الشعب الفلسطيني العزيز المظلوم، الذي تتجدد معاناته، وتكبر مظلوميته، بقدر ما قد مضى من السنوات الطويلة، من عقودٍ من الزمن، وبما يستجد أَيْـضاً في هذه المظلومية، بقدر ما قد مضى، وبقدر ما استجد فيها، ومنذ الاحتلال البريطاني، ومولوده غير الشرعي: العصابات اليهودية الصهيونية، التي مكَّن لها؛ لتخلفه في جريمة الاحتلال والظلم ضد الشعب الفلسطيني، وفي كُـلّ ما قد مضى وإلى اليوم، الشعب الفلسطيني يعاني يوميًّا، على مدى عقود من الزمن، لم يخلُ فيها يومٌ واحد من معاناة الشعب الفلسطيني، واشتدت معاناته في كُـلّ مراحل التصعيد، ومنها: خلال مئات الأيّام هذه، التي يشنُّ العدوّ الإسرائيلي عدوانه فيها على قطاع غزة، ويرتكب جرائم الإبادة الجماعية، على مدى ستةٍ وأربعين أسبوعاً، ونحن أَيْـضاً في الشهر الحادي عشر.
في مقابل ذلك، المسؤولية، والواجب الديني، والإنساني، والأخلاقي، على المسلمين، هو: بحجم هذه المظلومية الكبيرة والطويلة، وفي مقابل مأساة الشعب الفلسطيني، هناك -بالنسبة لبقية المسلمين، الذين ينتمي إليهم هذا الشعب- هناك الواجب الديني، الذي يُحَتِّم على كُـلّ المسلمين أن يقفوا بكل ما يستطيعون لنصرة الشعب الفلسطيني، إضافة إلى واجبهم تجاه مقدساتهم، وعلى رأسها المسجد الأقصى الشريف، فلماذا هذا التخاذل الذي طال، والذي ساء، مع ما هناك من تصعيد في العدوان على قطاع غزة؟ لماذا هذا التخاذل؟ ولماذا هذه الفجوة الكبيرة بين الواجب المُقَدَّس المفترض على المسلمين جميعاً، وبين واقعهم، وطبيعة تعاملهم مع هذه المسؤولية؟!
الحقيقة الواضحة هي: أن ذلك يكشف عن الفجوة الكبيرة بين معظم أبناء الأُمَّــة الإسلامية، وعلى رأسها الأنظمة المتخاذلة منها، والمتواطئة منها، الفجوة الكبيرة جِـدًّا، مثلما هي فجوة بين الواقع القائم، والواجب المفترض، فهي أَيْـضاً فجوةٌ كبيرةٌ جِـدًّا بين معظم أبناء الأُمَّــة -على رأسها تلك الأنظمة المتخاذلة، والأنظمة المتواطئة- وبين قرآنها، وإسلامها، ومبادئها، وقيمها، وأخلاقها، وهذه مسألة خطيرة جِـدًّا؛ لأن الموقف في نصرة الأقصى الشريف، والشعب الفلسطيني المظلوم، هو التزام إيماني، أخلاقي، ديني، قيمي، مبدئي، فالفجوة التي يدل عليها مستوى التخاذل الكبير جِـدًّا، هي فجوة بين الأُمَّــة، وبين تلك المبادئ الإسلامية، والقيم الإيمانية، والأخلاق، وهذه حالة خطيرة جِـدًّا.
أمرٌ خطير، يستدعي إعادة النظر، ويكشف الحالة غير الصحيَّة، التي يعيشها أكثر أبناء الأُمَّــة، حالة غير صحيَّة على المستوى الأخلاقي والمبدئي، وسنة الله تعالى هي: الكشف لواقع الناس، وحقيقة ما هم عليه، ومستوى مصداقيتهم في انتمائهم الإيماني؛ ولهذا قال الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ}، الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” يفرز، ويبيِّن، ويكشف، ويميِّز، مدى مصداقية المنتمين للإسلام، المنتمين للإيمان؛ لأنَّه انتماء عظيمٌ ومقدَّس، ولكن الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” هو العزيز الحكيم، يأبى بأن يقبل الغش، والخداع، والكذب؛ ولــذلك يفرز، ويكشف، ويبيِّن، ويميِّز، {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}[آل عمران:179]، وتأتي الأحداث والمواقف التي تتحمل الأُمَّــة تجاهها مسؤوليات كبيرة: دينية، إيمانية، أخلاقية، مبدئية؛ لِتُبَيِّن مدى مصداقية الانتماء، من خلال كيفية التعامل بمستوى ما يفرضه الموقف، وتفرضه المسؤولية تجاه تلك الأحداث.
وأمام ما يحدث على الشعب الفلسطيني، تأتي مسؤولية الجهاد في سبيل الله، النصرة للمظلوم، ومن هو أكثر مظلوميةً من الشعب الفلسطيني! الموقف من العدوّ الإسرائيلي فيما هو عليه من إجرام، وكفر، وطغيان، وظلم، وفساد، في الأرض، هذا الموقف الذي هو موقف إسلامي، قرآني، ديني، والتزام إيماني بكل ما تعنيه الكلمة، أين هو؟
الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” يفرز واقع الأُمَّــة، فهو القائل “جَلَّ شَأنُهُ”: {وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ}[العنكبوت:11]؛ ولــذلك فهناك مسؤولية كبيرة في تلافي هذا الخلل الكبير، وردم هذه الفجوة؛ لأنَّها ليست فقط فجوةً مُجَـرّدةً هناك، تتعلق بالموقف مما يجري على الشعب الفلسطيني ومظلوميته الكبيرة، بل هي بالقدر نفسه فجوةٌ بين الأُمَّــة، وبين مبادئ إسلامها، وأخلاق إسلامها، وقيم إسلامها، فجوةٌ بينها وبين القرآن، فجوةٌ بينها وبين رسول الله “-صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ- وَسَلَّـمَ-“.
هذه الفجوة، يستدعي الواجب الإيماني والأخلاقي السعي إلى ردمها، وهنا مسؤولية كبيرة جِـدًّا على علماء الدين، على كُـلّ متنورين من أبناء الأُمَّــة، أن يتحَرّكوا لتبصير الأُمَّــة وتوعيتها، إلى التَّنَبُّه بخطورة هذه الفجوة، الخطورة القصوى على الأُمَّــة في دينها ودنياها وآخرتها، حتى مستقبل الأُمَّــة في الآخرة، هناك خطر حقيقي.
تلك الروحية المتدنية، وذلك المستوى المنحط من التخاذل، وغياب الشعور بالمسؤولية، والإفلاس الإنساني والأخلاقي، هو خطرٌ كبيرٌ على شعوب أمتنا، وعلى الأنظمة أَيْـضاً، ويمكن لأي شعب أن يواجه مثل تلك الحالة، التي يعاني منها الشعب الفلسطيني، وفيما يكون عليه هو -أي شعب آخر- من تخاذلٍ هو سائدٌ في واقعه حَـاليًّا، كيف سيكون إذَا واجه مثل تلك الحالة التي واجهها الشعب الفلسطيني؟ الشعب الفلسطيني تميَّز بثباته، بصبره، بجهاده، بوعيه، لكن ما هو حال بقية الشعوب؟ ألا تُشَكِّل تلك الحالة عليها من التخاذل، تلك الحالة التي تعيشها من التخاذل، والإفلاس الإنساني والأخلاقي، والغياب التام للشعور بالمسؤولية، والموت للضمير، ألا تُشَكِّل خطورةً عليها وفرصةً للأعداء؟ بل تُعَدُ فعلاً حالةً مطمعةً لأعداء الأُمَّــة فيها، وهي -بالفعل- من العوامل التي جَرَّأت العدوّ الإسرائيلي لفعل ما يفعله في غزة؛ لأنَّه أصبح ينظر إلى كثيرٍ من شعوب أمتنا أنَّها شعوب وأنظمة ميتة، ماتت ضمائر الناس فيها، وأنَّها انتهت وتلاشت ما لديهم من الأخلاق والقيم والمبادئ الإسلامية التي يمكن أن تحَرّكهم، وهذا جَرَّأهُ على فعل ما يفعله بشكلٍ أكبر، حالة مؤلمة جِـدًّا ومؤسفة!
لم يرقَ موقف أكثر الأنظمة، والزعماء، والحكومات، والنخب، والكثير من أبناء شعوب أمتنا، لم يرق إلى مستوى موقف عجوزٍ نرويجية (من النرويج)، تلك العجوز التي هي في السبعينات من عمرها، والتي قالت: [إنها لا تريد أن تبقى في بيتها دون أن تفعل شيئاً؛ مِن أجلِ الأطفال في غزة]، وتحَرّكت مع مجموعةٍ من الناشطين حول العالم في تحَرّك إنسانيٍّ رمزي، بحسب إمْكَاناتهم، واستطاعتهم، ومقدورهم، ضد الحصار على الشعب الفلسطيني، في السفينة التي حملت اسم أحد أطفال فلسطين (حنظلة)، تلك العجوز قالت: [إنَّها تحَرّكت إلى السفينة؛ ليعلم أطفال غزة أنهم ليسوا وحدهم]، هكذا تحَرّكت تلك العجوز الطاعنة في السن من النرويج، من أقصى الأرض، ويتخاذل الأقربون، الأقربون في انتمائهم الديني للإسلام، الأقربون وهم تجمعهم الرابطة الواحدة كعرب، والجوار أَيْـضاً، وكل الاعتبارات الأُخرى: الأمن القومي المشترك… وغير ذلك. عجوز تحَرّكت بدافع إنساني وبحدود إمْكَاناتها، فأين الجيوش، والحكومات، والنخب، والشعوب؟!
كذلك نجد -مثلاً- في موقف الرئيس الكولومبي، الذي منع تصدير الفحم من بلاده للعدو الإسرائيلي؛ لكيلا يساهم في مأساة الشعب الفلسطيني، وفي الظلم للشعب الفلسطيني، وفي دعم العدوّ الإسرائيلي؛ بينما أنظمةٌ عربية، وشركات تصدير عربية، تُصدِّر الفواكه والمواد الغذائية ومختلف البضائع للعدو الإسرائيلي، ولا تُقدِّم شيئاً للشعب الفلسطيني، بل تُقدِّم ما يساعد العدوّ الإسرائيلي للاستمرار في عدوانه ضد الشعب الفلسطيني!
بالرغم من كُـلّ ذلك، نرى الموقف العظيم والمتميز، والمعبِّر عن القيم، والأخلاق، والإسلام، والقرآن، والرسول “صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ” نراه للإخوة المجاهدين في قطاع غزة، بثباتهم الإيماني، وبصمودهم وصبرهم، وباستبسالهم في سبيل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وعلى مدى أحد عشر شهرا، بالرغم من حجم الحصار الشديد، الحصار القديم والحصار الجديد، بالرغم من حجم الدمار والعدوان، إلَّا أنهم ثبتوا، ويستمرون في التصدي للعدو الإسرائيلي، ويلحقون به الخسائر الكبيرة، وهم جديرون بأن تحتفي بهم الأُمَّــة بكلها، وأن تفتخر بهم، وأن تساندهم، وأن تؤدي واجبها في المعونة لهم، والدعم لهم.
عندما ذهب المجرم [نتنياهو] إلى أمريكا، لم يكن ما قَدَّمه الأمريكان فقط ذلك التصفيق، وتلك الحفاوة في الكونغرس، على جرائمه في قتل أطفال العرب ونسائهم في فلسطين؛ بل عاد أَيْـضاً بالمزيد من الدعم العسكري، والدعم السياسي، والدعم المالي؛ ليستمر في عدوانه، بل وليذهب إلى المزيد من التصعيد، في جرائم الاغتيالات التي حصلت بعد عودته من أمريكا، فأين هو الموقف العربي، وموقف الدول الإسلامية بشكلٍ عام، في الاحتفاء بالمجاهدين في فلسطين، وبالشعب الفلسطيني، وبقادة الجهاد في فلسطين، بمساندتهم، بتقديم كُـلّ أشكال الدعم لهم، في مقابل ما يفعله الأعداء مع مجرمين، مع ظالمين، مع طغاة معتدين، ومحتلّين، ومنتهكين لكل الحقوق؟! أين هو الدعم؟! أين هي المساندة؟! أين هي الحفاوة من قِبَل العرب، من قَبَل المسلمين، مع الشعب الفلسطيني ومجاهديه الأعزَّاء، الذين هم في الموقف الحق، وأصحاب القضية العادلة المُقدَّسة؟!
بدلاً عن الحفاوة والتقدير، هناك الإساءة، هناك أنظمة عربية سَخَّرت وسائلها الإعلامية للتشويه وللإساءة، وللاستهداف المُستمرّ إعلامياً للإخوة المجاهدين في قطاع غزة، هناك التثبيط، بل في بعض الأنظمة العربية هناك معاقبة بالسجن، وبالتغريم، وبالتعذيب، وأحياناً حتى بالنفي، لمن يظهر منه ولو التعاطف في مواقع التواصل الاجتماعي مع الشعب الفلسطيني ومجاهديه الأعزَّاء في قطاع غزة، البعض سُجِن عقوبةً على ذلك، وَعُذِّب في السجن، وَغُرِّم غرامةً كبيرة، البعض غُرِّم مائتين وخمسين ألف دولار؛ لتغريدة في مواقع التواصل الاجتماعي، أظهر فيها تعاطفه مع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ومجاهديه الأعزَّاء، البعض نُفي من بعض البلدان العربية؛ لأنَّه أظهر التعاطف مع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
إن ثبات وصمود المجاهدين الأعزَّاء في قطاع غزة، واستمرار عملياتهم بالاستهداف للعدو الإسرائيلي، بالمستوى القائم من العمليات، له قيمة عظيمة على المستوى الأخلاقي والإنساني والديني، وعلى المستوى الاستراتيجي، في خدمة القضية نفسها، وفي مآلاتها وعواقبها، وفي الشهر الحادي عشر، تستمر عمليات المجاهدين في قطاع غزة بكل أنواعها: بالكمائن، والقنص، والإغارات، والقصف بمدفعية الهاون، والاستهداف للعدو الإسرائيلي بالعبوات الناسفة، والقصف بالصواريخ، وإسقاط مسيَّرات تابعة للأعداء، وَأَيْـضاً بالعملية المهمة جِـدًّا، العملية الاستشهادية التي نُفِّذت في ما يسميه العدوّ [تل أبيب] في يافا، باستهداف العدوّ الإسرائيلي، وعودة هذا النوع من العمليات لاستهداف العدوّ الإسرائيلي، هي خطوة مهمة وموفَّقة، ولها أهميتها الكبيرة.
أحدَ عشرَ شهراً، وإرادَة المجاهدين في قطاع غزة صُلبة، وقوية، ومتماسكة، وعزمهم راسخ، وهم ثابتون، وهكذا هو حال الأهالي، بالرغم من حجم المعاناة الكبيرة جِـدًّا.
أما فيما يتعلق بجبهات الإسناد، فهي كذلك مُستمرّة وفاعلة، جبهة الإسناد في لبنان، جبهة حزب الله جبهة مُستمرّة وساخنة، والقصف يوميًّا مُستمرّ ضد العدوّ الإسرائيلي، بعشرات الصواريخ، وبالقذائف المدفعية، وبأسراب الطائرات المُسَيَّرة، والعدوّ الإسرائيلي يعترف بالتأثير الكبير لعمليات حزب الله المساندة لغزة، ويعترف أَيْـضاً بسقوط قتلى وجرحى، مع أنه يحرص على التعتيم الإعلامي على مستوى خسائره.
والعدوّ أَيْـضاً يَتَرقَّب بخوفٍ شديد وكبير عملية الرد الآتية حتماً من جانب حزب الله؛ للانتقام من العدوّ الإسرائيلي، على جريمة الاستهداف للقائد الجهادي الكبير السيد/ فؤاد شُكر “رَحِمَهُ الله”، ويترقَّب أَيْـضاً الرد الإيراني، على جريمة الاغتيال للقائد الإسلامي الكبير، المجاهد الشهيد/ إسماعيل هنيَّة، أثناء ما كان متواجداً في إيران، وهو ضيفٌ لإيران، وكانت جريمةً أَيْـضاً انتهك فيها العدوّ الإسرائيلي السيادة الإيرانية، وجريمةً فيها مساس بالشرف الإيراني، فالعدوّ يدرك حتمية الرد، وهو خائف جِـدًّا، وحالة الخوف وصلت إلى درجة مؤثِّرة على العدوّ الإسرائيلي، كثير من الإسرائيليين، ولا سيَّما في ما يُسَمِّيه العدوّ بـ[تل أبيب]، يبقون في الملاجئ، والقادة، قادة العدوّ الإسرائيلي كذلك في حالة خوف مُستمرّ، يعملون تحت الأرض، في ملاجئ محصنة، وأكثر شركات الطيران علَّقت رحلاتها الجوية، والوضع الاقتصادي للعدو تَأثَّرَ كَثيراً، فحالة الخوف حالة مؤثِّرة، وهي -كما قال السيد حسن نصر الله “حَفِظَهُ اللهُ”- هي جزءٌ من العقاب؛ لأنَّ تأثيرها على العدوّ هو تأثير الفعل نفسه، كما لو كان هناك قصف، كما لو كان هناك عمليات يُضرب بها العدوّ الإسرائيلي، عندما يأتي الرد سيكون له -إن شاء الله- تأثيره على العدوّ الإسرائيلي؛ لأنَّ من أهم الأسباب في تَأَخُّرِ الرد، هو: ليكون رداً موجعاً للعدو الإسرائيلي. الرد آتٍ حتماً من جبهات المحور.
جبهة الإسناد في يمن الإيمان، في معركة الفتح الموعود والجهاد المُقدَّس، مُستمرّة أَيْـضاً في عملياتها، المساندة للشعب الفلسطيني، ونَفَّذت هذا الأسبوع: عدد (واحدة وعشرين عملية)، بعدد (واحد وعشرين صاروخاً بالِسْتِيّاً، وَمُجَنَّحاً، وطائرةً مسيرة، وزورقاً بحرياً)، وأصبح عدد السفن المستهدفة لارتباطها بالعدوّ الإسرائيلي، ولمخالفتها لقرار الحظر على العدوّ الإسرائيلي، بلغ عددها إلى: (مِئةٍ واثنتين وثمانين سفينةً)، هذا عدد مهم وكبير، بالرغم من تَحوُّل مسار أكثر السفن من جهة المحيط الهندي، ومن أقصى المحيط الهندي، ولكن لا يزال هناك عمليات نشطة، ومؤثرِّة على العدوّ تأثيراً واضحًا على المستوى الاقتصادي، ومن ذلك: التعطيل التام والإقفال لميناء أم الرشاش، التي يسميها العدوّ بـ[إيلات].
من ضمن عمليات هذا الأسبوع، في الاستهداف للسفن المنتهكة لقرار الحظر على العدوّ الإسرائيلي: سفينة، بعد أن تم تعطيلها بالقصف، جرفتها الأمواج.
أمَّا الغارات المعادية على شعبنا، التي يُنفِّذها الأمريكي في عدوانه على بلدنا، فقد بلغت في هذا الأسبوع: (خمس غارات في محافظة الحديدة)، وهي في ظل السياق الذي يتحَرّك فيه الأمريكي لإسناد العدوّ الإسرائيلي، فالأمريكي هو شريك للعدو الإسرائيلي، شريكٌ له فيما يفعله في قطاع غزة، وشريكٌ له في عدوانه في أي جبهة، وفي أي بلد إسلامي وعربي.
أمَّا فيما يتعلق بالأنشطة الشعبيّة، التي يقوم بها شعبنا العزيز، فهي مُستمرّة بزخمها الهائل، وكثافتها، وتنوعها، وهذا يُثْلِجُ الصدر، فهو يُعبِّر عن وعي وقيم وأخلاق شعبنا العزيز، وعن هويته الإيمانية؛ إذ ليس من اللائق أن تخلو الساحة الإسلامية والعربية، من الخروج الشعبي المتضامن مع الشعب الفلسطيني؛ بينما يستمر الخروج الشعبي في مظاهرات ومسيرات في بلدان حتى غير إسلامية، مثلما هو الحال في الأسبوع الماضي: خرجت مظاهرات ومسيرات في بريطانيا، وهولندا، والدنمارك، والنرويج، وألمانيا، والسويد، وإيطاليا، وحتى في أمريكا، بالرغم من القمع والمضايقات، وعندما نأتي إلى طبيعة ذلك التحَرّك في تلك البلدان البعيدة، والتي أَيْـضاً الدافع لها هو بالدرجة الأولى دافعٌ إنساني، لا يربطها بالشعب الفلسطيني، ما يربط شعوبنا به، من انتماء إسلامي، وعربي، وقيم مشتركة… وغير ذلك، بل وحتى على مستوى الأمن القومي وغير ذلك، والمصالح، لكن هو الدافع الإنساني، الذي جعل البعض لهول ما يرتكبه العدوّ الإسرائيلي من جرائم رهيبة جِـدًّا، ومن تجويع كبير للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، دفع البعض للتحَرّك وهم هناك، في ساحات فيها نشاط مكثّـف جِـدًّا، وسيطرة كبيرة: إعلامية، وثقافية، وفكرية، لصالح العدوّ الإسرائيلي، ومن بين تلك الظلمات بكلها، يصدح ذلك الصوت الإنساني، وتخرج تلك التجمعات في التظاهرات.
في المقابل، يفترض أن تكون شعوبنا أكثر اهتماماً، أكثر تفاعلاً، أكثر وعياً، أكثر إحساساً بالمسؤولية الإنسانية، والدينية، والأخلاقية، والحالة في معظم الشعوب واضحة: حالة أشبه الموت، شعوب وكأنها ماتت منذ زمنٍ بعيد، لا يُسمع لها صوت، ولا حِسّ، ولا يظهر لها أي تفاعل، باستثناء حالات محدودة جِـدًّا، وكلنا نعرف الدور السلبي جِـدًّا للأنظمة التي تحكم تلك الشعوب، في أن يكون الواقع على ما هو عليه.
انفرد شعبنا العزيز وبلدنا رسميًّا وشعبيًّا بالموقف المتميز، وهذه نعمة كبيرة، وتوفيق إلهي كبير، فشعبنا العزيز انفرد من بين شعوب كُـلّ العالم في مستوى التفاعل، وحجم هذا التفاعل، وكثافة هذا التفاعل، يتجلى ذلك في حجم الخروج الأسبوعي الذي هو مليوني، وكثافة الأنشطة التي هي بمئات الآلاف، وبما لا سابقة له، ولا مثيل له، في أي بلدٍ آخر في العالم.
هناك -بالنسبة للبلدان العربية- تحَرّك مُستمرّ للشعب المغربي، وعلى نقيض من الموقف الرسمي هناك، الموقف الرسمي -وللأسف الشديد- عميل، وخائن، ومتواطئ مع العدوّ الإسرائيلي، ورفع من مستوى تعاونه الاقتصادي مع العدوّ الإسرائيلي، وهذا شيء مؤسف جداً! لكن على المستوى الشعبي، هناك تحَرّك مُستمرّ، وينتشر في كثير من المدن المغربية.
في بلدنا العزيز، في يمن الإيمان، بلغت المسيرات، والمظاهرات، والفعاليات، منذ بداية العدوان الإسرائيلي، الهمجي، الإجرامي، على قطاع غزة وإلى اليوم: (ستمِئة واثنين وخمسين ألفاً، ومِئة وخمسًا وسبعين مظاهرة، ومسيرةً، وفعالية): ندوات، تجمعات، وقفات… إلى غير ذلك. هذا العدد الضخم، يعني: بمئات الآلاف، يدل على كثافة هذه الأنشطة خلال الأحد، عشر شهراً هذه، وهذه نعمة كبيرة، وتوفيق كبير.
وبلغت مخرجات التعبئة في التدريب: أكثر من (أربعمِئة واثنين وثلاثين ألفاً)، ولا زلنا نؤمِّل -إن شاء الله- أن يكون هناك إقبال أكثر، فيما يتعلق بالتعبئة، في التدريب والتأهيل العسكري؛ لأن هذا أَيْـضاً له أهميّةٌ كبيرة، في مسألة الاستعداد للجهاد في سبيل الله، والجهوزية أَيْـضاً للمواقف الأكبر من مستوى المظاهرات.
في العروض العسكرية، والمسير العسكري، والمناورات: الأنشطة مُستمرّة للتعبئة، وبلغت: (ألفين ومِئتين واثنتين وتسعين مناورة ومسيراً وعرضاً عسكرياً).
الخروج الأسبوعي مُستمرّ في العاصمة وفي مختلف المحافظات، وفي الأرياف أَيْـضاً، في مختلف الأحوال، بمثل ما كانت في شدة الصيف، مع شدة الحرارة، حتى في المحافظات التي عادةً ما تكون درجة الحرارة فيها مرتفعة جِـدًّا، مثلما هو الحال في محافظة الحديدة، وفي البعض من محافظة حجّـة، وفي محافظة الجوف، أَيْـضاً لا يزال الزخم حتى في موسم الأمطار، موسم الغيث الذي يَمُنُّ الله به على بلدنا، فالمسيرات والمظاهرات تخرج حتى مع هطول الأمطار، والمشاهد لخروج الناس بين الأمطار، في مثل صنعاء، في مثل ذمار… في محافظات أُخرى، هي مشاهد تُعَبِّر عن هذا الثبات، عن العزم على المواصلة والاستمرار لمساندة الشعب الفلسطيني، على عدم إخلاء الساحات في ظل العدوان المُستمرّ على الشعب الفلسطيني.
شعبنا مصمم على مواصلة جهاده، على مواصلة موقفه الإيماني؛ لأن هذا من الوفاء مع الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أولاً، وثانياً: طالما وهناك تلك المظلومية، وذلك الظلم، وتلك الجرائم التي يرتكبها العدوّ الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، فإن شعبنا لن يهدأ له بال، وليس حاله كحال البعض من الشعوب، ومن المجتمعات التي مات ضميرها وللأسف، شعبنا -بتوفيق الله- يعيش فعلاً حياة الإيمان، وحياة الضمير الإنساني، ويستشعر مسؤوليته، ويتفاعل، ويتأثر، ويحزن، ويغضب، تجاه ما يجري على الشعب الفلسطيني؛ ولــذلك هو مُستمرّ في خروجه بهذا الزخم الكبير، وبهذه الكثافة من الفعاليات والأنشطة، {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ}[المائدة:54]، نعمةٌ وتوفيقٌ كبير، ونجاةٌ من العار والخزي، الذي لحق بكل المتخاذلين وبكل المتواطئين، تجاه ما يجري على الشعب الفلسطيني؛ ولـــذلك فشعبنا العزيز مُستمرّ في أنشطته، ومُستمرّ في خروجه الأسبوعي.
أدعو شعبنا العزيز إلى الخروج المليوني يوم الغد إن شاء الله تعالى، في العاصمة صنعاء، وبقية المحافظات والمديريات.
وننوّه إلى أن الدعوة إلى الجهاد في سبيل الله، إلى نصرة المظلوم، ومن هو أكثر مظلومية من الشعب الفلسطيني! وإلى الموقف من أعداء الله وأعداء الإنسانية، اليهود الصهاينة، الذين هم الأكثر إجراماً في كُـلّ المجتمعات البشرية، هذه الدعوة هي دعوة الله في كتابه، دعوة رسوله “صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، في توجيهاته وتعليماته، وفي سيرته، والله تعالى قال في القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}[الأنفال:24]، فالاستجابة لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والتحَرّك فيما فيه حياة الأُمَّــة، وشرفها، وعزتها، وكرامتها، وقوتها، وحضورها في الساحة في مواجهة الأعداء، وفي مواجهة التحديات والأخطار، هذه الاستجابة يترتب عليها الخير الكبير في الدنيا والآخرة.
وفعلاً شعبنا العزيز هو في موقف الشرف، وموقف بياض الوجه، والموقف الذي هو فخرٌ له حتى عندما تأتي الأجيال اللاحقة، لا يكون شعبنا تَلَطَّخَ بعار التخاذل، الذي تَلَطَّخت به كثيرٌ من الشعوب والله المستعان!
أَسْأَلُ اللهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يُوَفِّقنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرْضِيهِ عَنَّا، وَأَنْ يُعَجِّلَ بِالفَرَجَ وَالنَّصْر لِلشَّعبِ الفِلَسْطِينِي المَظْلُوم، وَلِمُجَاهِدِيهِ الأَعِزَّاء، وَنَسْألُهُ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، وَأَنْ يَنصُرَنَا بِنَصرِه، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.
وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.