الإسنادُ اليمني مُستمرٌّ: إصابةُ سفينتين في مطارَدة نارية مكثّـفة من خليج عدن إلى البحر الأحمر
المسيرة | خاص:
واصلت القواتُ المسلحةُ عملياتِها المسانِدةَ للشعبِ الفلسطيني على الجبهةِ البحرية، مع إضافةِ تكتيكاتٍ جديدةٍ لمطارَدةِ السفن التابعة للشركات المخالفة لقرار الحظر بسلسلة ضربات متتالية؛ بقصد إصابتها بأضرار كبيرة؛ الأمر الذي يعزز مدى السيطرة النارية على مسرح العمليات البحرية، ويثبت واقع الفشل الذريع للقوات الأمريكية والغربية في تقويض تلك السيطرة.
وأعلن المتحدث باسم القوات المسلحة، العميد يحيى سريع، مساء الخميس، عن تنفيذ عمليتين عسكريتين جديدتين في البحر الأحمر وخليج عدن، مُشيراً إلى أن “العمليةَ الأولى استهدفتْ سفينةَ (سونيون) النفطية التابعةَ لشركةٍ تتعاملُ مع العدوّ الإسرائيليِّ وانتهكتْ قرارَ حظرِ الدخولِ إلى موانئِ فلسطينَ المحتلّةِ وقدْ أُصيبتِ السفينةُ إصابة دقيقةً ومباشرةً أثناءَ إبحارِها في البحرِ الأحمر وهي معرضةٌ للغرقِ بفضلِ الله”.
وَأَضَـافَ أن: “العمليةَ الأُخرى استهدفتْ سفينةَ (إس دبليو نورث ويند 1) وهي تابعةً كذلكَ لشركةٍ تتعاملُ مع العدوّ الإسرائيليِّ وانتهكتْ قرارَ حظرِ الدخولِ إلى موانئِ فلسطينَ المحتلّةِ وقدْ أُصيبتْ بشكلٍ مباشرٍ ودقيقٍ وذلكَ أثناءَ إبحارِها في خليجِ عدن والبحرِ الأحمر”.
وأوضح أن “القواتِ البحريةَ وسلاحَ الجوِّ المسيرَ والقوةَ الصاروخيةَ شاركت في العمليتين وذلك بعددٍ من الزوارقِ الحربية والصواريخِ الباليستيةِ والمجنحةِ والطائراتِ المسيرةِ”.
وأكّـد أن “القواتِ المسلحةَ اليمنيةَ مُستمرّة في فرضِ الحصارِ البحريِّ على العدوّ الإسرائيليِّ واستهداف كافةِ السفنِ المرتبطةِ به أَو التابعةِ لشركاتٍ تتعاملُ معه وذلكَ في منطقةِ العملياتِ العسكريةِ المعلَنِ عنها في البياناتِ السابقة” وأن “عملياتِ القواتِ المسلحةِ اليمنيةِ لن تتوقفَ إلا بعدَ إيقاف العدوانِ ورفعِ الحصارِ عن إخوانِنا في قطاعِ غزة”.
تفاصيلُ الضربات وهُــوِيَّة السفينتين:
وكانت هيئةُ عمليات التجارة البحرية البريطانية قد كشفت يوم الأربعاء عن تفاصيل استهداف السفينة النفطية (سونيون) في البحر الأحمر، حَيثُ أوضحت أن الهجوم وقع على بُعد 77 ميلًا بحريًّا غربي الحديدة، مشيرة إلى أنه بدأ باقتراب زورقَين مأهولين من السفينة وإطلاق النار عليها، ثم إصابتها لاحقًا بأربعة “مقذوفات” خلال حوالي ثلاث ساعات؛ الأمر الذي أَدَّى إلى تعطُّلِ محركها واشتعال النيران على متنها وخروجها عن سيطرة الطاقم، حَيثُ بدأت بالانجراف مع المياه.
ووفقًا لرويترز فقد “فقدت السفينةُ القدرةَ على المناورة نتيجة للهجوم”.
وتظهر البياناتُ الملاحية أن السفينةَ (سونيون) هي ناقلة نفط خام كبيرة من نوع (سويز ماكس) وهو مصطلح يشير إلى أكبر حجم لناقلات النفط التي تستطيع عبور قناة السويس بحمولة كاملة، حَيثُ يبلغ طولها 274 مترًا، وعرضها 50 مترًا، وهي ترفعُ عَلَمَ اليونان، وتدار من قبل شركة “دلتا تانكرز” ومقرُّها في اليونان.
وأغلقت السفينةُ نظامَ التعريف الآلي الخاص بها أثناء مرورها قبالة سلطنة عُمان قبل أَيَّـام في طريقها إلى خليج عدن، بحسب ما تظهر البيانات.
ويوم الخميس، أعلنت القواتُ البحرية الأُورُوبية فيما تسمى بعملية (أسبيدس) في البحر الأحمر عن إجلاء طاقمِ السفينة بعد إصابتها بأضرار كبيرة، ولم تكن العملية قد انتهت، حَيثُ قالت القوات الأُورُوبية إن زورقًا مسيرًا هاجم السفينة صباحًا؛ الأمر الذي يعكس إصرارًا واضحًا من القوات المسلحة على إغراقها.
كما كشفت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، الخميس، عن تفاصيل استهداف السفينة (إس دبليو نورث ويند1) في عملية بدأت هي أَيْـضاً يوم الأربعاء، حَيثُ وقع الهجوم الأول على بعد 57 ميلًا بحريًّا جنوبي عدن، وأبلغ ربان السفينة وقتها عن انفجارين، ثم أبلغ لاحقًا عن انفجار ثالث، تلاه انفجاران لاحقان، وأعقبهما هجومٌ بزورق مسير أصاب السفينة بأضرار.
ووقتَ الهجوم بالزورق المسيرة كانت السفينة تمر في البحر الأحمر بحسب الخارطة التي نشرتها الهيئة البحرية البريطانية؛ وهو ما يعني أن الهجمات الخمس السابقة طاردت السفينة منذ عبورها من خليج عدن على امتداد ساعات طويلة.
وقالت شركة “أمبري” البريطانية للأمن البحري: إن “السفينة توقفت عن إرسال إشارة نظام تحديد الهُــوِيَّة التلقائي قبل دخولها خليج عدن الغربي”، في محاولة فاشلة لخداع القوات المسلحة اليمنية.
وبحسب مواقعَ ملاحيةٍ فقد حاول أفرادُ الأمن المسلحون على متن السفينة استهداف الزورق المسيَّر لتفجيره، لكنهم فشلوا، وقد تداول متتبعون لحركة الملاحة مقطعَ فيديو يوثِّقُ لحظةَ إصابة الزورق للسفينة.
ووفقًا للبيانات الملاحية فَــإنَّ السفينةَ هي ناقلةُ بضائع سائبة ترفع عَلَمَ “بنما” ويبلغ طولها 190 مترًا، وعرضها 32 مترًا، وهي تدارُ من قبل شركة (سي وورلد مانيجمنت) ومقرُّها في موناكو، لكن تأريخَ تسجيل السفينة باسم هذه الشركة يعود إلى يونيو الماضي، وقبل ذلك كانت السفينةُ مملوكة لشركة (إيجل بولك شيبنج) وكان اسمها (ستيلار إيجل) ومقرها في الولايات المتحدة، بحسب البيانات الملاحية؛ وهو ما يعني أن مشغلي السفينة حاولوا تغييرَ بيانات ملكيتها للتمويه.
وكانت القواتُ المسلحة قد استهدفت في يوليو الماضي سفينةً أُخرى تابعة لشركة (سي وورلد مانيجمنت) وهي سفينة (بنتلي1).
تكتيكُ المطارَدة:
ويبدو بوضوح من خلال تفاصيل العمليتين أن القواتِ المسلحةَ بدأت بممارسة تكتيكٍ جديد في استهداف السفن المعادية والتابعة للشركات المخالفة لقرار الحظر، وهو تكتيكُ المطاردة النارية على امتداد مساحة واسعة وساعات طويلة، حَيثُ تضمنت العمليتان اللتان تم الإعلانُ عنهما تنفيذَ ما لا يقل عن 10 هجمات متتالية بأسلحة متنوعة، بما في ذلك الاشتباك المباشر من الزوارق الحربية المأهولة.
ويعكسُ هذا التكتيكُ حرصَ القوات المسلحة على فرض أقصى درجة من الحظر على السفن الخاضعة للعقوبات اليمنية، حَيثُ لم يتم الاكتفاءُ بإجبار معظم هذه السفن على التوقف عن عبور البحر الأحمر، بل تم التوجّـه نحو اصطياد السفن المتبقية التي تحاول العبور بشكل نادر تحت غطاء بياناتٍ مزيَّفة أَو تحاول المناورة في مسارها.
ويوجِّهُ تكتيكُ المطاردة النارية الممتدة إنذارًا عمليًّا واضحًا للسفن الخاضعة لشروط الاستهداف، بأن القوات المسلحة ستحرص على إلحاقِ أقصى الضرر بها وتحويل طريقها بأكمله إلى منطقة خطر مُستمرّ حتى تحقيق ذلك الضرر، ولن يقتصر الأمر على استهداف محدود في مكان معين فقط، وهو ما يمثل تثبيتًا للسيطرة النارية على مسرح العمليات، ويبرهن عدم جدوى كُـلّ إجراءات وتعليمات القوات الأمريكية والأُورُوبية مثل إطفاء أنظمة التعريف التلقائي، أَو الابتعاد عن المسار المحاذي للسواحل اليمنية.
ويكشفُ تنفيذَ هذه المطاردة ضد سفينتَينِ في نفس الوقت تقريبًا التطور الكبير والمتسارع لأساليب وإمْكَانات القوات المسلحة اليمنية في المعركة البحرية، في مقابل التراجُعِ الفاضح للقوات الأمريكية والغربية على امتدادِ مسرحِ العمليات.