هل يمكنُ أن تغيِّـرَ أمريكا موقفَها؟
د. فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي
يعتقدُ الكثيرُ من الشعوب العربية والإسلامية أن حَـلَّ القضية الفلسطينية ووقفَ الحرب في غزة في يد أمريكا؛ ولذلك يتم التركيزُ على ما يدلي به المتحدثون الرسميون الأمريكيون يوميًّا في هذا الشأن، منتظرين حدوثَ تغيير مفاجئ في الموقف الأمريكي، ولكن لم يحدث أيُّ تغيير في ذلك الموقفِ الثابت الداعم للكيان الصهيوني الذي يبرّرُ الجرائمَ التي يرتكبها في غزةَ والضفةِ الغربية ولبنانَ واليمنَ وإيرانَ، وَإذَا كانت الجريمة أكبرَ من أن تبرَّرَ يتم التصريحُ بأن الإدارة الأمريكية طلبت من الحكومة الصهيونية التوضيحَ والتحقيقَ في الأمر، وينتهي الموضوعُ عند هذا الحد كما نتابعُ يوميًّا.
والبعض من العرب والمسلمين يراهنون على تكوين لوبيات وجماعات ضغط في أمريكا تحمل على عاتقها القضية الفلسطينية والقضايا العربية والإسلامية، وتعمل من خلال التحَرّكات السياسية في مجلسَي الشيوخ والنواب والضغط الشعبي في الشارع لتغيير الموقف الأمريكي، وبرغم أن هذا التوجُّـهَ بَدَأ يؤثر بشكل بسيط إلَّا أنه يحتاج إلى عشرات السنيين حتى يستطيع أن يؤثر بشكل فعال على السياسة الأمريكية ويفرض على الإدارة الأمريكية تغييرَ موقفها نحو القضايا العربية والإسلامية بشكل إيجابي.
والسبب في ذلك أن اللوبي الصهيوني يملك الأدوات المادية والسياسية التي تمكّنه من الضغط على الإدارة الأمريكية لدعم المشروع الصهيوني في المنطقة العربية والعالم، وما نراه خلال الحملات الانتخابية الرئاسية في أمريكا من انحياز واضح إلى جانب الكيان الصهيوني يؤكّـد ذلك، ومثال على ذلك ما جرى في مؤتمر الحزب الديمقراطي من عدم السماح لأي متحدث يدعم القضية الفلسطينية من الحديث خلال المؤتمر، برغم الضغوط التي مارستها الكثير من المنظمات السياسية والمجتمعية إلى جانب المظاهرات التي تحَرّكت في المناطق المجاورة لمقر انعقاد المؤتمر، إلَّا أن تلك الجهود لم تغيِّرْ من موقفِ المنظِّمين للمؤتمر.
إن كُـلَّ مَن يراهنُ على أن تغيِّرَ الإدارةُ الأمريكية موقفَها من الكيان الصهيوني يعيشُ في وهم؛ لأَنَّ الكيانَ في الأصل مشروعٌ غربي أمريكي، والطريقُ الصحيحُ الذي يجبُ أن يسلكَه العرب والمسلمون لتغيير الموقف الأمريكي واستعادة حقوقهم هو استخدامُ القوة، وهذا هو الطريقُ الذي حث عليه الإسلامُ لاستعادة الحقوق ووقف العدوّ عند حَدِّه؛ ولذلك على الجميع الأخذُ بالأسباب والاستعدادُ بما نستطيعُ حتى نتمكّنَ من مواجهة أعدائنا.