مولدُ خيرِ خلقِ الله
يحيى صلاح الدين
يقترب موعد ذكرى مولد خير خلق الله محمد بن عبدالله “عليه وعلى آله أفضلُ وأزكى الصلوات” هذه الذكرى السنوية التي تحل على المسلمين في 12 ربيع الأول من كُـلّ عام ويحتفل بها المسلمون في جميع أنحاء العالم، وتبدأ الاحتفالات الشعبيّة من بداية شهر ربيع الأول إلى نهايته، وذلك بإقامة مجالس الإنشاد وإلقاء قصائد المدح للنبي، ويذكر فيها الدروس والعبر من سيرته، وذكر شمائله ويُقدّم فيها الطعام والذبائح والحلوى مثل حلاوة المولد، كما يقوم اليمنيون منذ وقت مبكر بتعليق الزينة على المؤسّسات الرسمية وغير الرسمية وعلى وبيوت ومنازل المواطنين وفي الشوارع خَاصَّة في العاصمة صنعاء ومحافظة صعدة وبقية محافظات الجمهورية.
إكرامًا لهذا المولد الكريم يحق لنا أن نفرح وتبتهج بهذه الذكرى الحبيبة قلوبنا كُـلّ عام وهناك من العلماء الذين يعتبرون أن الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف أصبح واجبًا أَسَاسيًّا لمواجهة ما استجد من الاحتفالات الضارة في هذه الأيّام؛ لأَنَّها فرصة للاجتماع لسماع سيرته العطرة والصلاة والسلام عليه وسماع المدائح التي تُقال في حقه، وإطعام الطعام وإدخَال السرور على قلوب الناس.
يقول أكبر علماء الشام محمد سعيد رمضان البوطي: إنّ «الاحتفال بذكرى مولد رسول الله نشاط اجتماعي يُبتغَى منه خير دينيّ، فهو كالمؤتمرات والندوات الدينية التي تُعقَدُ في هذا العصر، ولم تكن معروفة من قبل. ومن ثم لا ينطبق تعريف البدعة على الاحتفال بالمولد، كما لا ينطبق على الندوات والمؤتمرات الدينية. ولكن ينبغي أن تكون هذه الاحتفالات خالية من المنكرات».
ويقول علي جمعة وهو من كبار علماء الأزهر وكان مفتيًا لمصر: إن «الاحتفالَ بذكرى مولده من أفضل الأعمال وأعظم القربات؛ لأَنَّه تعبيرٌ عن الفرح والحب له، ومحبة النبي أصلٌ من أصول الإيمان».
لقد أكّـد قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي “حفظه الله ورعاه” إلى أهميَّةِ إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف في إحدى كلماته بالقول: إن هذه المناسبة التي يتفاعل معها شعبنا بما يليق به، وبمستوى أهميتها، وعظمتها، وجلالها، وقدرها؛ إذ هي أعظم المناسبات قدراً، وأجلها وأعظمها؛ ولأنها محطةٌ غنيةٌ جِـدًّا بالدروس والعبر، التي نحن في أَمَسِّ الحاجة إليها، هي ذكرى لرسول الله “صلوات الله عليه وعلى آله”، القُدوة والأسوة، والقائد والهادي، الذي يهدينا إلى الصراط المستقيم، وإلى الخير، والفلاح، والرشد، والفوز، في الدنيا والآخرة، وهي تصلنا بأعظم رمزٍ لنا، وهو رسول الله “صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله”، تصلنا بالإسلام، بالقرآن، تعزز من هذا الانتماء، من هذا الارتباط، وتفيدنا الكثير من الوعي، ومن زكاء النفوس، وتزيدنا طاقةً إيجابيةً في عزمنا، وإيماننا، وثباتنا، واستقامتنا، وانطلاقتنا العملية.
لقد أثبت الشعب اليمني أنه أكثر شعب على وجه الأرض حُبًّا واحتفاءً وابتهاجًا بذكرى مولد خير خلق الله محمد رسول الله “صلَّى الله عليه وآله وسلم” الذي قال عن هذا الشعب المحب له: (الإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالحِكْمَةُ يَمَانِيَّة).