روابي العشق المحمدي
رويدا البعداني
ويطلُّ علينا أجلُّ الشهور الوادعة بالنسماتِ المحمديّة، بأبهى حُلة ربيعية يمانية، وبعزيمة شعبٍ أنصاري تزهر أرضه، وتبددُ أشجانه كلما صرخَ من ثنايا جراحاتهِ بلبيك، وهام في روابي العشق المحمدي رافعًا راية الهدي القرآني، مستشعرًا قدر المولود وجلالة الذكرى، ملبيًا لقوله: (قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ).
إنّ الحديث عن أعظم خلقِ الله يعدُّ تشريفًا وتكريمًا قبل أن يكون واجبًا يؤدى وسنةً تُقتضى والقلب السليم “الخالي من أية شائبة في دينه” وحدهُ المقرُّ به والمترجمُ لمعانيه، أما القلب الذي ران عليه الصدأ وغشاهُ العمى فليس غريبًا عليه اليوم أن يُفند إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف، ويؤيد أعياد الشجر والحجر، ليس غريبًا أن ينبح بوجه من يحتفل وبتبجح أمام نفسه وغيره ما أن يأتي يوم ميلاده أَو عيد زواجه وغيره.
وهُناك شرذمة عليلةُ الطباع عصية الشفاء تُفتي جزافًا وتهيلُ بالادِّعاءات باطلًا ما إن ترى حفاوتنا وبهجتنا بقدوم هذه الذكرى، لا تكادُ تلجم فاهها بعبارات الرحمة والمسكنة والإدانة، بينما على مدى العام تُقام الأعراس بأوج بذاختها وبذروة رفاهيتها من مطربين ومطربات لساعات معدودة، وموائد أرستقراطية تؤول بقاياها إلى سلال المهملات دون الشعور بحس المسؤولية نحو الفقراء والمساكين، مع أن ديننا الحنيف ألزمنا بتفقد أحوال الآخرين، وسدِّ عوزهم واحتياجاتهم في كُـلّ آن، وليس مقتصرًا على شهر ربيع الأول، أَو مكبلًا على ما يُبذل في سبيل هذه المناسبة.
وأخيرًا سنحتفل بهذه المناسبة العظيمة جيلًا بعد جيل، وسنهتفُ من بين الحشود الجماهيرية: لبيك يا رسول الله.. لبيك يا حبيب الله.