عمليةُ “يومِ الأربعين”.. بدايةٌ أم نهاية؟
عبدالحميد الغرباني
بصواريخ الكاتيوشيا، فرَضَ حزبُ الله حالةَ طوارئَ في عُمقِ الكيان، وعطَّلَه، وأبقى القيودَ المفروضةَ على جبهةِ العدوِّ الداخليةِ من شمال إلى جنوبِ الجولان.
ثَبَّتَ -بشكلٍ مُدَوٍّ- حالةَ الأمن المفقودِ في مستوطنات شماليَّ فلسطين المحتلّة، أسكَنَ الرُّعْــبَ وَالذعرَ في أوساط قُطعان المستوطنين، أجَّجَ السخَطَ تجاهَ كامِلِ المنظومة العسكرية السياسية، حِـــدَّةُ الخِلافِ والتفكُّكِ في جبهة العدوّ تتصاعَدُ، ثَمَّةَ تداعياتٌ نفسيةٌ ومعنويةٌ تلحَقُ الجميعَ، وقد مَسَّت حتى أعضاءً في الكنيست؛ فصرحوا أنّ “إسرائيل فشلت وأنها تتعرَّضُ للأذى، وَتعيشُ حالةً من المراوحة أمامَ حزب الله”، وتوقف صهاينةٌ آخرون عند اقتدارِ “حزب الله على تحديد قواعد الاشتباك وتوقيت التصعيد ومستواه”.
يمكن أن نلاحظَ في هذه المقتطفات من تصريحات الصهاينة إشارةً إلى ما تتركُه عمليةُ “يومِ الأربعين” من آثارٍ سياسيةٍ على مستقبلِ الصراعِ مع الكيان، وبالتالي على مدى الحضورِ الأمريكي فيه، الجميعُ خائفون، يخشَون الآتيَ، وقد رفع وتيرةَ ذلك خطابُ الأمينِ العامِّ لحزب الله بعد ساعاتٍ من عمليةِ “يومِ الأربعين”، ووضَعَ كيانَ العدوِّ ومَن وراءَه أمام مأزِقِ التكتُّمِ الشديدِ على نتائج العملية عقب إعلانه -السيد حسن نصر الله- الاحتفاظَ بحق الرد حتى وقتٍ آخرَ في حال لم تُرضِ المقاومةَ نتائجُ الهجوم على قاعدة “غليلوت” والوحدة المعنية فيها بالتنصت والتجسُّس وعمليات الاغتيال.
وهكذا كيانُ العدوِّ ينتظرُ الأسوأَ محاصِرًا بالذُّعرِ قبلَ وأثناءَ وبعدَ عمليةِ “يومِ الأربعين” وهو ما أشَارَت إليه حتى بياناتُ السفاراتِ الغربية، من خلالِ حديثِها عن البيئةِ الأمنية المعقَّدة في “إسرائيل” وإمْكَانيةِ تغيُّرِها بشكلٍ سريع.. فإذا كان السيدُ نصرُ الله قد ترك بابًا مفتوحًا لــ رَدٍّ آخرَ أَو لتعظيمِ الردِّ فَـإنَّ بياناتِ السفارات الغربية نفسَها أوحت بذلك، وهذا يعني مخابراتِ دول هذه السفارات -بينها الأمريكية-.
كما إن أدنى التعليقات الصهيونية ذاتها تُقِـــرُّ في ضوءِ عمليةِ “يوم الأربعين” أن الردعَ الإسرائيليَّ في حالةِ الحاجة المتواصِلة وَالدائمة من الترميم الدائم، وَهذا بطبيعته مُرهِقٌ، فضلًا عن كونه يعيشُ فوبيا هنية بانتظار الردِّ، وكيانُ الاحتلالِ بهذا الشأنِ مُصابٌ بالعمى لا يدري شيئاً عن أُسلُـوبِ الردِّ وَحجمِه ومكانِه وزمانِه أَيْـضاً، فقد باغتَهُ حزبُ الله في معقل المعلومات الاستخباراتية والتنبؤات والتقديرات؛ ما يعني أن هذه ستكونُ غيرَ مضمونةٍ لناحيةِ استشرافِ الردِّ.
والحالةُ نفسُها تنطبقُ على اليمن، وهو قلقٌ ثالِثٌ بالنسبة للعدو يدوِّي منه صدى وعيدِ القائد: “الرَّدُّ قادِمٌ والقرارُ حاسِم”.