الرخيصُ ينتهي بانتهاء فترة صلاحيته..!
القاضي علي عبد المغني
لستُ بصدد الخوض بتفاصيل ما تداولته، وسائل إعلام فصائل الخيانة والعمالة والارتزاق التابعة لتحالف العدوان الأمريكي السعوديّ، الذي يفيد مطالبة المرتزِق “حسن أبكر” للسعوديّة بإطلاق سراح قيادات عسكرية وسياسية.
غير أني أؤكّـد هُنا على أن الرخيص من الأشياء والأشخاص ينتهي بانتهاء فترة صلاحيته، وكما أن للأشياء الرخيصة فترة محدودة وتتلف ويتم الاستغناء عنها؛ كذلك الشخوص الرخيصة عندما يرى مشغلوها أنها وصلت إلى أقصى مدى من الاستخدام.
والواضح أن المرتزِق “أبكر” اتهم ولي العهد السعوديّ بتعمد إذلال تابعيه من الفصائل الموالية له ولتحالفه وأبرزها حزب الإصلاح، وامتهان كرامتهم باحتجاز كبار قادتهم، في ظروف صعبة وغامضة، ولافتاً إلى أن ابن سلمان قد تنكر للدور الكبير والخدمات الجليلة والتضحيات الجسام التي قدمتها تلك القيادات للملكة السعوديّة وعلى مدى عصور.
وهذا هو المصير المحتوم، والنهاية الأكيدة؛ والشعب اليمني قاطبةً بات يدرك ويعي تماماً أن تلك الخدمات والأدوار لهؤلاء الأشخاص ما هي إلا تضحيات قدموها على مذبح الخيانة والعمالة، وفي سبيل تحقيق البلاط الملكي السعوديّ مآربه وتجسير سطوته وإحكام قبضته على قرار وسيادة واستقلال اليمن، والتلاعب بآمال وطموحات الشعب والعبث بثرواته ومدخراته وإنجازاته.
وبغض النظر عن قائمة الأسماء والقيادات التي كشف عنها هذا المرتزِق، بعد أن أجبر على الفرار إلى تركيا قبل قراره العودة من جديد إلى المشهد، كنت أتمنى، لو أنه ظهر داعياً للتحرّر من عبودية وهيمنة هذا التحالف الذي تقوده السعوديّة ومن ورائها أمريكا والكيان الصهيوني، بل ظهر يدعو قيادة التحالف بعمل سجن خاص بقياداتهم العسكرية والسياسية في صحراء الربع الخالي، نظير تلك التي صنعوها لصغار التابعين.
والعجيب؛ وعلى الرغم من استيعابه الكامل للعواقب الوخيمة واللعنة التاريخية، سواءً على المدى القريب أَو المدى البعيد، التي قد تلاحقه هو وأُولئك الشخوص الرخيصة، نتيجة لأفعالهم وجرائمهم، بحق اليمن الأرض والإنسان، على مدى تسع سنوات عدوان وحصار، يبدو أن هذا المرتزِق حتى في مناشدته تلك، لا يزال يمارس عملية كي الوعي والإدراك المجتمعي، ويضع مبرّرات واهية لكل من وجه سلاحه وموقفه وقلمه ولسانه إلى نحر الوطن.
ولم يستوعب بعد أنها جريمة بحق النفس والدين والمجتمع والوطن، والتي هي من أكثر الأفعال التي تثير مشاعر الغضب والاستياء في المجتمعات عُمُـومًا، والتمادي فيها يؤدي إلى تدمير النسيج الاجتماعي واللحمة الوطنية، وتفكك الروابط حتى بين الأفراد.. إنها انتهاك صارخ للثقة وتفريط بالأمانة، وتخلق بيئة من اللاوعي والشك وعدم اليقين بين ما هو وطني حقيقي وما هو من فعل الأعداء والمتربصين.
ولعل الرخيص من الأشخاص وبدافع الأنانية المطلقة وبغض النظر عن العواقب، هو لا يهتم إلا بمصالحه؛ لأَنَّه يفتقر إلى العفة والشرف والنزاهة، ومستعد لبيع كُـلّ شيء وأي شيء؛ مِن أجلِ المال والسلطة، فلا يهتم بمعاناة الشعب أَو بالأضرار التي قد تسببوا بها، طالما أنهم حقّقوا مكاسبهم وطموحاتهم الشخصية.
ونقول؛ وقبل أن يجد الرخيص من هؤلاء الأشخاص وغيرهم من الذين لا زالوا في دكة الانتظار لانتهاء فترة صلاحيتهم؛ أنفسهم معزولين عن المجتمع اليمني، وقد فقدوا احترام وثقة أقرب المقربين لهم، إن لم يفقدوا كُـلّ شيء؛ عليهم أن يستيقظوا من سباتهم ويعودوا إلى حضن الوطن الذي يتسع للجميع، والوطن ينتظر منهم إصلاح ما أفسدته نفسياتهم.
والفرص متاحة أمام هؤلاء لإعلان التوبة والكفر بمشغليهم، قبل أن نقدر عليهم، تجسيداً لقوله تعالى: (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ، فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) “التوبة الآية 34”.
* أمين عام مجلس الشورى