مَن المستفيد من بَثِّ النعرات الطائفية بين أبناء الأُمَّــة؟
طالب عمير
في خضم التحديات التي تواجه الأُمَّــة العربية، يبرز سؤال ملحّ: من المستفيد من بث النعرات الطائفية والقبلية بين أبناء الشعوب العربية؟ هذه النعرات التي تزرع الفُرقةَ والانقسام، تُعتبر من أخطر الأدوات التي يستخدمها أعداء الأُمَّــة لتفتيت وحدتها وتفكيك نسيجها الاجتماعي.
التاريخ حافل بالشواهد التي تبين كيف كانت هذه السياسات تعمل لصالح القوى الاستعمارية والإمبريالية. فقد كانت القوى الاستعمارية تسعى دائماً إلى تقسيم الشعوب المستعمَرة إلى طوائفَ وقبائلَ متناحرة؛ لتسهل عليها السيطرة والاستغلال. واليوم، تستمر هذه الممارسات لكن بوجوه وأدوات جديدة، حَيثُ يسعى أعداء الأُمَّــة إلى تفجير الخلافات العِرقية والمذهبية تحت عناوينَ براقة وشعارات زائفة.
خلال حرب غزة مع الكيان الإسرائيلي، لاحظنا إثارة حقد طائفي بين الشيعة والسُّنة ونعرات عِرقية تستهدفُ بني هاشم. هذا الحقد لا ينبع من فراغ، بل هو جزء من مؤامرة أوسعَ تهدف إلى تشويه صورة رموز الأُمَّــة التاريخية وتقويض الروابط التي تجمع أبناء الأُمَّــة العربية. إن هذه النعرات تستندُ إلى تحريض ممنهج ومموِّل من قوى خارجية تسعى لإضعاف الموقف العربي والإسلامي في مواجهة العدوّ الصهيوني.
إن بَثَّ النعرات الطائفية والقبلية لا يخدُمُ سوى أعداء الأُمَّــة الإسلامية، من قوى الاحتلال الأمريكية والإسرائيلية والبريطانية التي تسعى إلى إضعاف الأُمَّــة وتفكيكها. هذه القوى تعمل على تحويل أنظار الشعوب الإسلامية عن الجرائم والانتهاكات التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة ولبنان؛ لتشتيت الجهود التي كان من الممكن أن تتوجّـه لمقاومة هذا العدوّ المشترك. هذه النعرات تُبعد الشعوب عن قضاياها الحقيقية مثل التحرّر من الاحتلال، ومواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية، وبناء مستقبل مشترك يقوم على التعاون والوحدة، وهو ما يصُبُّ في مصلحة أعداء الأُمَّــة الذين يراهنون على تفكيكها وتفتيت قوتها.
القوى الخارجية ليست وحدها من يستفيد من هذه النعرات. هناك أَيْـضاً نخب سياسية محلية تستغل هذه الخلافات لتحقيق مكاسب شخصية ضيقة، من خلال استغلال مشاعر الناس وتوجيهها نحو أهداف سياسية تخدم مصالحهم الخَاصَّة، بعيدًا عن مصلحة الأُمَّــة والشعوب.
ولذلك، من واجب المثقفين والوطنيين التصدي لهذه المخطّطات وكشف أبعادها الحقيقية، والتأكيد على أهميّة الوحدة والتضامن بين الشعوب العربية. يجب أن نتذكر أن قوتنا تكمن في وحدتنا، وأن أعداءنا لن يتوقفوا عن محاولاتهم لتفتيت هذه الوحدة طالما لم نتصدَّ لهم بوعي وعزم.
يمكن القول إن المستفيد الأكبر من هذه النعرات هو العدوّ الأكبر للأُمَّـة الإسلامية والعربية أمريكا و”إسرائيل” العدوّ الخارجي الذي يسعى لتفتيت الأُمَّــة، ويليه بعض النخب السياسية والأنظمة العميلة التي تضع حكمها وَمصالحها الشخصية فوق مصلحة الأُمَّــة.
إن التصدي لهذه المؤامرات يتطلب وعيًا شعبيًّا وجهودًا متضافرة من جميع القوى الحية في المجتمع.