التطبيع مع “إسرائيل”: تداعياتُ وعواقبُ على القضية الفلسطينية
شاهر أحمد عمير
تشهد المنطقة العربية في الآونة الأخيرة تحولات جذرية في العلاقات مع الكيان الصهيوني، حَيثُ أقدمت بعض الدول على توقيع اتّفاقيات تطبيع علنية، ما أثار نقاشًا واسعًا حول تداعيات هذه الخطوات على مستقبل القضية الفلسطينية، التي طالما كانت محورًا مركزيًّا في السياسة العربية والإسلامية، في هذا السياق، تبرز المملكة العربية السعوديّة بوصفها لاعبًا إقليميًّا رئيسيًّا، مع تزايد التكهنات حول احتمال انخراطها في مسار التطبيع، رغم عدم إعلانها رسميًّا عن أي اتّفاق حتى الآن، إلا أن تصريحات بعض الإعلاميين السعوديّين على قنوات دولية، مثل قناة “روسيا اليوم”، والتي تعبر عن مواقف مؤيدة للتطبيع، تطرح تساؤلات حول ما إذَا كانت تعكس تحولًا في السياسات الرسمية، أم أنها مُجَـرّد آراء فردية.
من ناحية أُخرى، يواصل السيد القائد عبد الملك بن بدر الدين الحوثي -حفظه الله- موقفه الثابت والداعم للقضية الفلسطينية، حَيثُ يشدّد في خطاباته على رفض كُـلّ أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، معتبرًا أن هذه الخطوات ليست سوى محاولات لبيع القدس والتفريط في حقوق الشعب الفلسطيني، ويؤكّـد السيد الحوثي أن القدس ستظل قضية مركزية لا يمكن التفريط بها، داعياً الشعوب العربية والإسلامية إلى التصدي لأية محاولات لتصفية القضية الفلسطينية، والإبقاء على دعم المقاومة كخيار استراتيجي لاستعادة الحقوق المسلوبة ووقف الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق إخواننا في غزة.
وفي هذا السياق، يجب الإشادة بموقف الشعب الإيراني المشرف، الذي يُعد من الداعمين الأَسَاسيين للقضية الفلسطينية ومحور المقاومة، لطالما أكّـد الشعب الإيراني، بقيادة مرشده السيد علي خامنئي، موقفه الراسخ في دعم حقوق الشعب الفلسطيني والمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، متحملًا ضغوطًا سياسية واقتصادية كبيرة؛ بسَببِ هذا الموقف المبدئي، في ظل هذه التحولات، يبقى السؤال حول مستقبل القضية الفلسطينية ومكانتها في السياسات العربية والدولية مطروحًا بقوة، خَاصَّة مع تزايد الضغوط الدولية والإقليمية لإعادة رسم خارطة التحالفات في المنطقة، ولكن ورغم كُـلّ هذه التغيرات، تبقى القضية الفلسطينية حية في وجدان الشعوب، وستظل القدس عربية وعاصمة أبدية لفلسطين، ولن يتمكّن أي اتّفاق من تغيير هذه الحقيقة، لذا يجب على الدول العربية والإسلامية إعادة تقييم مواقفها وسياساتها بما يتناسب مع تطلعات شعوبها وحقوق الفلسطينيين المشروعة، مع تأكيد دعم محور المقاومة، وفي مقدمتهم إيران، كركيزة أَسَاسية في التصدي للاحتلال الإسرائيلي وتحقيق النصر للشعب الفلسطيني.