النظام السعودي يغرق في “المستنقع اليمني” ويطوي عصر “الحزم” مبكراً
وزير الخارجية العماني للسعوديين: لا تتورطوا ثم تطلبوا منّا إخراجكم
النظام السعودي يغرق في “المستنقع اليمني” ويطوي عصر “الحزم” مبكراً
صدى المسيرة: إبراهيم السراجي
أبان وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي عن مستوى الغضب الذي وصلت إليه الدول العربية من مغامرات السعودية العدوانية في الدول العربية، ودون أدنى مواربة رأى أنه ليس مقبولاً أن يطالب النظام السعودي من العرب إخراجه من ورطة اليمن طالما لم يستشرهم في قرار الحرب ورغم انه لم يسمي السعودية الا ان الكلام كان واضحاً.
ففي مقابلة صحفية قال بن علوي ملمحا لقرار السعودية بالحرب على اليمن أنه “في بداية كل أزمة يجد كل طرف أنه هو الأصدق والأقوى والأحق من الطرف الآخر، وبالتالي من الصعب إقناعه بالعدول عما ينوي فعله”.
ورأى البعض أن بن علوي يقصد السعودية دون أن يسمها عندما قال: ان “جامعة الدول العربية أشارت دائماً إلى أنه لا ينبغي لدولة عربية أن تتورط في حرب وتأتي بعد ذلك للدول العربية تطلب منها إخراجها من هذه الأزمة التي أوقعت نفسها فيها لأنهم لم يتشاوروا مع غيرهم منذ البداية قبل الإقدام على التورط في أي حرب”.
ورأى الوزير العماني أن الازمة اليمنية ما تزال ممكنة الحل وبأيدي اليمنيين معتبرا أنها أقل الأزمات العربية تعقيدا.
وقال في هذا السياق: “أن الأزمة اليمنية هي أقل الأزمات العربية في المنطقة تعقيداً لأنها لاتزال في أيدي اليمنيين أنفسهم وبإمكانهم إيجاد الحلول التي يوافقون عليها جميعاً ويتراضون بها بخلاف القضية السورية والليبية والعراقية فهي على علاقة بالسياسة العالمية”. وأكد أنه “برغم وجود الخلافات في القضية اليمنية إلا أنها قابلة للحل من وجهة نظر تقديرية خاصة وأن كل الأطراف اليمنية ترغب في الخروج من هذه الأزمة”.
- النظام السعودي يغرق في المنطقة
يعيش النظام السعودي أسوأ مراحله، فالنظام الذي اعتلاه سلمان مبشراً بعصرٍ جديد من القوة والهيمنة انتهى به المطاف إلى عرض حصة في الشرق الأوسط لروسيا مقابل التخلي عن الرئيس السوري بشار الأسد كما جاء على لسان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في مقابلة لصحيفة أمريكية.
عصر “الحزم” السعودي يرى أمام ناظريه كيف تفلت الأمور من يديه في اليمن وسوريا والعراق، فكيف يمكن أن يخرج هذا النظام خاسراً في الملفات الثلاثة وهو ما فتئ يبشر العالم بـ”القوة”؟ روسيا رفضت أن تمنح النظام السعودي بصيص أمل واعتبرت كلام الجبير صادر عن رجل “معتوه” يفتقر للخبرة ويرى لنظام بلاده بواسطة عدسة مكبرة، ففي وقت عجز جيشه في الحدود وفي اليمن وفي ذات الوقت يراه قادراً على توزيع الشرق الأوسط وتقسيمه.
حالة الانكار التي يعيشها النظام السعودي تجاه كل الملفات الثلاثة في اليمن وسوريا والعراق لم تعد كما كانت في السابق، يدرك النظام السعودي أنه أضاف ملفاً سعودياً إلى الملفات الثلاثة، لم تعد السعودية مجرد صانع للمشاكل في تلك الدول فقد أصبح هناك مشكلة سعودية.
وفي هذا المجال رأت مجلة “وول ستريت” الأمريكية أن السعودية دخلت عسكرياً في حرب مع اليمن واليوم أصبح دخولها أشبه بالوقوع في “مستنقع مرتع للفوضى” وفي الوقت الذي تقول الصحيفة ان الحرب السعودية قتلت الالاف من المدنيين ودمرت البنى التحتية في اليمن لكنها في المجال العسكري تواجه صعوبات كبيرة وتتلقى قواتها البرية ضربات موجعة وتتكبد خسائر متكررة.
مع انطلاق العدوان على اليمن شحذ كثير من المحللين والكتّاب والعسكريين أقلامهم وتعالت أصواتهم عبر الشاشات مذكرين النظام السعودي بكل التجارب التاريخية لقوى الغزو في اليمن وكانت كل تلك الأصوات تخلص للقول أن نهاية كل حرب وغزو على اليمن هي الوقوع في “المستنقع” وذكروا أيضا أن اليمن هي أول من أطلق عليها بأنها “مقبرة الغزاة” وبعد ذلك صارت كل دولة تتعرض للغزو تطلق على نفسها هذا الوصف تيمناً بتاريخ اليمنيين في قهر الغزاة.
مع انطلاق الجولة الثانية من مفاوضات الكويت كتب الدكتور ناصر المطيري استاذ الادارة في كلية الدراسات التجارية بالكويت مقالاً بعنوان “ورطة الحرب في اليمن” يذكّر فيه ما قاله في مقالٍ آخر بعد انطلاق العدوان على اليمن محذراً من التورط في اليمن.
واسترجع المطيري حديثاً للسفير السعودي الراجل غازي القصيبي في أحد كتبه متحدثاً عن الحرب اليمنية السعودية عام 34 من القرن الفائت مقتبساً قول القصيبي: “كان أبي -رحمه الله- في أوروبا خلال الحرب السعودية – اليمنية سنة 1934، وما ان سمع بها حتى أسرع بالعودة ليسهم في المجهود الحربي، اكتشف فور عودته أن الملك عبدالعزيز أمر بوقف قواته المتقدمة في اليمن ثم أمر بسحبها، استغرب أبي هذا الموقف وأبدى استغرابه أمام الملك عدة مرات، في النهاية استدعاه الملك وقال له وهما على انفراد: يا عبدالرحمن أنت لا تعرف شيئا عن اليمن، هذه بلاد جبلية قبلية لا يستطيع أحد السيطرة عليها، كل من حاول عبر التاريخ فشل، وكانت الدولة العثمانية آخر الغزاة الفاشلين، لا أريد أن أتورط في اليمن وأورط معي شعبي”.
وبناء على احداث التاريخ تساءل الدكتور المطيري “هل يمكن القول إن حرب اليمن الحالية ورطة جديدة؟” المطيري الذي بالمناسبة يؤيد العدوان على اليمن وليس كما قد يعتقد البعض من خلال كلامه انه ضد العدوان لكنه يجيب على هذا التساؤل بالقول إنها بالفعل ورطة رغم أنه يرى أنها كانت ضرورة قبل أن يتساءل مرة أخرى عن إمكانية الخروج من تلك الورطة؟ لكنه هذه المرة ترك الإجابة لما قد تسفر عنه مفاوضات الكويت وهذا يعني أن المطيري الذي رأى الحرب ضرورة بات يعتقد أن الخروج من “المستنقع اليمني” عبر المفاوضات السياسية ولم يعد للحرب التي كانت “خيار الضرورة” أي أمل بتحقيق الأهداف.