تأثيرُ الانتخابات الأمريكية على معركة غزة
د. فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي
تمُـــرُّ أمريكا بأحداث عديدة: منها السياسية ومنها الأمنية، ويتم على الدوام عكسُ تلك الأحداث سلباً على القضايا العربية، وإيجاباً على القضايا التي تهم الكيان الصهيوني، ومن أهم هذه الأحداث الانتخاباتُ الرئاسية والنيابية والانتخابات النصفية لمجلسَي الشيوخ والنواب، فبعد عامَين من انتخابات الرئيس الأمريكي تأتي الانتخاباتُ النصفيةُ، وعند ذلك يتم الحديث عن تقييد الإدارة الأمريكية وعدم استطاعتها اتِّخاذَ قرار حاسم في القضايا التي تتعلق بالكيان الصهيوني؛ خوفاً من أن يؤثر ذلك على موقف الحزب الحاكم في الانتخابات، وبعد أقل من عام تبدأُ الحملات التمهيدية للانتخابات الرئاسية، فيعود الحديثُ عن تقييد قرارات الإدارة الأمريكية مرة أُخرى؛ بسَببِ التأثيراتِ المتوقعة لتلك القرارات على الانتخابات، وهكذا تدورُ الأحداث ولن يتمكّنَ مَن يراهن على السياسة الأمريكية من الوصول إلى الهدفِ الذي يسعى إليه.
ولكن في الحقيقة كُـلّ ذلك نعتبره مبرّرات غير مقبولة للانحياز الأمريكي إلى جانب الكيان الصهيوني وتغطية غير مبرَّرة للجرائم الصهيونية في حق الفلسطينيين وفي حق العرب وفي حق المقدسات الإسلامية في القدس المحتلّة؛ لأَنَّ ما نراه يحدُثُ في غزةَ يؤكّـدُ أن أمريكا شريكٌ في كُـلّ تلك الجرائم؛ ولذلك فهي تقف خلف الكيان الصهيوني لحمايته من أي إجراء عقابي يمكن أن يتخذه المجتمع الدولي ضده، وذلك نتيجة للالتزام الذي يقطعه أي رئيس أمريكي أمام شعبه بحماية الكيان الصهيوني وضمان أمنه وتوفير الأسلحة والإمْكَانيات التي يحتاج إليها في معركته مع الفلسطينيين والعرب، بغض النظر عن تصرفاته نحو الآخرين، ولا ترتبطُ تلك الوعودُ بأيِّ حدث سياسي أَو أمني في أمريكا.
ومما يؤكّـدُ أن تأثيرَ الانتخابات الأمريكية على القضايا العربية والإسلامية محدودٌ في إطار السياسة الخارجية لأمريكا التي تعمل وفق مصالحها الخَاصَّة ووفق ضمان أمن الكيان الصهيوني، هو التعامل مع قضية اليمن ومع قضية سوريا وليبيا وغيرها من القضايا العربية والإسلامية التي عايشت أحداثًا أمريكية سياسية وأمنية ولم تؤثر نتائج تلك الأحداث على الموقف الأمريكي من تلك القضايا، وما يتم الحديثُ عنه بالنسبة لتأثير الانتخابات الأمريكية غيرُ صحيح ولا وجودَ له في الواقع إلَّا بما يتلاءمُ مع المصالح الأمريكية والصهيونية.
ولذلك يجبُ أن نراهنَ على خلق الظروفِ المناسبة التي نتمكّنُ من خلالها من أن نفرِضَ على أمريكا تغييرَ موقفها من قضايا العربِ والمسلمين.