من سياسة التهجين إلى سياسة التجهيل
بشرى المؤيد
عندما الإنسان لا يعتز بهُــوِيَّته وَدينه الذي ينتسب إليه يصبح إنساناً فاقداً للقيم الأخلاقية التي تعزز من نفسيته وروحه ويصبح فاقداً لكل ما يجعل الإنسان إنساناً مكرماً حباه الله عزة وكرامة.
وهؤلاء الجواسيس عندما فقدوا بوصلتهم الحقيقية التي ترشدهم إلى طريقهم الصحيح أرادوا أن يجعلوا الناس كما هم تائهين فاقدين لكل قيم الحياة العزيزة والشريفة، فقدوا هُــوِيَّتهم الإيمانية وَالأخلاقية وأصبحوا مهجنين، لا هم ينتمون إلى قيم الإسلام الحقيقي ومبادئه ولا هم ينتمون إلى الكفر وسلبياته فأصبحوا مخربين يخربون وطنهم، مجتمعهم، شعبهم؛ وينتمون إلى الجاسوسية يجمعون الأخبار والمعلومات، يفشون الرذائل والفساد بين الناس، يتلفون أسس وأعمدة وَأركان وطنهم؛ بحيث ينشؤون أجيال “مسخ” لا تعرف من هي؟ وما هي هُــوِيَّتها؟ وما دورهم الفعال والمؤثر في وطنهم وبلدهم الغالي؟ فتصبح هذه الأجيال هزيلة، ضعيفة، منكسرة؛ يسهل إفسادها وَاستعمارها.
ومن خلال اعترافاتهم يتضح لكل العيان سبب ضعف التعليم عندنا الذي كنا نشكو منه ولا ندري ما هي أسبابه ومسبباته، وحين اتضحت الأسباب اتضح سبب جنونهم وعدوانهم غير المبرّر والعبثي على ثورة ٢١ سبتمبر التي وضعت إصبعها على الجرح وأرادت إعادة بناء التعليم بالأسس الصحيحة والمدروسة؛ فحين انتصرت أهدافها النبيلة والسامية لجأوا إلى اختلاق الشائعات المغرضة والحاقدة والتي لا تنم إلا عن سواد قلوبهم وسواد ما فعلوا في وطنهم؛ فحين قرّر تغيير مناهج التدريس ثار جنونهم وَنفوسهم العفنة وبدأت أدواتهم في إثارة الناس “أنصار الله يغيرون المناهج إلى مناهج طائفية تتبع إيران”، النغمة الدائمة لهم.
وهم قد كانوا غيروا المناهج إلى مناهج يهودية إسرائيلية باعترافهم هم أنفسهم كما اعترفوا وقالوا إنهم بدأوا في التدريج إلى “التطبيع” وكان أُسلُـوبهم أُسلُـوباً تدريجياً وليس مباشراً؛ لأَنَّهم يعرفون جيِّدًا أن اليمنيين لن يقبلوا بهذا الفعل المشين ولن يسمحوا به أبدًا؛ فالمواطنين لا يعلمون ماذا كان يحصل ولا عندهم آن ذاك الوقت “الوعي والإدراك” لفهم ما كان يحصل لكن “ثورة ٢١ سبتمبر” كان جل اهتمامها وَأهدافها نشر الوعي بين أوساط المجتمع.
هم أرادوا تهجين المجتمعات العربية فلا هم مسلمين حقيقين ولا هم كفار رسميين فأصبحوا جاهلين في كُـلّ المجالات التي كانوا متفوقين فيها آن ذاك الزمان عندما كانت الحضارة الإسلامية في أوج تطورها وتقدمها؛ فأصبحت الجاهلية الثانية أشد وأفتك وأخطر من الجاهلية الأولى فأصبحوا جاهلين فكريًّا، أخلاقيًّا، تعليميًّا، اقتصاديًّا، سياسيًّا، عسكريًّا، فنيًّا، ثقافيًّا،… وهكذا.
ولذا كان جل اهتمامهم وتركيزهم على تشويه وإساءة لسُمعة الثورة المجيدة وأهدافها الخالدة.
هم يعرفون أن نهضة أية أُمَّـة يعتمد على تعليم أبنائها فالتعليم هو أَسَاس التحضر وحين تخلى المسلمون عن “هُــوِيَّتهم القرآنية” معناه أنهم ابتعدوا عن تعليمهم الأَسَاسي والفعلي لنهضتهم وتقدمهم، لا مانع أبدًا من تعلم الإنسان جميع العلوم المختلفة لكن أَسَاس التعليم القلبي وَالروحي هو القرآن الكريم، ولذلك لاحظوا ما عمدوا إليه في خططهم الخبيثة تغيير المناهج التربوية، التدريس النظري من دون إثباته عمليًّا حتى لا يثبت في أذهانهم ويستفيدون، إدخَال المصطلحات الجنسية في المناهج التعليمية، إدخَال الرموز الأجنبية؛ بهَدفِ التدرج رويداً رويداً إلى التطبيع، تعمد التلاعب بالمصطلحات الغير الصريحة كذكر “سيطرة الأقصى” وليس “احتلال الأقصى”، السلام وهو معناه الاستسلام والخضوع والخنوع، سقوط المطر وأنه هبة من السماء من دون ذكر من هو منزل المطر “الله سبحانه” تخطيط للإلحاد، حذف الغزوات وَذكر كلمة “الجهاد” ضد اليهود “الأعداء” في السيرة النبوية؛ وهذا كله اللعب على (الوعي الذهني) بحيثُ إن الطلاب لا يفكرون من هو عدوهم الحقيقي ولا يستطيعون تمييزه، وأصبح جل أهدافهم تخريج أجيال هزيلة وَضعيفة وكادر تعليمي ضعيف وهزيل قابل للفساد ليس بالمستوى الكفوء الذي يستطيع تخريجَ أجيال قوية ومتينة وفاهمه وواعية.
لا زالت عقولنا لم تستوعب هذا الحقد والكره، أيعقل هذا أن يكون حاصلاً في اليمن؟!
أيعقل أن يكون هناك أناس يقومون بتخريب أوطانهم وبلدانهم بهذا الشكل الخطير وليس في مجال معين بل كُـلّ المجالات!؟
هل عرفتم لماذا كُـلّ هذا الحقد واللؤم على ثورتنا الخالدة والمجيدة؛ لأَنَّها ثورة نظيفة، مستقلة، طاهرة، خالية من الفساد لا تتبع أية جهة إلا الله ورسوله الكريم؛ جاءت لتصحيح مسارات وانحرافات الثورات الأُخرى ولتقيم العدل والقسط الذي شرعه الله لعباده وحقوقهم المشروعة وَالكاملة والمحقة ومنع الفساد والاستبداد على خلق الله.