الفرقُ بيننا وبين المرتزِقة
ياسر مربوع
من سُخرية الأقدار أن يتقيَّأكَ الوطنُ لخيانتك وقذارتك فتعود إليه على ظهر مدرعة الغزاة، ذلك ما فعله كبير المرتزِقة رشاد العليمي الذي دخل إلى تعز المحتلّة خائفاً يترقب على ظهر مدرعة الغزو السعوديّ الأمريكي؛ وأطل من جوفها ملوحاً بيده التي امتدت تتسول على أبواب الأمراء والسفراء والملوك، وقال بوقاحة كُـلّ العملاء إنه يتعهد بتحرير تعز وهو العاجز عن تحرير ملابسه من مقر إقامته في الرياض؛ الأمر بقدر ما هو باعثٌ على الضحك والسخرية، يشعرك أَيْـضاً بالرغبة في التقيؤ.
أعتقد أن البشرية لن تعرف مرتزِقاً أقذرَ من المرتزِق رشاد العليمي منذ فجر التاريخ وحتى القيامة، فهذا الرجل الذي كرّس حياته في العمالة والارتزاق ما يزال يؤكّـد يوماً بعد آخر أنه مرتزِق بامتيَاز ومع مرتبة الشرف.
وشتّانَ ما بين من زاحم النجوم البعيدة شموخاً وبين من ظل منبطحاً حتى الأرض السابعة، فبينما كان الرئيس المشاط يرتدي وشاح فلسطين ويتابع من غرفة العمليات، عملية القوات المسلحة اليمنية باقتحام وتلغيم وإحراق سفينة “سونيون” اليونانية لانتهاكها قرار حظر الإبحار باتّجاه موانئ فلسطين المحتلّة إسناداً للمقاومة الفلسطينية الباسلة في معركة طوفان الأقصى، كان كبير المرتزِقة “العليمي” يلقي خطاباً رناناً عن الوطنية وعن تحرير تعز من فوق مدرعةِ الغزاة.
هؤلاء المرتزِقة ما زالوا يثبتون أنهم أقذرُ مرتزِقة عرفهم التاريخُ القديمُ والمعاصرُ، وأنهم منبطحون حتى الأرض السابعة، ويحتاجون إلى ألف سنة للوصول إلى وجه الحضيض؛ لأَنَّهم يقعون تحته بمسافة آلاف الأميال، ورجل لا يشعر بالعار من شعوره بالعار وهو يدخل إلى مسقط رأسه فوق مدرعة الغزاة، فلا يستحق حتى شرف الانتماء للحضيض.
وإذا أردت أن تنصب موازين المقارنة بين ما أصبحنا عليه من عزة وكرامة وشموخ وعنفوان، وبين ما أضحى عليه المرتزِقة من ذل وخنوع ومهانة؛ استحضرك قولاً عربيًّا نبيلًا:
من حَظُّهُ من معالي العيش أشرفُها
لا كالذي حَظُّهُ من عيشِه العلفُ