اليوم الـ338 من الطوفان: مصرعُ 3 صهاينة في عملية بطولية هي الأولى من نوعها

المسيرة | متابعة خَاصَّة

فيما جيشُ الكيان الإسرائيلي كان يخشى اندلاعَ انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية المحتلّة، وقام بإزالة الحواجز ما بين المستوطنات خلافاً لمطالب المستوطنين، والسماح للفلسطينيين بأكبرِ قدرٍ ممكن من حرية الحركة؛ منعاً لانضمامهم بالكامل إلى الأحداث الجارية، يتفاجأ بانتفاضةٍ جديدة لم تكن يوماً في حساباته.

في التفاصيل؛ قُتل 3 إسرائيليين بإطلاق نار قرب “معبر الكرامة” بين الأردن وفلسطين المحتلّة، في عمليةٍ هي الأولى من نوعها منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في الـ7 من أُكتوبر الماضي، وتصاعد الاعتداءات في الضفة المحتلّة.

وقال جيشُ الاحتلال: إنه “أطلق النارَ على منفذ العملية؛ مما أَدَّى إلى مقتله”، في حين قالت وزارة الداخلية الأردنية: إن “الجهات الرسمية باشرت التحقيقَ في حادثة إطلاق النار على الجانب الآخر من المعبر”.

 

تفاصيلُ العملية البطولية للشهيد “ماهر الجازي”:

في السياق؛ أكّـدت هيئةُ البث الإسرائيلية نقلاً عن مصادرَ في جيش الاحتلال، بأن منفذَ عملية إطلاق على معبر الكرامة، وهو الشهيد “ماهر ذياب حسين الجازي”.

وبيَّنت الهيئةُ أن الشهيدَ يحملُ الجنسيةَ الأردنية، ويبلغ من العمر 39 عاماً، وهو من بلدة “أذرح” شرقي مدينة “البتراء” جنوبي الأردن.

وتناقلت حساباتٌ أردنية على منصات التواصل الاجتماعي، أن الشهيد “الجازي” ينتمي إلى عشيرة “مشهور الجازي” قائد معركة الكرامة الذي رفض وقف إطلاق النار قبل هزيمة الاحتلال.

وقال ناشطون: إن “العملية رد بطولي على الجرائم بحق الأهل في غزة، كما أنها استنكارٌ على مواصلة السلطات الأردنية تزويد الكيان بالبضائع والمنتوجات فيما القطاع يحاصر“.

من جهتها، أفادت القناة الـ14 العبرية بأن منفذَ الهجوم ترجَّل من شاحنة تحملُ بضائعَ كان يقودُها وأخرج مسدساً كان قد خبَّأه وأطلق النارَ على موظفين أمن إسرائيليين.

بدوره، قال المتحدِّثُ باسم جيش الكيان: إن “منفذَ عملية إطلاق النار وصل إلى المعبر بواسطة شاحنة وفتح النار بمسدس كان بحوزته على القوات الأمنية الإسرائيلية التي كانت تؤمن المعبر بعد تفريغ الشاحنة”.

وفيما قال الإسعافُ الإسرائيلي: إنه “حاول إنقاذ المصابين، لكن إصابتهم كانت “قاتلة”، وفق وصفِه”، أفادت صحيفة “يديعوت أحرونوت” بأن مروحيةً إسرائيليةً أجلت الجرحى عند المعبر، لكن لم يكن من الممكن إنقاذهم.

وبعد عملية إطلاق النار، أعلنت السلطاتُ الإسرائيلية إغلاقَ المعابر البرية مع الأردن إلى أَجَلٍ غير مسمى، فيما توجّـه قائد المنطقة الوسطى وقائد لواء “غور الأردن” إلى المعبر لتقييمِ الوضع.

واحتجز رجالُ الأمن الإسرائيلي جميعَ العاملين العرب في المعبر للتحقيق معهم، وأكّـدت إذاعةُ الجيش الإسرائيلي اعتقال سائقين كانوا في المعبر وقتَ الهجوم للاشتباه في علاقتهم بالحادث.

كما أغلق الاحتلالُ معابرَ مدينة أريحا ونصب الحواجز فيها، والتي تعد المحطة الثانية للمسافرين بعد دخولهم من المعبر ومحطتهم لركوب الحافلات نحو مدنهم.

 

“نتنياهو”: نحن محاطون بأيدلوجيا قاتلة

وقدّمت العمليةُ العديدَ من الرسائل منها للجانب الإسرائيلي كما كانت نتاجَ دوافعَ متعددةٍ يمكن أن تؤدِّي إلى تكرارها في حال استمرت تلك الدوافع.

وبحسب خبراءَ فهذه العملية تدلُّ على بطلان صورٍ متوهمة سادت في “إسرائيل” خلال السنوات الماضية عن واقع القضية الفلسطينية لدى البلاد العربية.

في إشارة إلى خطابٍ للمجرم “نتنياهو” قال فيه: إن “الفلسطينيين لا يمثلون سوى نسبة بسيطة من العرب”، وذهب إلى إمْكَانية إنهاء القضية الفلسطينية في ظل التطبيع الجاري.

وتعليقاً على العملية، وصف رئيس وزراء الكيان “بنيامين نتنياهو” الحادث بـ”الصعب”، مُضيفاً “نحن محاطون بأيديولوجية قاتلة يقودُها محور الشر الإيراني”، حَــدّ تعبيره.

وقال رئيس المجلس الإقليمي لغور الأردن: إن “عمليةَ معبر اللنبي “ليست حادثاً بسيطاً ولها تداعيات قاسية“، داعياً إلى تطبيق السيادة الإسرائيلية على المنطقة، حَــدّ قوله.

 

رسائلُ عملية معبر الكرامة وتداعياتها:

في الإطار؛ يؤكّـد مراقبون أن ما حدَثَ على “معبر الكرامة” ليس بالأمر اليسير، وأن الترجمة الإسرائيلية لهذه الحوادث خاطئة، والاحتلال يسعى للاستفادة من أي مستجد أمني في ظل التوجّـه نحو اليمين، واستغلال أية عملية لفرض وقائعَ جديدة.

وسائلُ إعلاميةٌ لفتت إلى أنهُ وفي ظل مساعي الاحتلال لوأد المقاومة الفلسطينية في غزة والضفة، يفاجأ بخروجِ أشكال للمقاومة من مواقع أُخرى، ورغم أن العملية الأخيرة فردية فَــإنَّ من الممكن قراءتها على أنها حالة من عدم الرضا العربية الشعبيّة ورفضها للتسوية مع “إسرائيل” أَو التطبيع معها.

واعتبرت وسائلُ إعلام عربية أن “نتنياهو” يحاول استثمار أية حالة أمنية أَو سياسية لمصلحته، ويهدف إلى تصوير أيةِ مقاومة على أنها جزء من محور إقليمي يجب التكاتف ضده، محذرةً من “خطورة وخبث” هذا الخطاب، إذ يريد “نتنياهو” تحويل عملية المقاومة إلى تهديد شامل يتطلب تحالفات واسعة تشارك فيها دولٌ عربية.

وكان نتنياهو قال، في تعليقه على الهجوم: إن “هذا يومٌ صعبٌ ونحن محاطون بأيديولوجية قاتلة يقودُها محور الشر الإيراني”، مُضيفاً، “نحن محاطون بمجرمين يريدون قتلنا جميعا”، معتبرًا أن “حماس تهدف إلى زرع الفرقة في داخلنا وشنّ حرب نفسية على أهالي المختطفين وممارسة ضغوط داخلية”.

غير أن هذه الحادثة بحسب مراقبين قد تزيد من الخلافات الداخلية في الكيان بين المستوى السياسي والأمني، فهناك تبايُنٌ في الرؤى حول كيفية التعامل مع الفلسطينيين، حَيثُ تتبنّى بعض الجهات إدارة الصراع وتحقيق مكاسب على الأرض، بينما تدعو جهات أُخرى إلى استدعاء الصراع لتسريعه وحسمه.

وأشاروا إلى أن هذه العمليةَ كانت نتاجَ عدد من العوامل، أولها الحرب المُستمرّة على قطاع غزة التي تقترب من الذكرى الأولى لها، ومع استمرار العدوان الصهيوني قد يفضي إلى مزيد من التدخلات التي قد تؤثر على القضية الفلسطينية.

ولافتين إلى أن الفشلَ الدوليَّ في منع المجازر الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية والانتهاكات التي يرتكبها المستوطنون يمثلان عُنصرَينِ أَسَاسيَّين في فهم دواعي الحادثة، وأن هذا الفشلَ عكس عجز المنظومة الدولية عن فرض الضغوط على كيان الاحتلال.

ونتيجةً للصمود الأُسطوري للفلسطينيين في غزة والضفة الذي يشكل عاملاً محفزاً، ليس فقط للفلسطينيين، ولكن لكل من يتضامن مع القضية الفلسطينية، لا يستبعد المراقبون إمْكَانية ارتفاع منسوب هذه العمليات؛ إذ من الممكن أن تتحول إلى نماذج أوسع في ظل استمرار حالة الضعف والعجز الدولي، ما يؤكّـد أن الحرب خلقت وعيًا مجتمعيًّا لدى الشارع العربي عُمُـومًا.

 

ردودُ الفعل للمقاومة الفلسطينية:

في الإطار؛ أشادت حركةُ الجهاد الإسلامي بالعملية، قائلة إنها “أصدقُ تعبيرٍ عن نبض الشعب الأردني والشعوب العربية والمسلمة تجاه مجازر الاحتلال”.

كما باركت حركةُ المقاومة الإسلامية، حماس، العملية، مشيرة إلى أنها رَدٌّ على جرائم الاحتلال وتأكيد على وقوف الأُمَّــة العربية والإسلامية مع الشعب الفلسطيني ومقاومته.

واعتبرت الجبهةُ الشعبيّة لتحرير فلسطين أنّ العملية “تأتي كرَدٍّ مشروع على جرائم الاحتلال بحق شعبنا، وهذا الشاب الأردني المغوار يُعبّر عن ضمير كُـلّ شاب عربي، ويؤكّـد أن الإقدامَ على مثل هذه العمليات النوعية والشجاعة يأتي انتصاراً لفلسطين ولشهدائها”.

ودعت الجبهةُ الشعبيّة الشباب العربي “إلى الاقتدَاء بالشاب الأردني البطل والانخراط في معركة الشرف والكرامة”.

ورأت لجانُ المقاومة الفلسطينية في العملية “ردًّا واجباً على المجازر البشعة، وحرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، والجرائم الصهيونية النازية في الضفة والقدس المحتلّة”، و”تجسيداً للفشل الأمني، والاستخباراتي، والعسكري المركب، لكل المنظومة الأمنية للعدو الصهيوني وداعميه”.

هذا ويُعرَفُ المعبر بـ3 أسماء، هي “الكرامةُ” من الجانب الفلسطيني، و”جسر الملك حسين” من الجانب الأردني، و”اللنبي” من الجانب الإسرائيلي.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com