المولدُ النبوي الشريف بدايةٌ لمرحلة التغيير الحقيقي
محمد الضوراني
الرسول “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ” مدرسة تربوية خالدة غيرت واقع هذا العالم وانتقالة كبيرة في تاريخه؛ فمنذ مولده المبارك من أسرة مباركة اتصفت بالعفة والأخلاق والنقاء والصفاء فهو جاء من بيت الإيمَـان والطهارة، والتي هيأ الله -عز وجل- لمولده بأن يكون من هذا البيت الطاهر ومن أبوين حملا كُـلّ معاني الأخلاق والإيمَـان والطهارة في زمن كان قد انتشر فيه الضلال والانحراف والفساد الأخلاقي والتربوي والجهل الذي انتشر، هذا الجهل التربوي والأخلاقي في حالة من انفلات في كُـلّ شيء كان نتيجة لابتعاد الناس عن الله وارتباطهم بالمضلين وارتباطهم بعقائد وثقافات أبعدتهم عن الله وانجروا وراء الشيطان فتمكّن منهم.
إننا عندما نستلهم من الرسول “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ” ونراجع سيرته نجد أن الله عز وجل قد منحه الرعاية من بداية تكونه في هذه الحياة رعاية تربوية حمته وحافظت عليه من حالة الانفلات التربوي والأخلاقي في ذلك الزمان فتربى في كنف أسرة عرف عنها مكارم الأخلاق والإيمَـان والارتباط بالله، أسرة عرفت بالأمانة والصدق، وهذا من رعاية الله لرسوله (ص) واستمرت هذه الرعاية للرسول الأعظم في كُـلّ مراحل عمره وأيامه المباركة بالرغم من ما كان يحصل له من ابتلاءات لكن الله -عز وجل- يرعاه ويهيئ له ما يحفظه من مكايد الشيطان؛ فهو القائد لهذه الأُمَّــة وهو الذي سوف يحقّق التغيير الحقيقي للناس ويحقّق نقلة نوعية لبني البشر وهو من كلفه الله بإحداث هذا التغيير الذي سوف يلمسه العالم بكله، هذا التغيير الذي حدث ليس مُجَـرّد تغيير بسيط غير محسوس وَملموس، هو تغيير للنفوس والقلوب الذي قست وأصبحت بعيدة عن الإيمَـان بتجلياته الصحيحة وفق الثقافة التربوية الإيمانية السليمة، والتي عالجت ما في القلوب من ضلال فكري وعقائدي ومن توجّـهات تربوية شيطانية أفسدت المجتمع.
المولد النبوي الشريف للرسول الأعظم مرحلة مهمة للتغيير الحقيقي ومرحلة من التنمية التربوية الإيمانية السليمة التي نقلت العالم بكله من حالة الانحراف الأخلاقي والتربوي والثقافي والإنساني لحالة من الاتِّزان الفكري والثقافي وفق التوجّـهات السليمة التي فطر الله عليها الإنسان وربطهم بها لما فيه الخير لهم والسلامة لهم والأمان لهم من السقوط الذي حذرهم الله منها ومن اتباعها ونتائجها الكارثية عليهم في الدنيا والآخرة.
إننا اليوم في أَمَسِّ الحاجة للارتباط بالرسول “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ” من بداية مولده الشريف والمبارك وفي واقعه الذي تجسد فيه؛ فكان أنموذجاً من القيم والأخلاق والصدق والوفاء والتربية الإيمانية وفق الثقافة القرآنية فحرص على تنميتها في الناس وبلغ الرسالة الإلهية، كان خير من جسدها وارتبط ارتباطاً كاملاً بالله من بداية حياته واستمر حتى بعد موته في تربيته للمؤمنين من حوله وآل بيته الأطهار والإمام علي عليه السلام.
إننا اليوم في أمس الحاجة للعودة الحقيقية لله عز وجل، من خلال ارتباطنا بالرسول الأعظم وآل بيته الأطهار، هذا الارتباط والتغيير الفكري والعقائدي وفق التوجّـه القرآني الذي تجسد في الرسالة المحمدية، الذي حاول أعداء هذه الأُمَّــة إبعاد الناس عنها وربطهم بثقافات تربوية أُخرى، أعادت الكثير منهم لحالة الجهل التربوي والثقافي والأخلاقي، الذي حذرنا الله منها ومن اتباعها؛ فمشروع الشيطان يستمر في الإضلال للناس، ومشروع الهداية والاستقامة هو ممتد ومرتبط من عند الرسول “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ” ويستمر في نقائه وطهارته من بعدة ممثل بأعلام الهدى من آل البيت، ونجد اليوم الفوارق واضحة بين من يحافظ على هذا الامتداد التربوي والإيماني وبين من يعمل على إضلال الناس عن هذا التوجّـه الصحيح ليسيروا وراء الشيطان ومشروعه الخبيث والجهنمي، والذي حذرنا الله منه ومن اتباعه وحذرنا الرسول (ص) منه.
المولد النبوي الشريف هو نقطة التغيير التي نقلت الأُمَّــة من حالة الضياع والضلال لحالة الاستقامة الإيمانية والتربية القرآنية السليمة والصحيحة والارتباط بالرسول “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ” من بداية أمر مهم للحفاظ على الأُمَّــة من واقع مظلم يسير بها نحو اتباع خطوات الشيطان وأعوانه.