انسحابُ السفن الحربية الأمريكية من البحر الأحمر.. تحوُّلٌ استراتيجي وأثره على ميزان القوى العالمية

فتحي الذاري

يشكل انسحاب السفن الحربية الأمريكية من البحر الأحمر حدثًا بارزًا في الساحة الدولية والجيوسياسية، متجاوزًا كونه قرارًا لوجستيًّا ليصبح نقطة تحول استراتيجية في التعامل مع القضايا الإقليمية والدولية، وهذا الانسحاب يؤكّـد تغييرًا ملحوظًا في الموازين العسكرية ويؤكّـد أَيْـضاً تغيّرًا في الاستراتيجيات المتعلقة بالقوى الكبرى في المنطقة.

تعتبر القوات المسلحة اليمنية جزءًا من هذا السياق، حَيثُ تبرز التزامها بدعم القضية الفلسطينية وفي مقدمتها إسناد غزة ضد الاعتداءات المتكرّرة من الاحتلال الإسرائيلي.

إن استراتيجية القوات المسلحة اليمنية تستند إلى ضرورة وقف الحرب وأعمال الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الفلسطينيون المدنيون العزل؛ مما يجعل من واجبها الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، حَيثُ يسعى اليمن إلى تعزيز الجهود الإقليمية للتضامن مع غزة مما يسهم في مسار تحقيق العدالة والأمن القومي في المنطقة.

بالنظر إلى انسحاب القوات الأمريكية فَــإنَّ هذا الحدث لا يعد فقط تعبيرًا عن تراجع تأثير الولايات المتحدة في المنطقة، بل يؤكّـد أَيْـضاً تحولًا جذريًّا في الجغرافيا السياسية العالمية؛ فبعد عقود من الهيمنة البحرية والالتزام بالأمن البحري يُظهر هذا الانسحاب ضعفًا في التزام الولايات المتحدة بمصالحها الاستراتيجية، حَيثُ إن السياسة الأمريكية تتخذ مواقف عدائية واستفزازية وعدوانية في دعم الاحتلال الإسرائيلي الصهيوني ومساندته في ارتكاب جرائم حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي وحرب التجويع والحصار والتهجير القسري على المدنيين العُزَّلِ من أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ومدينة رفح والضفة مما يفتح المجال لظهور قوى إقليمية جديدة تسعى لتغيير موازين القوى التقليدية العدائية.

ومن الواضح أن صعود هذه الديناميكيات الجديدة يؤكّـد فترة زمنية مختلفة، حَيثُ تزداد أهميّة الفاعلين المحليين والإقليميين الذين يسعون لتأمين مصالحهم الأمنية، هذا التغير في ميزان القوى يؤكّـد إلى أن العالم أصبح أكثر تعقيداً، حَيثُ يستدعي الوضع الحالي إعادة تقييم استراتيجيات القوى الكبرى وتكييفها مع الظروف الجديدة.

انسحاب السفن الحربية الأمريكية من البحر الأحمر ليس فقط تغييرًا في القدرات العسكرية، بل تحوُّلٌ استراتيجيٌّ مؤثر في السياسات العالمية والتوازنات الإقليمية على المدى القريب، ومع تصاعد الالتزام اليمني بدعم وإسناد الشعب الفلسطيني يتضح أن الساحة السياسية في المنطقة تشهد تغييرات كبيرة قد تعيد تشكيل معالم الجغرافيا السياسية العالمية.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com