الدكتور يوسف الحاضري في حوار لصحيفة “المسيرة”: المتخاذلون عن إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف ضحايا للثقافات الباطلة

المسيرة – حاوره أيمن قائد:

أكّـد عضوُ رابطة علماء اليمن، الدكتور يوسف الحاضري، أن الاحتفاءَ بذكرى المولد النبوي الشريف نابعٌ من الأعماق وليس مُجَـرّد فكرة، وتقليد واعتياد.

وَأَضَـافَ في حوار خاص لـ “المسيرة” أن اليمنيين يتسابقون في إظهار الفرحة والسعادة بالطريقة المثلى في حب النبي صلوات الله عليه وآله” وأن المتخاذلين عن إحياء هذه المناسبة هم ضحايا للثقافات الباطلة.

إلى نص الحوار:

 

– بداية دكتور يوسف.. ما الدلالاتُ الهامة لإحياء ذكرى المولد النبوي الشريف والأثر الذي تتركه هذه المناسبة؟

من أهم دلالات إحياء أهم مناسبة إسلامية على الإطلاق أنها تبيِّنُ حقيقةَ الارتباط بالنبي الأكرم محمد “صلى الله عليه وآله” وحب ذلك اليوم الذي اختاره الله عز وجل؛ ليكون متشرفاً بارتباطه بميلاد خير الخلق إطلاقاً؛ فإذا كانت ليلة أنزل فيها الهدى القرآن خيرًا من ألف شهر؛ فكيف سيكون فضل يوم ولد فيه الهدى بنفسه، كما أن من الدلالات لهذه المناسبة، وإحيائها فهي تدل على حياة من يحيونها، حياة قلوب وأفكار ومشاعر وعمل، مقتدين بهذا الرجل العظيم وَيعتبرون هذا اليوم، ليس ميلاداً للنبي محمد، بل ميلادنا جميعاً؛ فالولادة بداية الحياة، ونحن نرى الحياة في إيماننا، وليس في تنفسنا، وأكلنا وشربنا.

 

– يتميَّز اليمنيون بإحياء هذه المناسبة بأنشطة وفعاليات لا مثيل لها في العالم لا سِـيَّـما خلال السنوات الأخيرة.. ما الذي جعلهم يتميزون عن بقية العالم؟

من أفضل وأجل النِّعَمِ التي أنعم بها الله “عز وجل” على عباده هي نعمة الهداية والتي تعتبر في كفة وبقية النعم التي لا تعد ولا تحصى في كفة أُخرى، ومن أدوات الهداية نبي الله محمد، ومن آله من يتحَرّكون، ويحركون المجتمع في نفس سياقه ومساره، وهذا ما تجلى لنا من فضل الله علينا أن هيأ لنا السيد القائد عبدالملك الحوثي، الذي أحيانا وأحيا فينا كُـلّ الفضائل، وأجلَّ الفضائل، وإحياء ذكرى المولد النبوي الشريف بالطريقة التي تتناسب مع مكانة هذا النبي، ومهما عملنا وقمنا به لا يمكن أن نوفيه حقه “عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأزكى التسليم”؛ لذا نتسابق -أبناءَ اليمن- في إظهار فرحتنا وسعادتنا بالطريقة المثلى، وفي حب النبي محمد، فليتنافس المتنافسون؛ ولأن النبيَّ الأكرم تغلغل في أفكارنا، وقلوبنا وأعمالنا وأقوالنا؛ فالاحتفاء به نابعٌ من الأعماق، وليس مُجَـرّد فكرة، وتقليد واعتياد.

 

– برأيكم، ما سبب الانحراف الحاصل لمعظم أبناء الأُمَّــة؟ وما الذي جعلهم يبتعدون عن الرسالة والرسول؟

اليهود أعداء الأُمَّــة الإسلامية منذ الأيّام الأولى لميلاد النبي محمد -صلى الله عليه وآله- والذين سعوا لقتله في المهد صبيًّا، فقد تنامى هذا البغض مع الأيّام وتوارثوه، جيلاً بعد جيل، وجرَّبوا كُـلّ الطرق والوسائل، وأدركوا أن أفضل الطرق أن يخلقوا شخصية للنبي محمد غير الشخصية القرآنية، فحرّفوا أحاديثَه وتفاسيرَ القرآن وزوَّروا السيرةَ عبر من ادّعى الإيمان منهم تارة، وعبر المنافقين من وسط الأُمَّــة الذين استطاعوا عبر الأنظمة الحاكمة أن تقلدهم مسؤوليةَ الجانب الديني، فوصلنا اليوم إلى أن ننظر للنبي محمد بنظرات النقص مثل (رهن درعه، لامة الحرب والعزة والشرف عند يهودي، وزواجه بطفلة لم تبلغ ٧ سنوات، وعدم استحيائه من أصحابه إلا من شخص واحد، وبيعه وإهدائه للخمور)، وغيرها من ثقافات كارثية، عوضاً عن إبعاد الناس عن حقيقة النبي محمد، وجهاده وعفوه ورحمته ورأفته التي وصلت به إلى أنه كاد يُهلِكُ نفسَه عندما يرى عدمَ إيمان للبعض من قومه، وما إن وصل هؤلاء المنحرفون لدفة القيادة الدينية للمسلمين، حتى وجدوا بيئة ملائمة لخبثهم، وتنفيذ أجندة اليهود، ومنها نزع النبي محمد من قلوبهم.. وبطبيعة الحال سينتزع فرحتهم بيوم ميلاده والاقتدَاء به والتأسي.

 

– ما ردُّكم على أقوال البعض بأن إحياءَ ذكرى المولد النبوي بدعة؟

هؤلاء حالهم إما كمثل الحمار يحمل أسفاراً؛ أي يحملون نشر فكرة أنها بدعة، وهم لا يفهمون حتى معنى كلمة بدعة، ولكنهم فقط كالحمير، يحملون أفكار الآخرين الضالة، ويتبنونها، ويؤمنون بها، أَو أنهم كمثل الكلب، إن تحمل عليه يلهث أَو تتركه يلهث؛ أي يعرف الحقيقة ولكنه يتحَرّك وفقاً لأهواء نفسه، وأهداف أسياده المرتبطين والخاضعين لليهود الصهاينة؛ فالبدعة -حسب وصفهم- تؤدي لنار جهنم، فهل سيعذبنا الله؛ لأَنَّنا أحببنا نبينا محمدًا، واقتدينا به، كما سيعذّب أُولئك الذين كفروا به، وكرهوه وحقدوا عليه، إذَن من سيُدخِلُ اللهُ الجنةَ إذَا كان سيُدخِلُ جهنمَ المحبين والمبغضين؟!

أيضاً، من الرد عليهم أن البدعة هي حالهم هم، ووضعهم النفسي والحياتي عامة؛ فهؤلاء الذين يصفونها “بدعة” لم يتأثروا بمظاهر الأشلاء للأطفال والنساء والرجال في غزة، ولكنهم ثاروا وتأثروا لمظاهر الزينة في صنعاء واليمن (أليس هذه النفسية والحالة بدعة)؟!

يقولون إن النبي لم يحتفل؛ لذا هي بدعة، وهؤلاء يطرحون أُطروحات مستهلكة طفولية مضحكة تعكس ضعفَ حججهم وتيهان عقولهم؛ فالنبي جاء ليؤسس ديناً عالميًّا عظيماً، ولم يحتفل بأي شيء في حياته، ولكنه لم يمنع الاحتفالات سواءً احتفالات ثوراتنا واحتفالات أعراسنا واحتفالات تخرجنا الدراسي، وأية احتفالات ما دام جميعُها لا تخالف الدين والشرع، وليس فيها أي شيء يغضب الله عز وجل، كما أنه تفاعل مع يوم ولادته بطريقةٍ عظيمة عبادية كبيرة، حَيثُ قال إنه يصوم يوم الاثنين؛ لأَنَّه يوم وُلِدَ فيه، وكما قال عيسى “عليه السلام”: (السلامُ عليَّ يوم ولدت) فسطّرها الله في القرآن، فهذه العبارة، وَأَيْـضاً سطّرها ليحيى “عليه السلام” بقوله: (والسلامُ عليك يوم ولدتَ)، ومن لا يُرِدْ أن يفهم أَسَاساً لن يفهمَ لو تنزل الملائكة ليقنعوه، فلن يقبل، فهؤلاء يستندون لابن فلان وابن علان لينسفوا آياتٍ قرآنية، فكيف بهم في موضوع مولد نبوي شريف؛ لذا علينا أن نحتفل، ونتركهم في غيظهم يموتون.

 

– ما رسالتُكم لمن يتخاذل أَو يتكاسل في إحياء مناسبة المولد النبوي أَو يقلِّلُ من شأنها؟

المتخاذلون عن إحياء المناسبة هم إما ضحايا للثقافات الباطلة وأرباب الثقافات هذه، وكارثة الكوارث أن يكون الإنسان ما يزال يستمع للمنافقين، خَاصَّةً بعد افتضاحهم في غزة، وتأييدهم للجرائم وهجومهم على حركات المقاومة بكل شراسة وضراوة، فمن يصف الجهاد بالشر، والمجاهدين بالأشرار رغم أن القرآن تحدّث بشكل مستفيض عن هذه الفريضة في أكثر من ٦٠٠ آية وحادثة، فهؤلاء وأُولئك المشايخ المنافقون وأربابهم الساسة تائهون في منزلة ضلالية سواء، أَو أنهم يمتلكون نفسياتٍ متبلدةً ميتة لا يهتمون لمثل هذه الأحداث المقدسة، وهؤلاء هم أنفسهم الذين يتعاملون مع شرائع الدين وفرائضه، كالصلاة والصيام والقرآن بطريقة اعتيادية؛ أي تعودوا عليها، وأصبح الأمر روتينياً، وليس طريقة تعبدية، وهؤلاء يرون أن وجبة طعام أفضل لديه من الارتباط بالنبي محمد والاقتدَاء به والتأسي بمساره، وهؤلاء لا خير فيهم إطلاقاً لا لأنفسهم، وأكيد لن يكونَ فيهم خير للمجتمع والأمّة.

أما من يقلّل من شأنها رغم تضخيمه لشأن مناسباته الخَاصَّة كالأعراس مثلاً والذي نراه يستعدُّ لعرسه أَو عرس أبنائه وبناته منذ أشهر سابقة، ويجمع الأموالَ ويستلف غالبًا، ويفتح المتطلبات للأفراح على مصراعَيها، وغالبيتهم يرتكب المعاصي الكبيرة في أعراسه، كالأغاني والتبذير وغيرها، فهذا أصبح ضائعاً في دينه وكينونته وحقيقة إيمانه وارتباطه وحبه للنبي محمد “صلى الله عليه وآله وسلم” فلو أحد قلّل من شأن فعالياته الخَاصَّة، فسيغضب وسيقاطع هؤلاء حتى لو كانوا أقاربه، وسيحمل في قلبه حقداً عليهم، بل ويورثها للأبناء من بعده، فكيف يمكن له أن يقلّل من شأن الاحتفال بميلاد خير البشر الذي لم يقلّل من شأننا، وسعى لهدايتنا لدرجة أنه كاد سيهلك نفسه وبعناء في ذلك لدرجة أن الله قال له: “طه، مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى، إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى”.. فلماذا تهلك نفسك لكي تهديَهم رغم أن نور القرآن قادرٌ على هداية الجبال والصخور، فكيف بقلوب الناس، ومن لم يهتد به فلن يهتديَ يا محمد حتى لو أهلكت نفسك، وأي فارق كبير بين اهتمامه بنا، وإهمالنا له؟!

 

– ما هي توقُّعاتُكم للحضور الجماهيري خلال الفعالية الكبرى لهذا العام؟ وما هي الرسائلُ الموجَّهة للأعداء؟

ليس توقُّعات، وإنما يقينٌ وثقةٌ بخير رجال الأرض ومنبع الإيمان وأصل الحكمة، ومن سوف يذود النبيُّ الناسَ المؤمنين من غير اليمن عن الحوض حتى يفسحَ الطريق، ويسهِّلَها لأهل اليمن ليتشرفوا بالشرب أولاً قبل أي أناس بأنهم سيكونون أكثر زخمًا وجماهيرية، بل وحباً واقتدَاء بالنبي محمد أضعاف ما كانوا عليه في العام السابق، الذي كانوا أَسَاساً فيه أضعافًا، ما كانوا فيما سبقه وهكذا؛ فحب النبي محمد بذر في قلوب اليمنيين الخصبة؛ ولذا سترى الحبة الواحدة تنبت سبعَ سنابل في كُـلّ سنبلة مِئة حبة، وحب النبي محمد، وهذا ما سنراه وسنكون عليه في حضرة خيرِ البشر أجمعين.

 

– كلمة أخيرة؟

الكلمة الأخيرة، هي نصيحةٌ لمن لا يزالُ في قلبه مثقالُ حبة من تردّد، يقولُ الله تعالى عن نبيه محمد: (وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ) رفع الله مكانة ومنزلة النبي بين الناس وعبر الناس أنفسهم، فالله يهيئ المحبين للنبي، ليكونوا هم من يرفعون ذكرَه بنشر فضائله والاقتدَاء به جيلاً بعد جيل؛ لذا سعى الشيطانُ عبر أدواته لضرب هذه السُّنةِ الإلهية من خلال أدواته الشيطانية الوهَّـابية التكفيرية، من خلال ممارسات شيطانية لا تَمُتُّ للنبي ولا للدين ولا للقرآن بأدنى صلة، من جانب، ومن جانب آخر من خلال الهجوم على من يتحَرّكون مع الله “عز وجل” لرفع ذكر النبي، ووصف ما يقومون به بالبدعة؛ فأيُّ الفريقين ستكون فيه: هل ستكون ممن رفع الله ذكر نبيه فارتفع ذكرك مع ذكره (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ) أم ستكون من حزب الصهاينة وأدواتهم المنافقين الذين يسعَون لنسف مكانة ومنزلة محمد “صلى الله عليه وآله وسلم”.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com