ماهر الجازي كان أُمَّـةً في فرد
كوثر محمد المطاع
من لم يشاهد تلك العملية البطولية في معبر الأردن مع الأراضي الفلسطينية المحتلّة هو حتماً لم يشاهد شجاعة وَصلابة وثباتًا وإيمانًا كموقف الشهيد ماهر الجازي، الذي كان يعرف مسبقًا بأنه سيرتقي شهيداً لامحالة فإذا لم يمت على أيدي الصهاينة، فهو حتمًا سيموت على أيدي العملاء في بلاده الأردن، الذين سيسارعون لإثبات الولاء والطاعة لوليهم الصهيوني.
جاءت هذه العملية حتمًا من قوة إيمان وبصيرة عظيمة، فقد جسّد موقفه الجهادي المشرّف حميته وغيرته على إخوانه الفلسطينيين الذين يواجهون الموت في كُـلّ لحظة، إما بالجوع أَو بالقصف أَو بالمرض.
وقف وحيداً ولكن الملائكة كانت معه هناك قد ثبتته في مشهد بطولي فهو يواجههم بمسدسه الذي قتلهم ألف مرة قبل أن يصيب الصهاينة الثلاثة، عزمه وقراره هو ما يخاف منه اليوم صهاينة العرب، الذين يعيشون حالة من العمالة وَيبقون شعوبهم في حالة من الجمود واللامبالاة؛ خوفاً على مصالح أسيادهم الصهاينة الذي كان لهم الفضل في أن يصبحوا مسؤولين في الحكومات العربية.
فما قام به الشهيد ماهر الجازي كصحوة في ضمير كُـلّ شخص يقول: ماذا أفعل!!؟
فهذا ماهر قد فعل وجسّد موقفاً جهاديًّا بطوليًّا وتاريخيًّا، وَكان ما حدث وكأنها معركة في حَــدّ ذاتها قادها وَانتصر لموقفه وَشرفه وَأحرار وطنه، وكل فلسطيني نادى أين هم العرب!!؟
موقف لم يتوقعه أحد، فمن المعروف موقف مملكة الأردن المطبّعة مع “إسرائيل”، والتي تقوم بمساندتهم بالغذاء وبكل ما يُطلب منهم وعلى أتم وجه؛ فهم يحمون السفارة الإسرائيلية في بلادهم، وليس لحكومتهم أي موقف مشرّف، بل إنهم يدعمون قرار ترحيل الفلسطينيين، أَو أن يعيش الفلسطينيون مع الصهاينة، لا استنكار ولا إدانة، بل مساندة كاملة للصهاينة، يحمون الأجواء من أي خطر محدق بأمن الصهاينة.
يظن الحكّام العرب أن موقف اللامبالاة لما يحدث في غزة خَاصَّة، وَفلسطين عامة، قد أصبح موقف العرب كما تعودوا منهم بأن تأخذهم العاطفة، وسرعان ما تتلاشى تلك العواطف، فهم يظنون أن كُـلّ ما يحدث من جرائم كُـلّ يوم بات يُنظر إليها بصورة اعتيادية، ولكنهم لم يتوقعوا أن الشعوب باتت تفكر وَتأخذ قرارها دون الرجوع إلى الحكومات العميلة، بل أن كُـلّ فرد محاسب على موقفه أمام ما يحدث من جرائم، وأن كُـلّ حُرٍّ بات يفكر ماذا يعمل لكي يقف يوم القضاء الأكبر وَالأعدل وَلم يسجل أي موقف؟!
من اليوم وبعد موقف الثبات في دول المحور، سنسمع عن عمليات الموت كُـلّ يوم حتى يكون الرعب والخوف ملازم لكل مغتصب صهيوني تجرأ على أطهر الشعوب في فلسطين الحرة.