الاحتفالُ بذكرى المولد النبوي.. الأهميّةُ والأهداف
منير الشامي
مما لا شك فيه أن المرحلة التي تعيشها الأُمَّــة العربية وَالإسلامية هي أسوأ مرحلة وصلت إليها فهي لم تصل إلى هذا المستوى الذي تعيشه اليوم من الضعف والهوان إطلاقاً، من حَيثُ خضوعها لأعدائها وتقبلها لهيمنتهم واستكبارهم حتى صارت هي مضروبة بالذلة والمسكنة التي ضرب الله بها أعدائها، والعدوان الوحشي على غزة منذ ما يقارب العام أكبر شاهد على ذلك ودليل، تحَرّك الأحرار والشرفاء في شعوب الأرض تضامناً ومساندة مع غزة ولم تتحَرّك غالبية شعوب الأُمَّــة العربية والإسلامية.
لقد صارت أغلب شعوب الأُمَّــة وأنظمة العمالة والنفاق فيها يخشون أعدائهم ولا يخشون الله، خانعين أذلاء لهم يسومونهم سوء العذاب فلا يبدون أية مقاومة، يسيئون إلى نبيهم فلا يستنكرون مجرد استنكار، ويحرقون ويدوسون قرآنهم فلا يغضبون، ويستبيحون دمائهم وأعراضهم ومقدراتهم فيباركون، ويسمعون اليهود والصهاينة يهتفون بعبارة (محمد مات وخلف بنات) فلا ترى فيهم ذرة غيرة أَو حمية، وأصبحت شعوبها الذين يتجاوز عددهم المليار والنصف كغثاء سيل لا وزن لهم ولا قيمة ولا مواقف لهم ولا حراكاً وكلّ ذلك؛ بسَببِ ابتعادهم عن رسولهم ونهجه وعن قرآنهم ونوره.
وفي ظل هذا الحال المخزي والمزري الذي تعيشه غالبية أُمَّـة الإسلام المحمدي فَــإنَّ المخرج الوحيد لها من هذا الحال يتمثل بإثارة ما تبقى من ذرات إيمَـان في قلوب شعوبها، وإحياء رسول الله في وجدانهم ليشدهم إلى كتاب الله تعالى وإلى هديه الشريف ونهجه القويم فتفيق من غفلتها وتصحوا من سباتها، ولن يتحقّق ذلك إلا إن عاد محمد -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ- إلى قلوب أبنائها واسترجعت افئدتهم نور رسول الله ومواقفه، واستعادت ذاكرتهم عظمته ومنزلته واستشعرت نهجه وهديه ونوره ودربه، وشاهدوا بأم أعينهم كُـلّ ذلك عن رسول الله بمواقف حية تعظم رسول الله وتجله وتقدسه قولاً وعملاً نهجاً وسلوكاً، وتسير على خطاه بشجاعة وثبات في مواجهة أعداء الله والتصدي لهم باستبسال وعزم وإقدام، لا يخيفهم في الله لومة لائم، ولا يثنيهم كثرة العدوّ وقوته، ولا يزعزع إيمَـانهم قوة أسلحة المستكبرين ولا إمْكَانياتهم، وقد رأوا هذه المواقف للشعب اليمني، وبدأوا يستعيدون ثقتهم وَيقينهم بوعد الله، ويدركون أن النصر بيده لا بكثرة العدد والعدة، وأن السبيل إلى بلوغه في متناول أيديهم بحسن التوكل على الله وبيقين الثقة في وعده ووعيده، وبالتحَرّك وفق توجيهاته القرآنية والانطلاق استجابة له وسعياً إلى نيل رضاه كما فعل اليمنيون، وأصبحوا يعون أن كُـلّ ذلك لا يتحقّق في نفس أي مسلم إلا بمحبته لرسول الله وتعظيمه واتباعه وتقديسه وطاعته والمضي على خطاه، وهذه هي الأهميّة التي يسعى السيد العلم عبدالملك الحوثي -يحفظه الله ويرعاه- هو ومن معه أن يعكسوها للأُمَّـة من خلال الاحتفاء والابتهاج بذكرى المولد النبوي الشريف والتعبير عن ذلك بكل المظاهر المشروعة الممكنة، وفي مواجهة الاستكبار الأمريكي والبريطاني والصهيوني والغربي، وهو الأمر الذي تحقّق بفضل الله، وَلاحت ثماره في يقظة شعوب الأُمَّــة وعرفوا حقيقة أمريكا ومن معها، وشاهدوا كيف كسر اليمنيون هيبتهم وكيف أذلوا قواتهم البحرية في البحر الأحمر بمدمّـراتهم وبوارجهم وحاملات طائراتهم وفرت منه تجر أذيال الفشل والهزيمة، وفضحوا حقيقة مسيّراتهم الأكثر تطوراً كالأمريكية (MQ9) التي كانت تستعرض بها أين ما تشاء وتقصف بها كلما تشاء، بعد أن صارت أسهل فريسة للجيش اليمني وأسقطوا الكثير منها أمام العالم بمنظومات دفاع يمنية الصنع كان آخرها في التاسع من سبتمبر الجاري.
لقد كان لكل المواقف اليمنية السابقة أثراً بالغاً في نفوس أبناء الأُمَّــة وكل أحرار وشرفاء العالم، عززت وعيهم وأعادت رسول الله إلى قلوبهم وبدأوا يعودون للاحتفالات بذكرى مولده في السنوات القليلة الماضية في كثير من الدول العربية والإسلامية، وعادوا إلى الفرح به وإلى تعظيمه وتقديسه والتعبير عن محبتهم له والاحتفاء بمولده، وهذا هو السبيل لإعادة رسول الله إلى وجدان الأُمَّــة، ومتى ما عاد إليها فسينهضها رسول الله من سباتها ويفيقها من غفلتها ويعيدها إلى المسار الذي أمرها بالتزامه وإلى صراطه المستقيم الذي حذرها من الانحراف عنه، وهذا هو الهدف الذي يسعى قائد الثورة ومن معه إلى تحقيقه، وسيتحقّق بإذن الله مهما حاول أعداء الله من اليهود والنصارى والمنافقين الحيلولة دون بلوغه؛ فالله غالب على أمره، وهو الهادي إلى سواء السبيل.