ويجي واحد يقل لك: بدعة..!
بقلم الشيخ عبدالمنان السنبلي
قبل حوالي أكثر من شهرين تقريبًا تقدمت نحوي طفلة تسألني بشيء من اللهفة..
قالت: يا عم متى تحتفلون بالمولد..؟
قلت: قريباً إن شاء الله..
يعني: قولي شهرين من الآن..
قالت: وهل ستحتفلون به في نفس المكان الذي احتفلتم به السنة الماضية.. (وأشَارَت إلى المكان)..؟
أجبتها: إن شاء الله.
ولم تسألين، سألتها..؟
قالت: أنا حضرت معكم السنة الماضية، وأريد أن لا يفوتني هذه السنة أَيْـضاً..!
انتهى.
هل استوعبتم الحالة..؟
بالنسبة لي، أعتقد أن هذه الفتاة في هذا اللقاء أَو الحوار التلقائي والبسيط، قد لخصت كُـلّ شيء يريد الإنسان معرفته عن ما يتركه إحياء هذه المناسبة من أثر فقط في نفوس الصغار والكبار..
يعني: بالله عليكم،
تخيلوا: سنة كاملة وهذه الذكرى، وصاحب الذكرى، بطبيعة الحال، لم تبارح مخيلة هذه الفتاة..؟
ولن تبارحها أَيْـضاً لسنواتٍ قادمة..
ولكم أن تتخيلوا كم من الأطفال والفتيات على هذا النحو وهذه الشاكلة..
ذلك أن إقامة مثل هذه الفعاليات والأمسيات والاحتفائيات، وبما يصاحبها من إظهار وإبرازٍ لمظاهر الفرح والسرور تظل محفورة في الذاكرة زمناً طويلا..
طيب..!
أليس في هذا ما يشد الناس إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-..؟
أليس فيه ما يقوي علاقتهم وارتباطهم به..؟
أليس فيه ما ينمي لديهم مشاعر الألفة والمحبة والمودة له..؟!
أليس فيه ما يجعلهم يتطلعون شوقاً ولهفةً إلى معرفته والتعرف عليه أكثر وأكثر..؟
أجيبوني..؟!
بلى.. وألف بلى..
ويجي لك واحد بعد ذلك ويقللك:
بدعة..!
لا.. والمصيبة أن البعض منهم لا يعرف عن رسول الله سوى أن اسمه: محمد فقط..!
حتى اسمه الثلاثي، والله، لا يعرفه..!
عن أي بدعةٍ تتحدثون يا هؤلاء..؟
وهل تعرفون ما هي البدعة أصلاً..؟
البدعة، يا محترمون، هي أن تعرف أدق وأبسط التفاصيل عن رموز غربية وأجنبيةٍ كافرة وملحدة بينما تجهل أكثر الأشياء عن رسول الله..!
البدعة هي أن تعرف عن (ميسي) وكريستانيو وجيفارا وباتستا ومانديلا وغاندي وتتخذهم رموزاً، أكثر مما تعرف عن محمد أَو تتخذه رمزاً..!
البدعة هي أن تقتني صور مثل هؤلاء وتعلقها على حيطان مجلسك وغرف نومك، بينما تستكثر علينا، بل تجرم أحياناً، أن نوزع بروشورات أَو نعلق ملصقات تذكر برسول الله أَو تدعو إلى الاحتفاء والاحتفال به..
البدعة هي أن تحرص طول الوقت على تتبع مجريات وأحداث دوري أبطال أُورُوبا والليجا والكلاسيكو، وكوبا أمريكا وَ…، ولا تلتفت لحظة واحدة إلى النظر أَو التأمل في سيرة وحياة سيدنا محمد..!
البدعة هي أن تتسمر أمام الشاشات طويلاً لمتابعة أخبار وتفاهات الفنانين والفنانات وبرامج: آرب آيدول وستار أكاديمي وغيرها من البرامج الهابطة، ولا تكلف نفسك عناء الحضور ساعة واحدة فقط للمشاركة في مثل هذه الأمسيات والفعاليات أَو حضور الندوات الخَاصَّة بذكرى مولد رسول الله..!
البدعة هي أن تنفق دول، كالإمارات والسعوديّة وَ..، مليارات الدولارات لإحياء مناسبات الكريسمس وأعياد الميلاد مثلاً، أَو لإقامة فعاليات ومهرجانات السينما ومواسم الرياض وجدة وليالي دبي وَ…،
بينما تستكثر قنواتهم علينا أن زينا شوارعنا بقصاصاتٍ من قماش أَو أضأناها بإضاءات وقناديل زهيدة الأثمان احتفالاً بذكرى مولد النور..!
البدعة أن أراك اليوم لا تهتم لغزة وما يدور بغزة وفلسطين، بينما لا تألو جهداً في محاولات التشويه والتشويش على مجريات احتفالنا واحتفائنا بذكرى مولد الرسول الخاتم الذي أمرنا أصلاً وحثنا على أن ننصر (غزة) والمستضعفين في (غزة) وفلسطين وفي أية بقعة من بقاع هذه الأُمَّــة..
هذه هي البدعة..؟
فهل عرفتم الآن ما هي البدعة..؟
وهل عرفتم الآن أَيْـضاً لماذا تلك الفتاة، وغيرها من الأطفال، على وجه الخصوص، يتهافتون على حضور هذه الأمسيات..؟
لماذا حتى الكبار..؟
لأنهم، ببساطة، يعرفون من هو رسول الله..
لأنهم يريدون أن لا يبارحهم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-..
قللك: بدعة.. قال..!