الاحتشاداتُ المليونية لليمنيين احتفالًا بمولد الرسول.. الانعكاساتُ والمضامين
عبدالجبار الغراب
بمَشاهِدَ إيمانيةٍ فريدةٍ في مظهرها وملامحها، وبصور عظيمة في وصفها وتوصيفها المعبرة كلها عن الابتهاج والسعادة والابتهال الواضح في وجوه مختلف الفئات العمرية الحاضرة -رجالًا ونساء كبارًا وصغارًا- والتي وثقتها ورصدتها مختلف العدسات الإعلامية ونقلتها عشرات القنوات الفضائية ونشرتها مواقع وسائل التواصل الاجتماعي للمظاهر والمشاهد الإيمانية الفريدة وغير المسبوقة في التأريخ لتوافد وتقاطر ملايين اليمنيين التي اكتظت وامتلأت بها عشرات الساحات والميادين المنتشرة في مدن ومديريات الجمهورية اليمنية لإحيائهم للمولد النبوي الشريف وإعلانهم للثبات الدائم وإسنادهم ودعمهم المتواصل للمقاومة الفلسطينية ضد كيان الاحتلال الإسرائيلي الغاصب.
الأرق قلوبًا والألين أفئدة شعب الإيمان والحكمة أحفاد الأنصار وعلى مدى الأزمان: هكذا هم وباستمرار مواقفهم على مختلف المستويات والأصعدة يتفردون في كُـلّ النواحي والمجالات الإنسانية والأخلاقية وفي مناصرتهم للمستضعفين، فقد أظهروا مختلف الجوانب في الدعم والإسناد الفعال للوقوف مع الشعب الفلسطيني، وها هم بذكرى مولد النبي الهادي أظهرت الاحتشادات المليونية انعكاساتها الإيمانية في حضورهم المنقطع النظير ومن قبل يوم مولده الكريم بشهر ومن عام إلى عام يكون المشهد أعظم من الذي قبله، فهم يعطون النموذج الأعلى والعظيم للعالم كله بتفردهم بهذه المناسبة الغالية من خلال إقامتهم للندوات الدينية والمحاضرات التوعوية والتذكيرية بالتعاطف والتكافل ومساعدة المحتاجين والاستلهام من جعل الاحتفاء بمولد الرسول قيمًا سامية للرفد والعطاء والإحسان الخالفة للفرح والسرور وملامح السعادة الظاهرة في الوجوه والتي أعطت مختلف الدلائل الوافية لمكانة أعظم إنسان في الكون، وأخرجت معها مضامينها الكاملة لذلك الزخم الإيماني المكتسب والمستنير من استرشادهم واكتسابهم بمنهج وقيم ومبادئ وأخلاق وسلوكيات الرسول الكريم لجعلهم من الإحياء لمولده الكريم استعادة وتذكيرًا لخصاله وَمعالمه الرشيدة وترسيخهم لقيم النور والهدى والتنوير والاستلهام للاقتدَاء بها في كُـلّ نواحي الحياة لتنفعهم وتساعدهم في مواجهة الأعداء المتربصين بالدين الإسلامي.
إحياء اليمنيين وبحشود مليونية غير مسبوقة لذكرى مولد النبي الهادي وبهذا الشكل الفريد، وضع الكثير للدراسة والتأمل والتفكير لما كان لماضي عقود من الزمان للذكرى الشريفة نسيانها المقصود وتجاهلها الكبير؛ بفعل عدة عوامل وأسباب كان لها مفعولها في الفرض والتأكيد لعدم إحياء مولده الشريف، فالثقافة الوهَّـابية والأفكار المغلوطة ساهمت وقادت هذا الجحود والنكران حتى الوصول الحالي بقولهم بأن الاحتفال بمولد الرسول بدعة، هذا التجاهل السابق المقصود قادتها قوى لها ارتباط شيطاني بقوى الاستكبار العالمي أمريكا و”إسرائيل” لوضع الشعوب الإسلامية في تيهان وشرود وبعيدة عن ارتباطها بكل ما يتصل بها من ذكرى ومناسبات دينية قد تعيدها إلى واقعها الصحيح المستنير من هدى الله وكتابه الحكيم والاقتدَاء بالرسول الكريم وأعلام الهدى الميامين والذي نجح اليمنيين في جعله واقعًا مشهودًا.
العظمة في المواقف الرفيعة وبالهُــوِيَّة الإيمانية وبالثقافة القرآنية وبهدى الله أعطت كلها لليمنيين الشموخ والرفعة والاعتزاز في إحيائهم لذكرى مولد النبي الهادي خُصُوصاً في ظل حرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني جراء استمرار الحرب الهمجية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي ولعام كامل وإلى الآن والتي انكشفت فيها حقائق كبيرة عن جبن وارتهان واضح للحكام العرب للصهاينة والأمريكان، وأعطت معها مختلف التأكيدات الفعالة بما قدمه الشعب اليمني من تضحيات كبرى في إسناده ودعمه للشعب الفلسطيني بمختلف الأشكال والأنواع، وما الإسناد العسكري إلا دليله العظيم على شرف ومجد ودفاع اليمنيين عن المقدسات وتضامنهم العربي الإسلامي الإنساني الفعال مع القضية الفلسطينية، لينقل الشعب اليمني المسلم الصورة الصحيحة المغايرة عن ماضٍ مفتعل أخل بذكرى الرسول بما يريده الصهاينة والأمريكان وبفعل الانقياد والانصياع الكامل لحكام وملوك وأمراء العرب لهم.
استعادة اليمنيين لقرارهم بفعل نجاحات متوالية لأهداف ثورة 21 سبتمبر الخالدة التي أَدَّت في تشكيلها للواقع اليمني الحالي الصحيح، ليرتفع صوت ومكانة اليمن عاليًا، فالتفرد اليمني في إحياء ذكرى مولد النبي الهادي عن باقي الشعوب الإسلامية أوضح تصحيحًا لمسارات عديدة كان لها الفضل في إعادة الأوضاع إلى سياقها الصحيح، لتظهر جوانب الاعتزاز والفخر واليقين الذي تولد من قوة الإيمان والعقيدة والولاء لله ولرسوله ولأعلام الهدى في زمن له من المتغيرات المفتعلة التي تم إيجادها لأغراض تشويه الإسلام ومحاربة المسلمين والإساءَات المتكرّرة لرسولنا الكريم البشير النذير؛ مِن أجلِ الابتعاد عن المنهج القويم والأَسَاس المنير كتاب رب العالمين.