مولدُ الرسول.. فرحٌ وسرور وجهادٌ واجتهاد
ق. حسين بن محمد المهدي
حمداً لله على ما أولانا من جميل آلائه، ونشكره على ما آتانا من جزيل نعمائه، لا إله إلا هو أكرمنا بمحمد عبده المصطفى ونبيه المرتضى، واختاره من خيار خلقه نبيًّا ورسولاً لإظهار حقه، وإصلاح شؤون خلقه، فأقام الدليل على وحدانية الله، وأوضح السبيل إلى عبادة الله وحده، فكانت الفرحة والسرور بميلاده وبعثته تتجلى في نفوس المؤمنين فكان ميلاده وهجرته في شهر ربيع الأول.
لقد اتحف الإنسانية محمد “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَــهُ وَسَلَّمَ” بعقيدة التوحيد التي علمه الله، وهي عقيدة صافية، متدفقة بالقوة قالبة للأوضاع، مدمّـرة للباطل لم تنل ولن تنل الإنسانية مثلها إلى يوم القيامة، إنها عقيدة صافية نقية حافزة للهمم، باعثة للحياة، تخلص الإنسان من كُـلّ خوف ووجل، فالمؤمن لا يخاف أحدًا إلا الله؛ لأَنَّه علم وتعلم من هدي محمد “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَــهُ وَسَلَّمَ” أن الله وحده هو الضار النافع هو المعطي المانع، وأنه وحده الكفيل بحاجات البشر.
لقد جاء محمد “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَــهُ وَسَلَّمَ” بمبدأ وحدة الربوبية، ووحدة الإنسانية، وَأنزل الله عليه (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثيراً وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ) وجاء في خطبته في حجّـة الوداع، أن “ربكم واحد، وأباكم واحد، كلكم لآدمَ وآدمُ من تراب”.
لقد أعلن هذا النبي الكريم مبدأ كرامة الإنسان، وشرف الإنسانية، (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً).
لقد جاء هذا النبي العظيم بالرحمة، وجعل الرحمة على بني آدم شرطًا لازمًا لحصول رحمته “سبحانه وتعالى” فقال: (الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء” وقال سبحانه وتعالى: (وَما أرسلناكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) وقال تعالى: (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أنفسكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ).
إن من مظاهر الرحمة التي يجب أن يتأسى بها المؤمن برسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَــهُ وَسَلَّمَ” هي نصرة المسلمين والقتال معهم ورفع الظلم عنهم كما هو الحال في فلسطين (وَما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً، الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقاتِلُوا أولياء الشَّيْطانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً).
إن من مظاهر الرحمة بالمؤمنين اقتدَاء بالنبي الكريم الاهتمام بشأن المؤمنين، والإحساس بما يصيبهم، “من أصبح ولم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم” “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذَا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”.
ومن مظاهر الرحمة بالمؤمنين أن يحاربوا ويقاتلوا الصهيونية اليهودية في فلسطين، فالفلسطينيون يستنصرون الأُمَّــة الإسلامية، فليس هناك من عذر أبدًا، فهذا رسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَــهُ وَسَلَّمَ” حينما استنصرته خزاعة، وأنشده عمرو بن سالم الخزاعي أبياتاً وسأله النصر والنجدة، وأخبره بأن قريشاً أخلفوه الموعد، ونقضوا ميثاقه المؤكّـد، وقتلوهم ركعاً وسجداً، فقال له رسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَــهُ وَسَلَّمَ”: “نُصِرت يا عمرو بن سالم” فأعد العدة، وفتح مكة، وانتصر دين الإسلام والوحدة.
فمن مظاهر الرحمة بالمؤمنين: أن يحب لهم ما يحب لنفسه من الخير، ففي الحديث النبوي: “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”.
(مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّـهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ).
إن مما يجب على المسلمين هو التراحم وإظهار الغلظة على الكفار، وليس كما تفعل الأنظمة العميلة في إظهار الود للصهيونية اليهودية، (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً).
إن إسعاف المجاهدين في فلسطين ونصرتهم فيه نصرة للإسلام والمسلمين، وها هو إمام المجاهدين في عصرنا هذا السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي “حفظه الله” ينصر ومعه أنصار الله من أبناء اليمن الميمون فلسطين لتكون كلمة الله هي العليا ففازوا بخير الدنيا والأُخرى وكانت الفرحة والسرور بفرحة الرسول كبيرة وعظيمة والنصر بإذن الله حليفهم (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).