اليمانيون.. ربيعُ عشق سرمدي
دينا الرميمة
بعد عديد أَيَّـام قُضيت في تهيئة الأرض والأرواح العاشقة للذات المحمدية لاستقبال ربيع نبيها استجابة لقوله تعالى: «وبذلك فليفرحوا» بجهود ذاتية لا إجبار، ارتدت الأرض اليمنية حلتها الخضراء وبحب محمد تزينت حتى بدت كماسة خضراء بالغة الجمال أنارت وجه هذا العالم الغارق بظلمات أمريكا والصهيونية.
وأنكب من عليها يتدارسون سيرة نبيهم يقتفون أثره وعظيم أخلاقه حتى ملئت من نفحات هديه وهداه وَمعين أخلاقه، فازدادوا له محبة وتعظيماً وبكل شوق ولهفة في يوم مولده المنتظر ملأوا سبعين عاصمتهم وبقية الساحات في مختلف الجغرافيا اليمنية تعزيراً وتوقيراً لنبيهم وتعزيز ارتباط به بألسن صدحت باسمه تلبية وذكراً وصلوات تُتلى وصرخات حناجر بالبراءة من أعداء الله ورسوله، إفشالاً لكل محاولاتهم الرامية لفصلهم عنه وتشويه صورته وقدره فارتفع ذكره على هذه الساحات التي ألبست اليوم ثوباً محمديًّا بعد أن ظلت لقرابة عام ترتدي ثوب جهاد وفي كُـلّ جمعة ترفع البنادق والبيارق وشعارات «لستم وحدكم» قولاً وفعلاً نصرة لفلسطين وغزتها في معركة الفتح الموعود!!
فتبوأ اليمانيون الصدارة بحب محمد وإحياء سنته ويوم مولده الذي يطوي الأيّام ولا يطوى، هو يوم بزغ فيه نوراً مبشراً بقدوم محمد خير مولود على الأرض، وفجر جديد يصنعه الله على يديه، ورسالة فاز من التحق بها كاليمنيين الذين كان لهم شرف سبق الالتحاق بها، وبهم استبدل الله من أعرض عنها وحاربها فكانت عاقبة أمرهم خسراً، اضطر النبي على إثرها مغادرة مكة مهاجراً إلى يثرب الأنصار فاستقبلوه فرحين مستبشرين وبقدومه إليهم احتفلوا واحتضنوا دعوته وبايعوه على السمع والطاعة، ومع من معه تقاسموا الأرض والدور وارتضوا بالنبي نصيباً وقسماً وبه عادوا إلى رحالهم حين عاد المؤلفة قلوبهم والمنافقون إلى رحالهم بالشاة والبعير، وبهم ومعهم أَسَّسَ النبيُّ أعظمَ إمبراطورية تحت لوائها دخلت كامل اليمن برسالة منه ففاخر بها العالمين وإليها نسب نفسه كرجل يماني، حَيثُ فيها حَـلّ نفس الرحمن!! وما خيبت اليمن يوماً ظنه ورؤيته، وعلى العهد والوعد للنبي لا يزال الأحفاد إلى اليوم نصرة وتأسيًا واقتدَاء.
متخذين من مناسبة المولد يوم ترسيخٍ للولاء والاتباع ويومَ حمدٍ وشكرٍ لله على النعمة المهداة وإرث ومورث قلوبٍ وأفئدة فاق شوقها التحمل، مع عظيم معاناة استبدلها الربيع فرحاً وبهجة وتوج رؤوسهم عزة وكرامة وبإقدامهم داسوا المتطاولين على أرضهم وسيادتها، في معركة خاضوها بحكمة ولين وقوة وبأس شديد صنعوا به نصراً كان حديث الأولين والآخرين، وبه ناصروا غزة بعمليات عسكرية ومراحل تصاعدت، آخرها عملية الصاروخ الفرط صوتي الذي وصل يافا المحتلّة، متجاوزاً بعد الحدود وأنظمة دفاعات أمريكا والصهاينة في إطار المرحلة الخامسة من مراحل العمليات المساندة لغزة، وافتتاحاً لاحتفالات يوم المولد هذا العام، الذي توحد فيه الجميع بحب محمد ورفع رايته وإليه قلوبهم أوت وباسمه تغنى المنشدون قصائد مدح وترانيم عشق، متحدين كيد الكائدين ومن بالإسلام متلبسين فانتحرت البدعة تحت أقدامهم وفضحوا كُـلّ الزيف والبهتان الذي ألحقوه بالدين مجسدين وحدة هُــوِيَّة هي بذور لوحدة جامعة واعتصام أُمَّـة بحبل ربها ودعوة للعودة لهدي وقيم نبيها لتعود كما كانت خير الأمم بحضارة صنعها النبي وقضى بها على الجاهلية الأولى!
هنا تلبية لدعوة السيد القائد وَقلوب امتلأت وعيًا بفضل مسيرة انتشلتها من مكائد الوهَّـابية إلى منهج حق أحق أن يتبع، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وخلود رسالة لا ريب فيها ولا تشكيك ومشهد حفته دعواته وصورة قلّ نظيرها في كُـلّ الدنيا للعالم بمن فيه من محب ومعادٍ، تزاحمت عليها الكلمات وارتصت الحروف صَــفًّا صَــفًّا لوصفها وتوصيفها، فوقفت أمامها قصائد الشعر ونثريات الأدب عاجزة عن وصف العشق وزخم الاحتفالات حَــدّ الغبطة من بقية أبناء الأُمَّــة الذين انبهروا بها؛ فحاكاها الكثير إعلاناً بميلاد عهد جديد للأُمَّـة وعودة للدين المحمدي واستعادة حضارة إسلامية تهوي أمامها كُـلّ الحضارات.