المولدُ النبوي الشريف في خطابات السيد القائد
المسيرة: عباس القاعدي
لا تكادُ تخلو خطابات السيد القائد عبد الملك بدرالدين الحوثي “يحفظه الله” وخُصُوصاً في مناسبات إحيَـاء ذكرى المولد النبوي من مرتكزات أَسَاسية لمشروع إسلامي شامل.
حين يتحدث السيد القائد، فَــإنَّه يخاطب الأُمَّــة الإسلامية والعربية بأجمعها وليس الشعب اليمني فقط، ولذا فَــإنَّ مناسبة المولد النبوي في خطاباته تعبر عن رؤيةٍ رصينة ومفصلة لمقتضيات المرحلة الحالية التي تمر بها الأُمَّــة الإسلامية بكامل جوانبها، وتقدم إضاءات فكرية عميقة لمعنى النبوة والرسالة المحمدية، وشرح لشخصية الرسول الأعظم، وتشرح واقع الأُمَّــة وجوانب القصور فيها، ويضع شعوب الأُمَّــة أمام مسؤولياتها الحتمية، وضرورة مواجهة المشروع الأمريكي الإسرائيلي، وتجدد التأكيد على القضية المركزية للأُمَّـة، وهي القضية الفلسطينية.
وتعد مناسبة المولد النبوي في خطابات السيد القائد، مدرسة واسعة ومعطاءة، ومحطة تربوية وتثقيفية يستفيد منها في الارتقاء الإيماني، واتِّباع رسالة الله والإيمان بالله، وَالاقتدَاء برسله وأنبيائه، وهي الحقيقة التي يجب أن ننطلق من خلالها لحل كافة الإشكاليات والتحديات التي تواجه أمتنا الإسلامية وتواجه البشرية جمعاء.
محطة تربوية وتثقيفية:
وفي هذا الشأن يقول الدكتور عبد الملك محمد عيسى، عميد كلية الآداب بجامعة صنعاء: إن “الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف من منظور خطابات السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- لا يتجاوز كونه مُجَـرّد احتفال ديني تقليدي معتاد، بل يحمل دلالات سياسية، دينية، وثقافية كبيرة مرتبطة بالهُــوِيَّة الإيمانية والجهاد”.
ويشير إلى أنه في خطابات السيد القائد يركز على عدة نقاط رئيسية، حَيثُ يتم:
- تجديد الولاء للرسول الكريم، حَيثُ يربط السيد القائد بين الاحتفال بذكرى المولد النبوي وتجديد الولاء للرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وتعاليمه، بحيث يتم التأكيد على أن الاحتفال بهذا اليوم ليس مُجَـرّد ذكرى سنوية تقليدية، بل هو تجديد للعهد بالسير على نهج النبي الأكرم في مواجهة الطغاة والظلم.
- تعزيز الوحدة الإسلامية: حَيثُ يعتبر المولد النبوي فرصة لتوحيد الأُمَّــة الإسلامية حول شخصية الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- فالسيد القائد يشدّد في خطاباته على أهميّة توحيد المسلمين تحت راية القرآن، ونهج الرسول لمواجهة التحديات الخارجية، وخَاصَّة لثلاثي الشر أمريكا و”إسرائيل” وبريطانيا التي تشكل تحالفات معادية للإسلام بكل مبادئه.
- كذلك رمزية الجهاد: فالسيد القائد يربط بين قيم الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- في مواجهة الظلم والفساد وبين مقاومة الهيمنة والاستبداد في العصر الحالي، فالمولد يحتفل به، كرمز لمواجهة الظلم الخارجي والداخلي، وخَاصَّة في مواجهة القوى الكبرى الشيطانية مثل أمريكا و”إسرائيل”، التي يعتبرها السيد القائد جزءاً من التحالفات المعادية للإسلام.
ويؤكّـد عيسى في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أن المولد النبوي الشريف في خطابات السيد القائد يرتبط بوضوح بمفهوم الهُــوِيَّة القرآنية التي يدعو إليها، فالسيد القائد يشدّد على أن الاحتفال بالمولد هو جزء من التمسك بالهُــوِيَّة الإيمانية للشعب اليمني، وإظهار الصمود والتحدي في وجه المخطّطات التي تهدف إلى طمس تلك الهُــوِيَّة الإيمانية، وهو ما يعززه الاستهداف الأمريكي واعترافات خلية التجسس الأمريكية على قيم ومبادئ الشعب ومحاولة مسخ هُــوِيَّته الإيمانية، معتبرًا المولد النبوي تأكيداً على الهُــوِيَّة القرآنية.
فرصةٌ لإحيَـاء القيم النبوية:
ووفقاً للدكتور عيسى فَــإنَّ السيد القائد لا ينظر للمولد النبوي الشريف كحدث سنوي، بل كفرصة لإحيَـاء القيم النبوية في الواقع الحياتي، وللتذكير بالقيم التي جاء بها النبي محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- مثل قيم العدالة، الرحمة، والتضامن الاجتماعي، ويحث المجتمع على تطبيق هذه القيم في الحياة اليومية، خَاصَّة في مواجهة الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد.
ويرى عميد كلية الآداب بجامعة صنعاء، أن “المولد النبوي الشريف في فكر السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- ليس فقط مناسبة دينية، بل هو حدثٌ ذو أبعاد سياسية، اجتماعية، ودينية يهدف إلى تعزيز قيمة الجهاد والهُــوِيَّة الإسلامية في مواجهة التحديات الراهنة التي يعيشها الشعب اليمني وكلّ شعوب العالم الإسلامي قاطبة”، مؤكّـداً أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف يدل دلالة واضحة على محبة السيد القائد والشعب اليمني الصادقة للرسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-.
ولذلك، فَــإنَّ الاحتفال بالمولد النبوي الشريف يعني أن هذه الأُمَّــة تقدر نعمة الله سبحانه وتعالى، عليها بهدايتها بالرسول الأكرم، ويجسد الاحتفال بالمولد أن الأُمَّــة تشكر الله سبحانه وتعالى، على هذه النعمة العظيمة، وتقدرها حق قدرها، وأنها تحب الرسول الأعظم، وتتخلق بأخلاقه، وتتزود بالمعرفة العملية الصحيحة بالإسلام وقيَّمه، وجوهره، وتعاليمه، وتوجيهاته، بدلاً عن التمسك بقشوره التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
مناسبةٌ لتجديد الوحدة الإسلامية:
من جهته يقول أمين عام مساعد حزب الشعب الديمقراطي حشد، سند الصيادي: إن “السيدَ القائد في خطاباته بشأن المولد النبوي الشريف يحرص على القيمة العائدة من الاحتفاء بهذه المناسبة وجدانيًّا في ترسيخ الإيمان والوعي، والتزكية للنفوس، وتعزيز الارتباط بالعلاقة الإيمانية بالرسول -صلوات الله عليه وعلى آله- والقرآن الكريم”.
وعلى الصعيد السلوكي يؤكّـد الصيادي في تصريح خاص لـ “المسيرة” أن المولد النبوي الشريف في خطابات السيد القائد، قاعدة أَسَاسية تنعكس هذه المناسبة لمصلحة الالتزام العملي للفرد والجماعة، على المواقف الإيجابية، على منظومة الأخلاق والقيم، والثبات والتماسك المجتمعي والديني للشعب اليمني والأمّة جمعاء، موضحًا أن السيد القائد يرى في هذه المناسبة العظيمة حاجة ملحة للأُمَّـة لمواجهة الأخطار والتحديات، وأبرزها حالة التبعية لأعداء الإسلام والإنسانية، المتمثلون بأمريكا و”إسرائيل”، وبعض الأنظمة الأُورُوبية، ومن يواليهم، ومواجهة الاختراقات الحادثة والهادفة إلى تجريف وتغيير الكثير من المفاهيم، والرؤى، والأفكار، والعقائد، والثقافات في سياق احتواء الأُمَّــة، وإلغاء دورها الديني والحضاري.
ويوضح الصيادي أن مناسبة المولد النبوي الشريف، في خطابات السيد القائد، تعد مناسبة لإعادة الوحدة الإسلامية باصطفاف الأُمَّــة حول الرسول الأعظم الذي يمثل رمزية هُــوِيَّتها ومعتقداتها الجامعة على اختلاف أعراقها ومذاهبها، معتبرًا ذلك منطلقاً مهماً لتصحيح الوضع، وإصلاح الواقع، وإعلاء مفهوم الجهاد، كثقافة نبوية، ونهج محمدي، وكحاجة ضرورية لإعلاء وعزة ورفعة الأُمَّــة ومكانتها.
أسس ومضامين:
ووفقاً للصيادي فَــإنَّ أسس ومضامين إحيَـاء المولد النبوي في خطابات السيد القائد، نشاهدها عمليًّا في ميدان الصراع، سواء على مستوى الفرد والجماعة، أَو على كافة المجالات الدينية والسياسية والثقافية والاجتماعية والعسكرية التي طالما وردت في خطابات السيد القائد طوال الأعوام الماضية حول أهميّة الإحيَـاء، والاحتفال اللائق بالمولد النبوي الشريف، الذي يتضمن وفق خطابات السيد القائد على إضاءات فكرية وفلسفية عميقة، لمعنى النبوة، والرسالة المحمدية تعبر عن فاعلية الإسلام التي تكمن في استمراريته، وحضوره في الواقع الإسلامي؛ تعبيراً عن الانتماء والارتباط والنهج الحياتي العام والخاص، وليس كحالة ماضوية منفصلة عن الراهن والمستقبل، كما هو حال الدول الإسلامية والعربية غالبًا اليوم، التي انحرفت عن مشروع الرسالة المحمدية، ولم يعد فيها من الإسلام إلا اسمه.
ويرى الصيادي أن مناسبة المولد في خطابات السيد القائد، مناسبة عظيمة يستذكر فيها المسلمون مولد النبي محمد -صلى الله عليه وآله- خاتم الأنبياء والمرسلين، الذين أضاء برسالته السماء والأرض، ويمثل هذا الاحتفال فرصة للتعبير عن المحبة والاحترام لشخص النبي الكريم، وتذكير الأجيال بقيمه السامية، وتعاليمه الإنسانية، وكذلك تعد محطة مهمة يتزود منها المسلمون ما يحتاجون من متطلبات روحية، وتربوية، وعملية، في ظل ما تواجهه الأُمَّــة الإسلامية من تحديات من جانب أعدائها بكل أشكال الاستهداف وتواجه مخاطر تهدّد وجودها كأمة مستقلة لها مشروعها.
مولد جديد لأمة قوية:
ولذلك، فَــإنَّ السيد القائد حين يتحدث عن ذكرى مولده الشريف يتحدث عن مناسبة عظيمة مفعمة بالمعاني والدلالات التي تستلهم منها الأُمَّــة كُـلّ ما يعزز قوتها، ومنعتها، ويقوي صلتنا بالله وبرسوله الأعظم -عليه وآله أفضل الصلاة والسلام- ويعمق فيما بين الأُمَّــة الإسلامية أواصر التآلف، والمحبة، وقيم الوحدة، والتلاحم، والتضامن، التي هي اليوم فيْ أَمَسِّ الحاجة إليها، لا سِـيَّـما في ظل ما تواجهه من تحديات، وما يحيق بها من مؤامرات كثيرة.
ويرى أن مناسبة المولد النبوي الشريف قي خطابات السيد القائد، والتي تذكر الأُمَّــة بمشروع نهضتها الإسلامية بقيادة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ- أنها أعظم مناسبة تعظيماً، وتوقيراً، وَإِعزازاً، ومحبة؛ لأزكى، وأسمى، وأعظم، وأكمل، وأرقى إنسان في كُـلّ تاريخ البشرية، وفرحاً، وابتهاجاً، وسروراً، بنعمة الله، وفضله ورحمته، حَيثُ مَنَّ على المجتمع البشري، وبعث لإنقاذه، وإخراجه من الظلمات إلى النور، خيرَ خلقه، وسيِّدَ رُسُلِه، مُحَمَّداً -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ- وأن الإحيَـاء العظيم لهذه المناسبة، هو من مظاهر الفرح، والابتهاج، والتقدير لنعمة الله تعالى، والاعتراف بفضله وَمِنَّتِه.
ولهذا فَــإنَّ إحيَـاء ذكرى مولده -صلى الله عليه وآله وسلم- هو إحيَـاء لمولد أعظم قائد عرفته البشرية وأكرم إنسان سعدت به الأمم وبذل نفسه ووسعه في سبيل نجاحها وتخليصها من الشرك والوثنية؛ فالرسول الأعظم عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام، هو أعظم وأجل وأحق من يحتفى به في أُمَّـة وحضارة عريقة خلدت أسمى المعاني وأجل الآثار في أنصع صفحات التاريخ، وأغنت التراث الإنساني للبشرية بقيم الحق والعدل والمساواة والتسامح والمحبة، وأنارت لبني البشر دروب الخير والصدق والوفاء، وألهبت فيهم مواطن التضحية وصور البذل والعطاء، وأذكت هممهم لبناء أُمَّـة قوية قادرة على مواجهة أعدائها وتجاوز كُـلّ ما يعترض مسيرتها من تحديات ومؤامرات.
وأخيرًا، فَــإنَّ الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، يعد محطة انطلاق نحو مولد جديد لأمة قوية منتصرة، مستقلة، تكتسي هيبتها، وتحتل مكانتها العالية بين الأمم كأمة شاهدة على الناس أجمعين، كما أراد الله لها؛ إذ يجب علينا أن نجعل من هذه المناسبة العظيمة في هذا الزمن مولداً لأمة مُهابة، وذات سيادة، واستقرار، واستقلال، وحرية، لا سِـيَّـما أن إحيَـاء المولد النبوي الشريف يمثل أهميّة بالغة للأُمَّـة الإسلامية، فهو يعتبر خاصية حضارية لها بين الحضارات، والأمم الأُخرى التي لها أعياد ومناسبات مستقلة، وذات خصوصية، ونحن كأمة إسلامية يمثل الاحتفال بالمولد الشريف جزءاً مهماً من مميزات حضارتنا الإسلامية العريقة حتى لا تذوب في معركة الصراع مع الأعداء وتستسلم وتفقد قوتها واستقلاليتها، بل إن الاحتفال الكبير بمناسبة كهذه يعكس صحوة إسلامية، ويعني بأن هذه الأُمَّــة هي في طريقها نحو استعادة قوتها وعزتها وكرامتها، كما أراد الله لها.