النجاةُ في اتّباع هدي النبي الأمين
ق. حسين بن محمد المهدي
مما لا ريب فيه أن أفضل ما نطق به اللسان، ودونته الأقلام وصفت به الأذهان ما زاد في قوة بصيرة الأنام، فصار تذكرة للأخيار، ومزجرة للأشرار، وقوة لأولي الألباب ترجع إليه الرئاسة، وتبنى عليه في أمور الدنيا والدين السياسة في شريعة نبي الإسلام.
وإذا رجعنا إلى كتب اللغة علمنا يقيناً أن الإسلام هو طاعة الله سبحانه وتعالى، والانقياد له والامتثال لأمره، ولم يكن هناك من سبيل إلى معرفة الله والإيمان به، والعمل بأوامره ونواهيه إلا عن طريق من بعثه الله رحمة للعالمين، فأكمل به الدين، وأتم به النعمة للمسلمين (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسلام دِيناً) (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً).
ولهذا فَــإنَّ التعريفَ الصحيحَ لدين الإسلام أن نؤمِنَ بتعاليم النبي محمد “صلى الله عليه وآله وسلم”، وأن نعبد الله ونطيعه وفقاً لما جاء به من الهدى والنور في القرآن العظيم.
فكل من أعرض عن هدي النبي محمد -صلى الله عليه وآله- ولم يتخذه وسيلة إلى معرفة الله، ومعرفه قوانينه التي يجب أن نسير عليها في هذه الحياة فليس بمسلم، وإن ادعى أنه مسلم، مطيع لله، منقاد لأوامره، ومجتنب لنواهيه، إذا عرفت ذلك عرفت أن طريق الإسلام المستقيم هو الذي يهدي إليه هذا النبي بأمر ربه.
ومن هنا نعلم جميعاً أن البشر محتاجون إلى الإيمان بالنبي واتباعه والامتثال لأمره، وأن الذي يخالف النبي ويعرض عن طاعته ويبتدع طريقاً لنفسه هو الضال من غير شك، (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَو يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ).
وهذا واضح الدلالة في أن من أجهد نفسه في البحث عن طريق غير طريق النبي لا يعدو أن يقع في أحد أمرين: إما أن لا يجد طريقاً موصلاً إلى الله يسلكها ويسير عليها، وهذا لا شك في هلاكه، وإما أن يجد طريقاً منحنياً فيه عن روح الإسلام، وتعاليم نبي الإسلام فهو يتخبط في حماقة وضلال.
لقد بيّن هذا النبي الأمي عبد الله ورسوله كافة قوانين النجاة والصلاح والاستقامة في الأخلاق والقضاء والاجتماع والسياسة والاقتصاد والجهاد وفي سائر شؤون الإنسانية، التي يدرك حِكَمُها فحول العلماء وكبار الحُكَمَاء على بعد نَظَرِهِم وكثرة تجاربهم.
لقد وضع هذا النبي هذه القوانين وبيّن مقاصدها قبل ما يربو على أربعة عشر قرناً، ومع ذلك لن نجد فيها اليوم موضعاً واحداً يحتاج إلى التغيير أَو إعادة النظر، فهل آن لزعماء الأُمَّــة أن يستمسكوا بهدي النبي الأمين، وأن يجعلوا من ذلك أَسَاساً إلى توجّـههم في السياسة والحكم وفي كُـلّ شؤونهم ففيه شفاء لكل عِلَلِهم، وليتأمل الجميع قول الخالق البديع (وَنُنَزِّلُ مِنَ القرآن ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ).
فلا سبيل إلى معرفة الإسلام وصراطه المستقيم غير تعاليم النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- والقرآن الحكيم: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ).
إن الأُمَّــة الإسلامية إذَا عادت إلى تعاليم نبيها ورفعت راية الجهاد كما رفعها قائد المسيرة القرآنية من يمن الإيمان والحكمة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، فسيتم تحرير فلسطين ويظهر الإسلام على الأرض كلها (هُوَ الَّذِي أرسل رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ).