(سِتُّ) الثورات
الشيخ عبدالمنان السنبلي
يخطئُ مرةً، ومرتين، بل ومِئة وألفَ مرة كُـلُّ مَن يعتقد، ولو للحظة واحدة، أن ثورةَ (٢١) سبتمبر المباركة قد جاءت لتلغي ثورتَي السادس والعشرين من سبتمبر والرابع عشر من أُكتوبر المجيدتَينِ أَو تقلِّلُ من شأنهما أَو تتقاطَعُ -بأي حال من الأحوال- مع مبادئهما وأهدافهما، كما يحاولُ البعضُ إشاعتَه وترويجَه..
والحقيقةُ أنها امتدادٌ طبيعيٌّ ومولودٌ شرعيٌّ لهما فرضته ضرورةُ وطبيعةُ المرحلة، لا لشيء طبعاً سوى لمعالجة وتصحيح ما أصابهما من اختلالاتٍ وتجاوزاتٍ متراكمة حرفتهما كَثيراً عن المسار والطريق الصحيح.
يعني ثورةٌ ترفعُ شعار: لا، للهيمنة والوصاية الخارجية..
نعم، للانعتاق والتحرّر من كُـلّ أشكال التبعية والارتهان للأجنبي.
أين، بالله عليكم، يمكن لها أن تتعارَضَ أَو تتصادمَ مع مبادئ وأهداف ثورتي السادس والعشرين من سبتمبر، والرابع عشر من أُكتوبر المجيدتَينِ..؟!
ما لكم كيف تحكمون..؟
على أية حال، سَمُّوها ما شئتم: انقلاباً، نكبةً، كارثةً، أَو ما شئتم أن تسموها فسمُّوها.. لكن السؤال هو:
هل تعتقدون أنكم بهذا يمكنُ أن تغيِّروا من حقيقة وقوعِها وواقعها وتأثيرها السلوكي والإنساني والوطني شيئاً..؟!
يعني: لو لم يكن من ثمارها وآثارها، إلا أنها أجهضت مخطّطَ تمزيقِ وتفكيك وأقلمة اليمن التآمري، لَكان ذلك كفيلاً بأن ندعوها: (ثورة).
لو لم يكن من ثمارها وآثارها أَيْـضاً سوى أنها كشفت الوجهَ القبيحَ للنظام السعوديّ الرجعي البغيض والحاقد والذي عجزت عن كشفِه وتعريته كُـلُّ المحاولات السابقة على امتداد عمره التآمري على اليمن، لكان ذلك كفيلاً أَيْـضاً بأن ندعوَها: (ثورة).
لو لم يكن من ثمارِها ونتائجِها إلا أنها استطاعت بمفردِها أن تقفَ في وجه أعتى آلةٍ عسكريةٍ وحربيةٍ بريةٍ وجويةٍ وبحريةٍ في المنطقة أرادت احتلالَ اليمن وإخضاعَه وإذلالَه والعبثَ به وبمقدراته، لكان ذلك وحدَه كفيلاً بأن ندعوَها: (ثورة)..
ولو لم يكن من أهم نتائجها وآثارها المباركة أنها مكَّنت اليمن اليوم من أن يسجِّلَ واحداً من أهم وأعظم المواقف المشرِّفة له عبر التاريخ، لكان ذلك كفيلاً بأن ندعوَها: ست الثورات..
وليس ثورة فحسب..
هذه، باختصار، هي ثورةُ الواحد والعشرين من سبتمبر المباركة بمعناها الواسع، ومفهومها الصريح والواضح..
فمَن كان، ولا يزالُ، ينظرُ إليها بعينٍ سوداءَ قاتمةٍ أَو عمياء، فما عليه فقط إلا أن يحجزَ عند أقرب أخصائي عيون أَو قلب..!
ربما -من يدري- يعيدُ له شيئاً من بصرِهِ الضائع أَو بصيرته المفقودة..