أثرُ الاتّفاق والاختلاف على الأُمَّــة
ق. حسين بن محمد المهدي
نحمدك يا الله حمد الصادقين، فأنت وحدك لا شريك لك المتفضل المنعم على العالمين، فمن شكرك على نعمائك فلنفسه شكر، (وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ).
ومن اغتر بحوادث الزمن عَثُرَ بمصادمة المِحن، ومن تفكر في المعاد ظَفُرَ بالمحاب.
وأما من كَبُرَ شططه كَثُرَ غَلَطُه، وعظم خِلافُه، ودنى هلاكه، وانفصل مع الناس رباطه، فكُلُّ ذِي لُبٍ يُدْرِكُ ما صار إليه زعماء عامة المسلمين مِن التماهي قِبل قضية فلسطين، وما تفعله الصهيونية اليهودية في أرض العرب والمسلمين من الأمور التي يندى لها الجبين.
فكيف ينام هؤلاء الزعماء وعدو الإسلام في يقظة، أَو يسكن مَن عدوه في حركة، ويلعب في مراكز اللهو من عدوه في جد يعيث في الأرض فساداً، ويتساهل ويمرح، وعدوه في احتراس، إن هذا لشيء عجاب.
لقد أذاب الحسد قلوب هؤلاء الزعماء لإخوتهم في الإسلام، وظهر العجب في سلوكهم وأعمالهم، فهم يحطون من قدر علمائهم ويبخسون من يعملون على رفع راية الإسلام، ويحطون من شأنهم وإن كان عملهم في غاية الإتقان، وكأنهم لم يسمعوا كلام الرحمن (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أشياءهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الأرض مُفْسِدِينَ) وكأنهم لم يدركوا خطر اليهودية الصهيونية التي استولت على جُـــلِّ فلسطين الإسلامية، فأين هؤلاء من مبدأ الإيمان بالوحدة الإسلامية.
فالأمة كلها أُمَّـة واحدة تشترك في العواطف والميول والنظر إلى الحياة وتقديرها للأشياء بما اشتركت فيه من الدين، وهي فوق ذلك تشترك في الألم والجراح، فألمها واحد، وأغراضها في الشفاء والخلاص واحدة، “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد”.
لقد خالف هؤلاء الزعماء نظام الأخوة الإسلامية وما يجب لها، وانتهكوا دستورها الذي جاء بها الرسول الأعظم محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- وأبان فيه “أن كُـلَّ المسلم على المسلم حرامٌ، دمه، وماله، وعرضه” وكان من دستور الأخوة الإسلامية “أن المسلمين تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم” فخالفوا هذا الدستور، وصاروا يتحالفون مع ساسة اليهود والنصارى، وشنوا على يمن الإيمان والحكمة حرباُ شعواء دون أن يراعو قانون الإسلام ووشيجة القرابة في اللحم والدم والأوطان، والوشيجة الروحية في عقيدة وإيمان.
إننا ندعو إلى الرجوع إلى قانون الإسلام “المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يكذبه، ولا يخذله”.
إننا ندعو الجميع إلى الذهاب لإزاحة العدوّ الصهيوني عن أرض فلسطين الجاثم بكلكله على صدور المسلمين.
إننا ندعو إلى إعادة الأخوة الإسلامية التي نريد إحيائها، والاتّفاق عليها حتى تكون للمسلمين فرج وقوة إذَا دجت الكروب، وادلهمَّت الخطوب، (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّـهِ جميعاً وَلا تَفَرَّقُوا).
الشكر الجزيل للمجاهدين في فلسطين، ولقائد المسيرة القرآنية السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، ولسماحة الأمين العام السيد حسن نصر الله -حفظه الله- ولكل من يرفع علم الجهاد ونصرة قضية فلسطين.
العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، والخزي والهزيمة للكافرين والمنافقين، ولا نامت أعين الجبناء.