“الهُدهُد” يرصُـــدُ والمقاومةُ تمطرُ الكيانَ بالصواريخ.. حزبُ الله يدشّـنُ معركةَ “الحساب المفتوح”
المسيرة | خاص
أعلن حزبُ الله اللبناني عن بدء معركة “الحساب المفتوح”، وطال قصفُه شمالي فلسطين المحتلّة شركةَ “رفائيل” المتخصصة في الوسائل والتجهيزات الإلكترونية وقاعدة ومطار “رامات ديفيد” وأَدَّى لخسائرَ مادية وبشرية في جانب الكيان.
في التفاصيل؛ أكّـد نائبُ الأمين العام لحزب الله الشيخ “نعيم قاسم” أن “إسرائيل” استهدفت “المدنيين والأطفال والمسعفين والصيدليات والبيوت وكل حياة شريفة آمنة ولم تستهدفْ المقاتلين فقط، وحتى هذا لا يبرّر لها استهدافَ المدنيين”.
وَأَضَـافَ “عدنا أقوى والميدان سيشهد بذلك”، وتابع “سيموت العدوّ رعبًا ويتفكك جمعه ولم يحقّق أهدافه”، وشدّد على أن العدوّ “لم يتمكّن من تحقيق أهدافه في فلسطين والمقاومة مُستمرّة”، وبيّن أن “أمريكا غارقة في العدوان والإبادة مع “إسرائيل” ولا ينفع الدجل الذي تمارسه”.
وقال سماحته: “لن توقفنا التهديدات ولا نخشى أخطر الاحتمالات، ونحن مستعدون لمواجهة كُـلّ الاحتمالات العسكرية”، مؤكّـداً أن “جبهة الإسناد في لبنان مُستمرّة إلى أن تتوقف الحرب على غزة ولن يعود سكان الشمال بل سيزداد النزوح وسيتوسع الإسناد والحل “الإسرائيلي” يزيد مأزقهم فاذهبوا إلى غزة وأوقفوا الحرب”.
وأوضح الشيخ قاسم أنّه “لسنا بحاجةٍ إلى إطلاق التهديدات ولن نحدّدَ كيفيةَ الرد على العدوان، فلقد دخلنا في مرحلة جديدة عنوانها معركة الحساب المفتوح”، مُشيراً إلى أنهُ “ليلة أمس قدّمنا دفعةً على الحساب في معركة الحساب المفتوح وراقبوا الميدانَ لينبئَكم عن دفعات الحساب”.
ماذا يعني “الحساب المفتوح”؟
ويشير مصطلح “الحساب المفتوح” إلى مرحلة جديدة من الصراع، حَيثُ لا توجد قيود على الردود العسكرية لحزب الله ضد كيان الاحتلال، وهذا يعني أن الحزب قد يتبنى استراتيجيات أكثر إيلاماً وشمولية في ردوده على الهجمات الصهيونية.
هذا التصعيد يأتي في وقتٍ حساس، حَيثُ تشهد المنطقة توترات متزايدة بين كيان الاحتلال وقوى وفصائل الجهاد والمقاومة في لبنان وفلسطين، واستهداف قادة عسكريين في حزب الله يعكس محاولة الكيان تقويض قدرات الحزب العسكرية وإضعاف تأثيره في المنطقة، وخَاصَّة فيما يتعلق بإسناده لجبهة غزة.
وبحسب مراقبين؛ إعلانُ حزب الله عن “الحساب المفتوح” يأتي في سياق توترات إقليمية متزايدة، حَيثُ تشهد المنطقة صراعات متعددة تشمل “فلسطين وسوريا واليمن والعراق”، وهذه التوترات قد تؤدِّي إلى تدخُّلات إقليمية ودولية من قِبَلِ إيران والقوى الأُخرى مثل “أمريكا وروسيا”؛ ما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والعسكري.
المقاومة تمطرُ بالصواريخ قاعدة “رامات ديفيد” ومصانعَ “رفائيل” الصهيونية:
وقصفت المقاومةُ الإسلاميةُ بعشرات الصواريخ، قاعدة ومطار “رامات ديفيد” بعشرات من الصواريخ من نوع “فادي1” و”فادي2″، رداً على الاعتداءات الإسرائيلية المتكرّرة التي استهدفت مختلف المناطق اللبنانية والتي أَدَّت إلى ارتقاء العديد من الشهداء المدنيين، وعاودت المقاومة استهداف نفس القاعدة المذكورة للمرة الثانية خلال الساعات الأولى من فجر الأحد.
هذا التطور أثار موجة من التحليلات لكثير من الخبراء والمحللين في العالم؛ حول أثر تلك الهجمة الصاروخية من قبل حزب الله على مسار إسناد غزة التي يتبعها الحزب منذ الـ8 من أُكتوبر الماضي؛ دعماً لقطاع غزة وإسناداً لمقاومتها.
في هذا السياق، يرى خبراء عسكريون أن حزب الله يحاول أن يختبر “إسرائيل” ما بين رَدٍّ قاسٍ منتظر من جهته، وبين استمرار حرب الاستنزاف التي يخوضها ضدها منذ نحو عام، وسيحاول المحافظة على وتيرة الهجمات اليومية التي انتهجها، في إطار تثبيت قواعد الاشتباك التي رسمها منذ بدء معركة إسناد “طوفان الأقصى”.
واعتبر الخبراء أن الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله لم “يتزحزح” عن مواقفه بشأن وقف القتال في قطاع غزة ولم يغير رأيه؛ ما يعني أن فشل “إسرائيل” في تصعيد العمليات العسكرية في لبنان وممارسة ضغوط عسكرية إضافية عليه؛ لكي يقبل بالتراجع.
واعتبر اللواء احتياط في الجيش الإسرائيلي “جاك ناريا” أن “حزب الله يعلم جيِّدًا ما يفعله، هو يريد جرّ جيش الاحتلال إلى المنطقة التي يتفوّق فيها وهي جنوب لبنان”.
ونقلت قناة “كان” العبرية عن المتحدث السابق باسم جيش الاحتلال قوله: إنه “إذا وقعت حرب مع لبنان فَــإنَّ مدينة تل أبيب ستبدو مثل مستوطنة سديروت في جنوب إسرائيل”.
لم يغفل البعض في “إسرائيل” ما قد يحدث في الجبهات الأُخرى، ومنهم “يوسي ميلمان” الذي تساءل في حال صمود الجيش والجبهة الداخلية، وقدرتهما على خوض الحرب على جبهتين، فهل توجد ضمانة أن تقتصر الحرب على هذه الجبهات فقط؟.. إن الضفة الغربية تغلي فعلاً، ومع الزيت الذي يُصب على نارها، نتيجة إرهاب المستوطنين، فهي على وشك أن تشهدَ إطلاق الانتفاضة الثالثة”.
وفيما حذر مراسل موقع والا العبري الصحفي “أودي سيغال” من حصول مفاجآت، وقال: إن “الجميع ينظر إلى الجو والبر، ولكن على جيش الاحتلال أن يتأهب للمفاجآت التي قد تأتي من البحر أيضاً”.
أعاد طرح السؤال: “كيف يمكن إعادة سكان الشمال؟، فما حدث صباح اليوم يعتبر ارتفاعاً في مستوى التصعيد، والسؤال الكبير الذي نسأله لأنفسنا صباح اليوم، ولا نملك إجَابَة عليه؛ لأَنَّ القيادة لا تشرح ذلك، كيف يمكن لهذا الشيء إعادة سكان الشمال لمنازلهم؟”، وعَلَّقَ بالقول: “نتنياهو حاول إرجاعَ مِئة ألف شخص إلى مساكنهم في الشمال.. لكنه لا يدرك أنه يهجّر مليونَي إسرائيلي”.
أهميّة الأهداف التي قصفها حزب الله ومكانتها للكيان:
في الإطار؛ عرض الإعلام الحربي للمقاومة الإسلامية “حزب الله” مشاهد مصورة، تظهر رصداً جوية لقاعدة “رامات ديفيد”، كانت قد قامت به مسيرات المقاومة “الهدهد” قبل أسابيع قليلة.
وتضم هذه القاعدة مجموعة من الاختصاصات الجوية، تتوزع بين مقاتلات حربية، ومروحيات قتالية، ومروحيات للنقل والإنقاذ، بالإضافة إلى مروحيات استطلاع بحري، ومنظومات حرب إلكترونية هجومية، وتحتوي التشكيلات العضوية الشاغلة، 3 أسراب قتالية، وهي “الوادي 109″، و”المعركة الأولى 101″، و”العقرب 105”.
كما تحوي هذه التشكيلات، على “سرب الاستخبارات البحري، حماة الغرب 193″، و”سرب الحرب الإلكترونية 157″، يضاف إليها 4 أسراب أركانية لمهام خدمات الدعم والصيانة والإدارة.
ومُجمعات الصناعات العسكرية لشركة “رفائيل” المتخصصة بالوسائل والتجهيزات الإلكترونية والواقعة في منطقة “زوفولون” شمال مدينة “حيفا”، ودوَّت صافرات الإنذار في 74 مستعمرة صهيونية، بعمق 60 كلم داخل الأراضي المحتلّة وُصُـولاً إلى “العفولة”، ودوَّت صافرات الإنذار 7 مرات متتالية في المستعمرات التي تبعد عن الحدود اللبنانية أكثر من 70 كلم انتظارًا للصواريخ القادمة من لبنان.
ويرى مراقبون أن إطلاق المقاومة الصواريخ واستهدافها القواعدَ العسكرية، يؤكّـد فشلَ أهداف الحملات الجوية العنيفة التي ينفّذها العدوّ عبر طائراته الحربية على الأودية في جنوب لبنان، كما كشفت زيفَ ادِّعاءاته الكاذبة بتدمير منصات الإطلاق، وتزيح الستارة عن بعضٍ جديد من بأس المقاومة وقدرتها على إيلام العدوّ بالقدر الذي تتطلبه طبيعة المواجهة.
وسائل إعلام العدو: حزبُ الله اختار بعناية الهدفَ الذي وجّه نيرانه إليه
في السياق؛ أكّـدت وسائل إعلام عبرية، تعليقاً على القصف الصاروخي الذي نفّذته المقاومة الإسلامية في لبنان الأحد، أنّ حزب الله “يشلّ الشمال”، وأقرّ إعلام الاحتلال بمقتل مستوطن زعم أنها في “حادث طريق”، أثناء فراره من صواريخ حزب الله، في إحدى مستوطنات الشمال، ووقوع 4 إصابات بنيران حزب الله، بينما أعلن مستشفى “رمبام” في حيفا المحتلّة وصول أكثر من 10 إصابات.
ويُضاف إلى ذلك تضرّر مبنيين في “كريات بياليك”، حَيثُ تحدثت منصة إعلامية إسرائيلية عن احتراق منازل بأكملها في المستوطنة والمنطقة المحيطة بها.
واعترف أَيْـضاً بسقوط صاروخ في منطقة “الكريوت”، شمالي حيفا، واندلاع حرائق في المدينة ومحيطها من جراء الصليات الصاروخية التي أطلقها حزب الله.
وأشَارَت وسائل إعلام عبرية إلى إطلاق حزب الله أكثر من 120 صاروخاً في اتّجاه الشمال، خلال الساعات الماضية، متحدثةً عن وقوع نحو 30 عملية إطلاق منذ الصباح على “الكريوت”، شمالي حيفا المحتلّة.
ولفتت إلى دوي صفارات الإنذار من دون توقف في الشمال، وفي عدة مناطق صناعية، وشدّدت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي على أنّ حزب الله “اختار بعناية الهدف الذي يوجّه نيرانه إليه، والرسالة المضادة التي يريد إيصالها”.
وادعت أن منظومة الدفاع الجوي “القبة الحديدية” تمكنت من اعتراض العديد منها، بينما عملت فرق الإطفاء على إخماد الحرائق التي اندلعت نتيجة لذلك.
دلائل العملية والحرب النفسية التي يشنها الحزب:
ويرى خبراء عسكريون أن هذا الهجوم يظهر أن حزب الله يمتلك قدرات صاروخية متقدمة تمكّنه من استهداف مواقعَ حساسة داخل “إسرائيل”؛ ما يعكس تطورًا في قدراته العسكرية، كما أن هذا الهجوم يعكس استراتيجية الردع المتبادل بين حزب الله والكيان، حَيثُ يسعى كُـلّ طرف إلى إظهار قوته وقدرته على الرد على أي هجوم.
وإذ جاءت هذه التطورات لتضيف بُعداً نفسيًّا جديدًا للمستوطنين بفقدانِ الأمل والشعور بعدم الأمان، أبلغ العديد من المستوطنين في أرجاء الكيان الصهيوني عن رسائل تلقوها على هواتفهم صباحَ الخميس الفائت، جاء فيها “قولوا وداعًا لأحبّائكم، لكن لا تقلقوا، بعد ساعات قليلة ستعانقونهم في الجحيم”.
وجاء في رسالة أُخرى، على ما أورد موقع “إسرائيل نيوز 24”: “يتمتع الهاكر بإمْكَانية الوصول الكامل إلى أجهزتكم، ويمكنك العودة إلى إعدادات المنتج”، وبحسب الموقع، خلال الليل تمّ تلقّي العديد من الرسائل التي كتب فيها “تنبيه الطوارئ، يجب الدخول إلى المكان المحمي”.
وعليه؛ يعتقد الخبراء أن التصعيد الأخير يحمل عدة سيناريوهات محتملة، فإما أن يكون تصعيداً محدوداً، يقتصر على عمليات عسكرية محدودة بين حزب الله وإسرائيل، دون أن يتطور إلى حرب شاملة، أَو ربما أن يتطور ليؤدي إلى حرب شاملة تشمل دخول قوى إقليمية ودولية، أَو أن القوى الدولية قد تتدخل للوساطة ومحاولة تهدئة الأوضاع؛ ما يؤدي إلى اتّفاقيات تهدئة وإيقاف العدوان على غزة.