الجهادُ في سبيل الله من منظور خطابات السيد القائد عبد الملك الحوثي
المسيرة: عباس القاعدي
يعتبر الجهاد في سبيل الله من أهم القيم والمبادئ التي أحياها السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- في خطاباته، التي يوضح فيها للأُمَّـة الإسلامية أهميّة الجهاد وفق مفهومه القرآني، الذي يحرّر الأُمَّــة من التبعية لأعدائها، ومن سيطرة أعدائها، ويكفل لها أن تكون أُمَّـة مستقلةً، تبني مسيرة حياتها على أَسَاس من هدي الله وتعليماته المباركة، والكفيلة بالارتقاء بالمسلمين من واقعهم المؤسف في هذا العصر، الذي وصل بهم إلى درجة الخنوع والذلة في مواجهة العدوّ الأمريكي والإسرائيلي وحلفائه.
ويرى السيد القائد أن لا خلاصَ للأُمَّـة إلا بالجهاد في سبيل الله؛ باعتبَاره الحل الأمثل والوحيد، الذي يجدي ويفيد، ويحفظ للأُمَّـة عزتها وكرامتها، ويدفع الخطر عنها ويحافظ على حريتها واستقلالها وكرامتها، ومبادئها، وقيمها، وأخلاقها، ومصالحها، وأوطانها، وهو الطريقة الوحيدة التي تمثل الردع والمنع والحماية للأُمَّـة، مؤكّـداً أنه لا يوجد أي حَـلّ آخر، يحافظ على عزة، وكرامة، وحرية، واستقلال الأُمَّــة الإسلامية المستهدفة من جانب أعدائها بكل أشكال الاستهداف، العسكري، والثقافي، والفكري، والاقتصادي، غير الجهاد.
ويؤكّـد أن الجهاد في سبيل الله يمثل حالة الردع لإجرام الأعداء، ويفشل مؤامراتهم التي يستهدفون بها الأُمَّــة؛ لأَنَّهم بطبيعتهم عدوانيون طامعون، متوحشون، مجرمون، ولذلك عندما تتخلى الأُمَّــة عن الجهاد، بأساليب أُخرى، فهذه الأساليب لا تجدي نفعاً؛ لأَنَّ الطريقة التي تحمي الأُمَّــة هي الجهاد في سبيل الله، الذي يمثل ردعاً للعدو وحماية للأُمَّـة، وله مميزاته العظيمة والراقية، التي تجلَّت في الأداء الجهادي بقيادة رسول الله “صَلَّى اللَّهُ عليه وَعَلَى آله” على أرقى مستوى، في مبادئه، وقيمه، وأخلاقه، وروحيته، وأهدافه، فالقضية هي الحق في مواجهة الباطل، والخير في مواجهة الشر، والعدل في مواجهة الظلم.
ويلفت السيد القائد إلى أن ما عاناه ويعانيه المسلمون اليوم هو نتاج لتعطيل مسؤولياتهم المقدسة في إقامة القسط في الأرض وفي الجهاد في سبيل الله، مُشيراً إلى أن التفريط والتقصير الكبير كان له آثاره ونتائجه على الأُمَّــة في قوتها ومنعتها وعزها وفي دورها بين بقية المجتمعات.
ويوضح السيد القائد أن التعطيل للجهاد في سبيل الله يترافق معه انحدار أخلاقي وقيمي وحضاري، وأمية سياسية، ويترافق معه غباء وتبلد في المشاعر، مؤكّـداً أنه لا خلاص للأُمَّـة إلا باتباع تعليمات الله ومنها الجهاد وفق المفهوم القرآني الصحيح، والاستفادة من رسول الله ومسيرته الجهادية الرائدة.
ولهذا فَــإنَّ الجهاد هو الوسيلة الشرعية والوحيدة لنصرة الحق وحماية الأُمَّــة، ومواجهة الطغاة والمجرمين الذين يسعون إلى السيطرة على الناس وثرواتهم، موضحًا أن حالة الضعف في واقع المسلمين وما يترتب عليه من مآس في واقع أمتنا، يدل بشكل واضح على أهميّة فريضة الجهاد في سبيل الله، ولهذا فَــإنَّ الإنسان لا يمكن أن يتحقّق له الإيمان الصادق، إلَّا إذَا شعر بأهميّة الجهاد في سبيل الله، ويعتبره كفريضةٍ من التزاماته الإيمانية والدينية، ويسعى في ذلك بحسب المستطاع.
حرية واستقلال:
وعن أهميّة الجهاد في واقعنا الحالي، فَــإنَّ السيد القائد يشدّد ويكرّر في مختلف خطاباته على المسؤولية الجهادية، ويقرنها بمهمة تحقيق الحرية والاستقلال الوطني، كحق مشروع للشعب اليمني، وكذلك لشعوب الإسلامية، مبينًا أن الجهاد في سبيل الله هو من أهم فرائض الله، ومن المسؤوليات الأَسَاسية، والالتزامات الإيمانية، والدينية في نهج الله ودينه، وهو أَيْـضاً مما غاب عن واقع الأُمَّــة إلى حَــدّ كبير.
ويؤكّـد السيد القائد أن هناك حاجةً وضرورة للجهاد حتى تكون الأُمَّــة قوية منيعة تقدر على النهوض بمسؤولياتها من جهة، وحماية نفسها من جهة أُخرى، مُشيراً إلى أن الطغاة الظالمين يستخدمون وسائل الجبروت لترهيب الناس وزرع الخوف في نفوسهم، وهذا ما نراه في ممارسات القتل بوحشية وإجرام.
ووفق السيد القائد فَــإنَّ قعود الأُمَّــة وتخاذلها وفقدان الروح الجهادية يجعلها تخسر حريتها وكرامتها واستقلالها وتقدم الخسائر الرهيبة جِـدًّا وتكون في وضعية مطمعة للأعداء، وللأسف وصل الحال في واقع أمتنا للانحدار إلى مرحلة أن يتمكّن اليهود من إذلالها، وعندما نقارن واقع الأُمَّــة فيما يتعلق بإمْكَاناتها وكثرة عددها ثم ننظر إلى مستوى تأثيرها ودورها العالمي نجد ما يؤسفنا ويحزننا كَثيراً.
ويستشهد السيد القائد على نتائج فقدان الروح الجهادية عند الأُمَّــة، بما يحدث من جرائم القتل الجماعي التي يمارسها العدوّ الإسرائيلي في فلسطين المحتلّة، وما يحدث فيها من انتهاك الأعراض وحرق المصاحف وتدمير المساجد وتجويع الملايين، دون أن يبدو أي موقف للعرب، موضحًا أن فقدان الروحية الجهادية تعتبر خللًا في الانتماء الإيماني والقيم والأخلاق وفقدان للحالة الإيمانية.
ويؤكّـد أن فقدان الأُمَّــة الإسلامية للروح الجهادية، يفقدها عزتها وشجاعتها واستقلالها وحريتها، ومعناه أن الأُمَّــة ذلّت وهانت وضعفت وانكسرت وجبنت، وهذا يطمع الأعداء فيها، كما أن تنصّل الأُمَّــة عن مسؤولياتها المقدسة والمهمة، يفقدها التأييد والمعونة والنصر من الله، فضلًا عن فقدان الروحية الجهادية، التي تفقد الأُمَّــة حافز البناء وإعداد القوة ويصبح الضعف ثقافة سائدة والاستسلام والخنوع سلوكاً عاماً.
ولذلك يعتبر الجهاد في سبيل الله وسيلة ضرورية وحاجة إنسانية، نحتاج إلى ذلك لحماية أنفسنا؛ لأَنَّنا إن لم نمتلك قدرات عسكرية، ولم نكن أصحاب اهتمامات عسكرية، لم يكن لدينا تركيز على أن نكون أُمَّـة قوية، سيسحقنا الآخرون، يستذلنا الآخرون، يستعبدنا الآخرون، يطمع بنا الآخرون، إذَا لم نمتلك قوة تردع الآخرين عنا تجعلهم ينظرون إلينا إلى أن لدينا المنعة والقدرة والقوة وأننا أُمَّـة في حالة من الجهوزية للدفاع عن أنفسنا ودفع الخطر عن أنفسنا.
استعادةُ الدور الإسلامي:
وكون الجهاد في سبيل الله فريضةً واجبةً لنصرة الحق، ويجعل الأُمَّــة حاضرة مستيقظة جاهزة غير مدجنة وليست في حالة غفلة دائمة، يؤكّـد السيد القائد أن الجهاد في سبيل الله، يجعل الشعوبَ الإسلامية أُمَّـة مجاهدة قوية، تستعيد دورها بين كُـلّ الأمم، وتتصدى لأعدائها، تتصدى للأشرار والمجرمين والطغاة، الذين يستهدفونها بشرِّهم، وإجرامهم، ومؤامراتهم، وعدوانهم.
ويشدّد السيد القائد، على ضرورة إحياء عنوان الجهاد؛ باعتبَاره الحل الحقيقي للتصدي للأعداء، ولمواجهة الخطر الأمريكي الصهيوني الذي أصبح يهدّد الأُمَّــة جمعاء، وعلى الاقتدَاء برسول الله، في مسيرته الجهادية، وأن الجهاد يبني للأُمَّـة واقع جديد، في ظل الهجمة الحقيقية والكاملة على الأُمَّــة من الأعداء.
ويؤكّـد أن الحركة الجهادية للنبي الأعظم تجلت فيها النجاحات الكبرى والعظيمة التي تشهد على أهميتها والحاجة إليها لبناء الأُمَّــة وقوتها ومنعتها، موضحًا أنه لو كانت الوسائل الدبلوماسية أَو أية وسيلة أُخرى هي الاتّجاه الصحيح لحماية الأُمَّــة لكانت متاحة لرسول الله صلوات الله عليه وعلى آله.
ويوضح السيد القائد بأن فقدان الروح الجهادية في الأُمَّــة يشكل خطرًا حقيقيًّا عليها، وهذا من الدروس المهمة المستفادة من سيرة الرسول وما قدمه القرآن عن جهاده ودوافعه، مؤكّـداً أن فقدان الروحية الجهادية يحدث فجوة كبيرة في مسيرة الاقتدَاء برسول الله والانتماء الإسلامي والنتائج تكون خطيرة على الأُمَّــة الإسلامية، التي هي بحاجة للعودة إلى شخصية الرسول للاستفادة منها في مسيرة الجهاد والاهتداء والاقتدَاء والتأسي، مع الاعتماد على القرآن الكريم كجانب أَسَاسي، حَيثُ كانت حركة النبي الجهادية في سبيل الله متميزة على مستوى الأداء الراقي في تنفيذ المهمة وأداء الواجب على أرقى مستوى.
ويبين أن فقدان الروح الجهادية وتراجع ارتباط الأُمَّــة بالرسول والرسالة الإلهية والقرآن هبط بها في واقعها وأوصلها إلى الحضيض وأفسح المجال لشر خلق الله اليهود، مؤكّـداً أن بالجهاد سترتقي الأُمَّــة الإسلامية على كُـلّ المستويات، وتستعيد الأُمَّــة دورها بين كُـلّ الأمم وتكون رائدة.
ولهذا ووفق السيد القائد فَــإنَّ فقدان الروحية الجهادية أوساط الأُمَّــة الإسلامية وفي أكثر شعوبها وحكوماتها، وعلى نحو واضح ومؤسف، له نتائج واضحة، منها جعل تلك الأنظمة والحكومات تعمل على استرضاء العدوّ وتقديم التنازلات ودفع الجزية له والسعي لأن تحظى بحمايته في مقابل التعاون معه ضد أمتها.